ما بين المدرسة والحال الحيرة تأخذ بلباب عقلها.. لا أحد يعرف كيف تدير «ليلى» شؤون أسرتها.. فقط يرونها تخرج صباحاً تحمل «عدة الشغل» وتعود مساءً.. تخلو غرفة «الجالوص» طوال اليوم من القاطنين.. والحيرة تراود «ليلى» ذلك اليوم وهي تعتزم الذهاب إلى مدرسة ابنها الذي طالبوه بحضور ولي أمره.. جاءت باكراً وضعت عند مدخل المدرسة أشياءها لعلها تدرك يومية عملها بعد أن تقابل مديرة المدرسة.. تهللت آمالها عندما جاءت المديرة باكراً.. «أهلاً مرحب.. خير يا أخت».. «السلام عليكم الست المديرة.. أنا أم الطالب يحيى».. و«والله طبعاً يحيى دا طالب متميز لكن الأيام دي غيابه كتر.. يعني بيجي يوم ويغيب يوم.. عايزين نعرف السبب شنو.. عشان كده رسلنا ليكم دون علمه، وبالمناسبة شكلو كدا اليوم ما جاي المدرسة».. الدهشة والحيرة تأخذ بتلابيب عقلها «يا ربي الحاصل شنو».. «خلاص يا الست أنا بشوف الموضوع شنو وبجيكم توروني أعمل شنو».. لأول مرة ليلى تحمل «عدة الشغل» بلا همة.. كأنما خنجر قد غرس في أوصالها العميقة ومرت تفاصيل اليوم بعد ذلك كما ألفتها.. وما أن وصلت البيت حتى بادرت يحيى بالسؤال «عامل كيف في المدرسة».. «تمام يا أمي».. «عاد تمام بي وين.. وإنت غائب طوالي..».. «عرفتي من وين».. «عاد بنفع تكضب على أمك».. «ما قالوا ليك أنو مستواي ممتاز في القراية..».. «طيب مالك بتغيب يا وليدي.. بتمشي وين النهار كلو».. «يا أمي براك شايفة الحال وإنتي ما بتقدري براك على كل شيء.. وأنا ما بحب أتقل عليك بالطلبات والمصاريف عشان كده يمة أنا بشتغل مع الطيب الميكانيكي يوم من بعد يوم هو راجل فاهم الظروف ما قاعد يقصر معاي».. «سجمي يا وليدي.. شن فايدة حياتي ومرقتي من الصباح لأنصاص الليالي.. الترابة في خشمي أكان ما قريت ودخلت الجامعة».. «يمة قولي بسم الله وختي الرحمن في قلبك.. أنا تب عوجة ما بعملها وإن شاء الله الجامعة بخشها.. بس أرضي علي.. وأنا ما بقصر في الدروس البتفوتني..». آخر الكلام: كررت نفس المشوار الصباحي للمدرسة ولكنها بادرت المديرة بسؤالها «يحيى مستواه كيف هسه». سياج - آخر لحظة التاريخ 27/07/2009 العدد 1069 [email protected]