!! * لم يكن رجما بالغيب أو (شطارة) مني ما قلته هنا قبل بضعة ايام ان الفكر التكفيري (غول لا يشبع) ولن يتوقف على فئة معينة بل سيتمدد ليشمل قطاعات عديدة في المجتمع، وانما على خلفية التجارب المريرة الكثيرة التي شهدتها البشرية بسبب الفكر التكفيري منذ قرون بعيدة، وهاهو الامير نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير داخلية المملكة العربية السعودية الدولة التى تطبق منهجاً دينيا صارماً ويتهمها الكثيرون بأنها سبب رئيسي في ظهور الفكر المتطرف في العصر الحديث وعانت منه ما عانت يتعرض لمحاولة إغتيال فاشلة من أحد (التكفيريين)، فهل سمو الامير نايف .. ( شيوعي مصلي) حسب معايير التكفير الجديدة، أم ملحد؟! * وفي السودان دعت (رابطة العلماء الشرعيين) الموقرة التي لم يمر على تكفيرها للحزب الشيوعي اكثر من اسبوع، دعت في ندوة عقدتها أول أمس بجامعة الخرطوم الى ضرورة التصدي لما أسمته ب(الواجهات) التي(يمارس من خلالها الحزب نشاطه السياسي الهدام)!! أي أن (شهية) الفكر التكفيري سرعان ما تخطت ( اسم) الحزب الشيوعي وعضويته المعروفة لتلتهم ( أسماء) و(جهات) اخرى لم تسمها الرابطة، بدعوى انها (واجهات) للحزب الشيوعي، حتى لو لم تكن هذه الجهات كذلك ( والجملة الاخيرة من عندي)!! * ولا تكتفي الرابطة بتهمة التكفير، ولكنها تحرض جهة رسمية على التصدي لهذه الواجهات و(إدخالها في الجحور)، بل إن عضو الرابطة الشيخ الجليل محمد عبدالكريم يقول ان فتواهم بتكفير الحزب جاءت على خلفية تدشين دار الحزب بالجريف والعمل على استقطاب الشباب عبر بوابة (الرقص والطرب) وليس الأفكار(جريدة الرأي العام 30 أغسطس)، أى أن (الرقص والغناء) في رأي الشيخ الجليل مما يستوجب التكفير، وهكذا تتسع الدائرة شيئاً فشيئاً !! * تلك الجهات أو (الواجهات) كما أسمتها الرابطة الموقرة، قد تكون أي (أفراد) أو تنظيمات سياسية أو جماعات حقوقية أو نسوية أو غنائية أو مسرحية أو حتى (جماعة من المصلين) حسبما أفتت الرابطة بأن (الشيوعيين كفار حتى لو كانوا مصلين)، الأمر الذي يعني نظريا وعمليا إمكانية دمغ أي شخص أو جهة بالشيوعية وتكفيرهما حتى لو لم يكونا شيوعيين، على خلفية الاختلاف في الرأي أو (الكراهية) التي نهى الله سبحانه وتعالى الكريم ان تكون سبباً لظلم الناس (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا) صدق الله العظيم . * يتضح جلياً أن الفكر التكفيري ليس له سقف، ولن يسلم منه حتى (الفكر التكفيري) نفسه، الذي سيجد نفسه مواجهاً ذات يوم بذات الفكر فتشيع الفوضى والخراب في المجتمع السوداني مثلما حدث في مجتمعات كثيرة جدا، ولا اعتقد ان اي سوداني عاقل بمن في ذلك الشيوخ الأجلاء اعضاء الرابطة الموقرة نفسها، يريد ذلك، خاصة وقد لمسنا من أقوالهم إستعدادهم للحوار والمراجعة، ولنا عودة بإذن الله !! [email protected] جريدة السودانى،31أغسطس، 2009