صباح مغاير لكل الصباحات المعتادة.. ذلك الصباح الذي جاء وأنت غائب عن الوجود تكتنف الرؤية الضبابية ولا وضوح.. وتبتعث الدواخل إشارات البحث المستدام عن الخيط الرفيع الذي يقود الى الطريق إلى دلائل المعالم.. أتبع آثارك خطوة بخطوة في خيال العشم وتمنى الإدراك.. أحسك قريباً بقدر ما تبتعد الخطوات ما بين الحياة والموت.. لم استطع استيعاب غيابك الأبدي.. هل حقاً أنت مت؟ عبرت؟ رحلت؟.. ما أصعب هذا التساؤل والإجابة عليه.. نعم رأيتهم بعيني يحملونك على تلك الحدباء.. لفافة بيضاء كبياض الأحلام التي تمنينا أن نعيشها سوياً.. مضى كل شيء في هدوء قاتل.. لا تجدي الدمعات ولا يفيد التمني.. ليت تلك اللحظة لم تأتِ.. لعل الزمن توقف عند حيوية حركتك وحبك للحياة المقبلة.. بنينا الأحلام قصوراً في الفضاء وتعشمنا أنها الحق المشروع.. أين أنت من مفترق الأحلام والواقع.. أمك تبكي بحرقة على نداوة ما كانت تأمله فيك ومنك.. وأنا يستعصي عليّ الدمع حد الإستعصاء.. التفوا حولي كأنهم يدركون أن محوري قد اهتز وأصابه الرحيل في مقتل.. رأيت في عيون بعضهم بعض الشفقة.. منهم من يتعطش لرؤيتي بدونك.. حائرة فاقدة الدليل.. منهم من يدفعه فضوله لمعرفة كيف كان تأثري على ما جرى من قدر قاسٍ.. وبعضهم كأنه يقول «جلبتِ له القدر المستعجل».. حقاً قد كانت قدراً متعجلاً ومتسارعاً.. لم تفارق ذهني تلك اللحظة والدماء تنتشر في أرجاء المركبة العامة والجرحى (يتطبطون) على بعضهم، أما أنت فكنت في سبات عميق.. وجهك الطفولي ينم عن ابتسامة الوداع الغامضة.. هي ابتسامة لكنها من نوع آخر.. من عالم ثانٍ.. من عابر آني.. يحمل كل أسباب التشبث بالحياة الأولى ولوعة المضي للحياة الأخرى.. لم أحس بألم الجراح على يدي التي كانت تنزف بغزارة، بلا شك أنهم سوف يسعفوني.. آخر الكلام: ما أقسى أن تفيق من لحظات لا تحبها لواقع ماثل تفتقد فيه العزيز.. القريب الذي ما توصلت اليه إلا بعد معركة حياة.. ليكون لك الفاصل بين الحياة والموت ولا حول ولا قوة إلا بالله.. سياج - آخر لحظة الثلاثاء 06/10/2009 العدد 1137 [email protected]