تضحكني المفارقات والمواقف الخارجة عن المألوف.. وفي مرحلة عمرية معينة كانت تضحكني النكات الوسخة.. ما لم أفعله قط هو الضحك على إنسان يواجه موقفا صعبا او جديدا عليه.. في بعض المطاعم قد أرى شخصا يناضل كي يستخدم الشوكة والسكين، واضعا البامبرز (الفوطة) في حجره، كما يفعل الآخرون، وقد أرى أن هناك من يراقبه ويضحك .. في المطارات وداخل الطائرات أشاهد أناسا في حالة ارتباك لأن تلك هي تجربتهم الأولى.. يربكهم الحزام على المقعد.. يخافون من الأزرار التي فوق رؤوسهم،.. يحسبون المضيفين والمضيفات جماعة \"أمن\"، وعند توزيع الوجبات تجدهم لا يلمسونها حتى يروا كيف يتعامل معها الآخرون.. لا أضحك على مثل تلك المواقف لأنه يا ما مررت بمواقف حرجة وتألمت لأن هناك من ضحك عليّ،.. لا أحب الضحك على الناس بل الضحك معهم.. ولكن إذا مر شخص ما أمامي بموقف حرج ثم ضحك فإنني أضحك من قلبي.. وفي اعتقادي فإن من يضحك على الغير وهم يواجهون مواقف صعبة تربكهم، شخص مريض.. ولكنني اعترف بأنني قد أضحك على بعض تلك المواقف إذا لم ينتبه الشخص المجني عليه لضحكتي، او بعد تذكرها لاحقا من ذلك الصنف من المضحكات حكاية كتبت عنها كثيرا عن ذلك الصومالي البسيط الذي وصل الى دبي بحرا واختار مغادرتها جوا: استكمل إجراءات الجوازات وتوجه نحو الحاجز الأمني المخصص لفحص الأمتعة المحمولة باليد.. لنترك صاحبنا في حاله ونتكلم عن الشرطي الذي كان يراقب جهاز الكشف على الأمتعة.. ظهرت على الشاشة عدة حقائب صغيرة وهو جالس، منفوشا كالديك.. وفجأة انتفض واقفا واندفع يجري على غير هدى.. انتبه زملاؤه لحاله وجروا ولحقوا به وسألوه: وش فيك؟ تعوذ من الشيطان يا معود؟ فصدرت عنه همهمة راعشة: مي .. مي.. سألوه: خير مالها مي؟ هل هي زوجتك او قريبتك وأصابها مكروه؟ واصل الهمهمة: لا.. مي.. جث، جث.. أمسك به احد زملاؤه بقوة وطفق يقرأ عليه سورة الناس.. وفجأة انتبه الشرطيون الى تجمع بشري صاخب قرب سير الأمتعة.. وخوفا من حدوث فوضى في المطار قادوا صاحبهم الى حيث الصخب، وتساءلوا عن سر الفوضى، وعندها فقط علموا بأمر \"مي\".. عرفوا أن صوماليا استلقى فوق سير الأمتعة وتعرض لطوفان من الأشعة وأدركوا أن \"مي\" هي ثلثا كلمة \"ميت\" كما ان \"جث\" هي ثلثا كلمة \"جثة\".. وزميلهم معه حق في أن يصاب بالجنون المؤقت او الدائم لأنه رأى هيكلا عظميا على الشاشة و\"الشيء الذي يجنن\" هو ان الهيكل كان يتحرك ويتقلب.. يعني حدث في مطارات كثيرة أن تم ضبط مجرمين يهربون جثث ضحاياهم لسبب او لآخر، ولكن أن يكون هناك ميت ضمن الأمتعة ثم \"يغير رأيه\" ويفرفر ويحرك يديه وساقيه فهذه تجربة غير مسبوقة. على ذمة صحيفة الشرق الأوسط فقد شهد مطار القاهرة في يوم واحد عدة حوادث عجيبة، أطرفها بطلها راكب مد جواز سفره الفنلندي الى ضابط الجوازات فكاد الضابط ان يدخل في غيبوبة.. استعاذ الضابط من الشيطان ثم سأل المسافر: ده جوازك؟ هل أنت تحمل الجنسية الفنلندية؟ وكانت الاجابة على السؤالين ب \"نعم\".. باختصار ما حدث هو ان صاحبنا كان صوماليا، وجد ذلك الجواز بطريقة أو بأخرى وقرر استخدامه للهجرة الى أوربا.. نجح في وضع اسمه محل اسم صاحب الجواز الأصلي ولكنه نسي أمر الصورة، وهكذا وقف أمام الضابط وقدم له جوازا يحمل صورة رجل شديد البياض بينما هو من السواد بحيث يبدو جعفر عباس السوداني مقارنة به سويديا.. هذا الصومالي المسكين ليس مجرما ولو كنت قاضيا ومثل أمامي لاكتفيت بابتسامة وأفرجت عنه بعد توبيخه بلطف. أخبار الخليج - زاوية غائمة [email protected]