عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    ليلى علوى توشك على الانتهاء من "المستريحة" وتواصل "جوازة توكسيك"    حسن الذي عرّف كويلو بمصر    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الدوري الخيار الامثل    عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    القوات المسلحة تصدر بيانا يفند أكاذيب المليشيا بالفاشر    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    مخرجو السينما المصرية    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأس مانديلا
نشر في النيلين يوم 22 - 06 - 2010

ما من شعب في الكون يمكن أن يكون أسعد من شعب جنوب أفريقيا ، الذي يتغذى هذه الأيام ويتنفس أفراح المونديال ، ولعله يسابق الزمن لتتعانق لحظة الإنطلاق مع كمال الإعداد ، ليكون الفرح الكبير في قامة أفريقيا ، لذا فإن الشغل الشاغل في هذا البلد أن يكون في مستوى التحدى الذي أنيط به .. بل أن الكثيرين في المدن التي ستقام عليها الفعاليات ، يفكرون ويقولون ما الدور الذي سنؤديه لنفيد ونستفيد من هذا الحدث الذي لن يتكرر .
وفي ذات الصدد صرح رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما :- ( أن حماس شعب جنوب أفريقيا تجاه نهائيات كأس العالم لكرة القدم يقف على قدم المساواة مع المشاعر التي سادت البلاد قبل عشرين عاما حين تم الإفراج عن الزعيم والرئيس الاسبق نيلسون مانديلا ) - إنتهى - .
وفي ذلك إشارة واضحة الى مستوى الفرح الذي يغمر هذا الشعب .. الذي يرى في إقامة هذه الفعاليات ، فرحا حقيقيا ، بل مكأفأة حقيقية لتعويضه سنوات الذل والهوان . لذا يسعى الشعب الجنوب أفريقي الى تأكيد أحقيته ، وجدارته بهذا الفرح ، لذا فإن شعورا قوميا يتغلغل في كيان كل أفراد الشعب بضرورة إثبات الذات والوجود ، من خلال هذا الحدث الكبير ، الذي سيغير ملامح هذا البلد العريق .
ولعل التقارير الوارده من هناك ، تعكس لنا الهالة الكبيرة من الفرح الملون الذي يزين المدن ، بل الذي يغلف مشاعر الناس ، والذي فجر مكامن الحس الوطني في شرايين الدولة المضيفة ، من خلال ألوان ( قوس قزح ) وأعلام البلاد ، وشكل الرقصات والجدران والإعلانات والمنشآت التي شيدت لهذه الغاية الكبيرة .
والشعب الجنوب أفريقي شعب ، له طريقة خاصة في التعبير عن الفرح ، بل بالتعبير عن المواقف ، حيث تعبر عن ذاتها من خلال الرقصات المختلفة ذات الإيقاعات الأفريقية ، التي تجعل الحماس يتغلغل في الوجدان ، ومايزال الكثيرون يتذكرون ، كيف كان هذا الشعب يعبر عن إحتجاجاته ضد العنصرية من خلال الرقص ، حتى تحقق له الإستقلال التام .
بل أن الآمال العراض ، تجتاح الدولة المضيفة ، بأن يشهد الرئيس التاريخي ( نيلسون مانديلا ) جانبا من فعاليات الدورة ليعطيها بعدا جديدا .. رغم تخلفه عن الإفتتاح لكن الأمل يحدوهم بأن يكون الرجل حضورا في مسك الختام ، خاصة وأنه شارك بقوة في تقوية حظوظ جنوب أفريقيا بدعم ملفها للفيفا ، كرمز يعني الحرية حيث يعتبر الرئيس الأوحد الذي خرج من السجن الى سدة الحكم بعد ( 27 ) سنة من الحبس الظالم ، بل إستطاع الرجل أن يحول الضيم الى سماحة ، بالعفو عن كل الذين شاركوا في إعتقال شعب بأكمله ، ليضيف أدبيات جديدة في رصيد هذه الأمة .
مازال الكل يتذكر تلك اللحظة التاريخية الخالدة التي ظهر فيها نيلسون مانديلا متقدما في السن ومرتجفا بعد إطلاق سراحه من سجن فيكتور فيرسيتير، وهو يرفع يديه في قبضة واحدة إلى السماء مناديا الجماهير المحتشدة في الميدان ليطلق العبارة الشعبية الشهيرة ( أماندلا ) التي تعني السلطة للشعب بلغة ( الزولو) ، لكن جمال العبارة أنها تشبه الى حد كبير إسم مانديلا نفسه .
ففي مثل هذا اليوم كان المعتقل السياسي الأشهر قد أمضى ما يناهز ثلث حياته في الزنزانة ، وقد وقف العالم شاهدا ذلك اليوم على إحدى أهم خطوات نيلسون مانديلا في مشواره الطويل نحو الحرية الذي امتد لثلاثين سنة كاملة ، حيث مازالت الصور تخلد لحظة خروجه برفقة السيدة ( ويني ماديكيزيلا مانديلا ) التي كانت زوجته آنذاك ، وقد بدا واثق الخطى ، ثابت القوام ، وبإبتسامة صادقة فيها يقين بالنصر .
أما زوجته الثالثة غراسا ماشيل فتحمل نظرة واضحة عنه . ففي مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية قالت أنه رجل مميز ، وأحال البلاد الى عالم متميز ، غير أنها استدركت أن زوجها الذي يعتبر رمزا . ليس قديسا ، فهو لديه نقاط ضعف مثل سائر الناس ، لكن من جمائل شخصيته أنه جعل كاس العالم ممكنا .
ويغيب مانديلا الذي تجاوز الأعوام التسعين ، عن الجمهور المتعطش لأي إطلالة له ، لكن المؤسسة التي تحمل اسمه تنفي بشدة الإشاعات حول تراجع صحته ، وتؤكد حضورة المونديال ولو في خواتيمها ، كصورة تجسد روعة هذا الرجل ، ولتأكيد أن دوره في الحياة مازال مؤثرا .
ويكاد تاريخ مانديلا في فترة شبابه إن يختفي من الذاكرة الجماعية. إذ لا يذكر عنه اليوم سوى كونه رجل المصالحة الذي جنب جنوب إفريقيا حربا أهلية إنتقامية كانت تهدد البلاد في التسعينات من القرن الماضي ، عقب المرارات التي ذاقها شعبه .
وبحسب أوبري ماتشيقي الباحث في مركز الدراسات السياسية فان مانديلا تحول إلى رمز عندما سجن في جزيرة روبن، رمز القمع والعزل، كما أن الاعتدال والتسامح اللذين أبداهما بعد الإفراج عنه ساهما في زيادة نقاء هذه الصورة.
وهنا يحق لشعب جنوب أفريقيا أن يفاخر نفسة بأهم حدثين في التاريخ الحديث ، وهما التحول السلمي من الفصل العنصري الى الديمقراطية التسامحية ، ثم إثبات الذات من خلال إقامة أكبر عرس رياضي في العالم على أراضيها ، ليصبح كأس مانديلا حقيقة تلامس الواقع ، ورمزا جديدا لشعب لا يعرف المستحيل .
......
ملء السنابل تنحني بتواضع ... والفارغات رؤوسهن شوامخ
.....
صلاح محمد عبدالدائم شكوكو
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.