يحفظ التاريخ الافريقي للسودان دوره العظيم في تحرير العديد من دول القارة من قيود المستعمر برجاله وسلاحه وماله، وعلى رأس هذه الدول جنوب أفريقيا التي جثم الاستعمار على صدرها عقوداً من الزمان حتى فك أسره فكان الشعب السوداني أول من احتفل وهلّل لاستقلال جنوب افريقيا بشعور الانتماء لشعبها في العام 1994 ولم تكن فرحتنا اقل من فرحة شعب جنوب أفريقيا. وسعدنا كثيراً عندما منح الاتحاد الافريقي حق تنظيم نهائيات أمم أفريقيا 1996 لذلك البلد واعتبرنا انها لمست وفاءً للمناضل نيلسون مانديلا الذي قدم اعظم نموذج في النضال ضد المتعمر والتضحية من أجل الوطن بعد ان قضى كل شبابه وربيع عمر في السجون فاصبح رمزا عالميا ومضربا للامثال. وكانت سعاتنا اكبر بمنح الاتحاد الدولي حق تنظيم اول نهائيات لكأس العالم في قارة افريقيا لجنوب افريقيا، وتمنينا ان يكون منتخبنا متواجداً في هذا العرس العالمي الذي لن يتكرر قريباً. بل ووقّع السودان الكثير من الاتفاقيات مع حكومة جنوب افريقيا وفتح اراضيه وقدم كل امكانياته لشركات ورجال جنوب افريقيا للاستثمار في السودان. وما قدمه السودان لجنوب افريقيا وشعبها يعرفه الشعب ويعرفه المناضل نيلسون مانديلا ورجاله وكنا نتوقع ان يقابل ذلك بوفاء ورد جميل، بل توقعنا ان يكون الرئيس الذي يجلس على كرسي نيلسون مانديلا يحمل نفس فكره وميزاته ويسير على طريقه في رفض الاستعمار والعبودية وان يكون مالكاً لقراره وليس لعبة في يد امريكا ومخالبها. ولهذا نأسف جداً على التصريح الذي اطلقه رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما وهو يقول انهم وجهوا الدعوة للرئيس السوداني عمر البشير لحضور حفل افتتاح نهائيات كأس العالم، ولكنهم لن يَتَردّدوا في تسليمه للمحكمة الجنائية في حالة حضوره تطبيقاً لاتفاقية روما. لا نقول لجاكوب، إنّ البشير لو أراد حضور نهائيات كأس العالم لن تسطيع اية جهة ان تعترضه كما أثبت ذلك عملياً ولكن نقول له من المؤسف ان تأتي هذه التصريحات من رئيس دولة عانت من الاستعمار ورئيس شعب دفع ثمناً غالياً حتى نال حريته ولم نكن نتوقع انك ورثت كرسي الرئاسة من المناضل نيلسون مانديلا بنفس فكره ومبادئه وتحمل نفس رسالته، ولكن وضح انك صورة مقلوبة. أسأل يا جاكوب عن السودان وشعبه وقياداته حتى تتعلّم كيف تقول لا في وجه اعداء الحرية ونقول لك ولغيرك من أراد ان يقبض على البشير ان يوسع سجونه وقاعة محكمته لتسع كل الشعب السوداني فإن كان البشير مجرماً فالشعب السوداني كله مجرمون. المجرمون الحقيقيون يا جاكوب هم الذين استعبدوا الشعوب الافريقية ونهبوا كل ثرواتها وفي مقدمتها بلدك وشعبك. كنا نحترمك لو قلت نرحب بالرئيس السوداني وانه سيكون تحت حمايتنا ولكنك لست مانديلا العظيم.