الله وحده يعلم ما تخفي وما خفت الصدور؛ ولكن الظاهر منها كان يقول للعالم بأسره إن الزعيم الراحل جون قرنق دي مبيور كان رجلا وحدويا خالصا أراد ان يرى السودان موحدا على أسس العدالة والتقسيم المنصف للثروة والسلطة؛ إلا أن يد المنية لم تمهله إلا بمقدار دخوله القصر وخروجه منه فقط بعد واحد وعشرين عاما قضاها في تخوم الأحراش والغابة ومثلها في فخيم القصر الرئاسي! كثير من أبناء الشمال والجنوب تمنوا لو ان القائد جون قرنق ظل حيا ليظل الوطن موحدا بشعبه وأرضه ولكنها إرادة الله وهو وحده العالم ببواطن الشر والخير في حكمة انقسام وانشطار البلد الى نصفين !! في يوم احتفال دولة الجنوب برفع علم استقلالها وإعلان الدولة الجديدة غاب القائد جون قرنق دي مبيور وشيخ علي عثمان محمد طه ..غاب الرجلان اللذان حققا السلام للجنوب بتوقيعهما اتفاقية نيفاشا التي اعتبرها البعض طوق النجاة للوطن من شر الحروب واعتبرها البعض الآخر (ورطة) تاريخية أدت لانقسام بلد ظل مليون ميل مربع لسنوات طوال، ثم انشطر في عهد حكومة الإنقاذ (جالبة السلام والانقسام) !! غياب الرجلين أحدهما غياب قسري بالموت، وغياب الآخر ربما بالقهر والإحساس بالحزن لأن انقسام السودان ولو كان قد تم الاتفاق عليه من خلال اتفاقية نيفاشا، إلا أن الأمر قاس ومؤلم على كل صاحب ضمير وذرة وطنية في دمائه عندما يصبح واقعا ملموسا !! الراحل جون قرنق دي مبيور- اختلف الناس او اتفقوا- حوله إلا أنه من المستحيل ان ننكر عليه انه (رجل سلام) وقد أتى بالسلام للجنوب بعد طول حرب ضروس ! والأستاذ علي عثمان محمد طه اختلف الناس او اتفقوا حوله لا يمكن ان نبخسه أشياءه وننكر عليه إسهامه من أجل تحقيق السلام بين الشمال والجنوب ! لذا يسعدني أن يبادل شعب الجنوب وفاء الراحل جون قرنق لهم بوفاء مثله؛ بأن يضعوا صورته على عملة دولتهم الجديدة ؛ كما أتمنى ان أجد شارعا في الخرطوم وقاعة للمؤتمرات باسم الراحل د. جون قرنق دي مبيور، وأتمنى كذلك ان اجد اسم الشيخ علي عثمان متصدرا مداخل إحدى القاعات الفخيمة بعاصمة الجنوب، وكذلك ان يسمى أحد شوارع العاصمة جوبا باسمه ! وهكذا هو الشعب السوداني في الشمال والجنوب يتسم بالوفاء ولا يبخس الناس أشياءهم مهما اختلف او اتفق معهم ! وليجعل الله الخير في الوطن موحدا ومنقسما، وليكفه شرور الحروب يا الله ! و طوبى لفقيد السلام في عليائه!! نادية عثمان مختار مفاهيم - صحيفة الأخبار - 2011/7/14 [email protected]
