** تابعت البارحة مرافعة البروف مأمون حميدة، وزير الصحة بولاية الخرطوم، حول بعض قضايا الساعة، في برنامج صحة وعافية والذي يقدمه الدكتور عمر محمود خالد بالنيل الأزرق.. للأسف، لم يقل البروف حميدة كل الحقيقة - بل ولا حتى نصفها - في مرافعته حول قضية طوارئ مستشفى بحري، واجتهد كثيرا في تبرئة إدارة المستشفى عما حدث في تلك الليلة، واختزل القضية في نصوص فحواها: (المرضى لم يموتوا بنقص الأوكسجين، والمريض الأمين الذي مات وهو بحاجة الى أوكسجين لم يفقده بعدم توفر الأوكسجين فى المستشفى، ولكن مات وهو بحاجة الى الأوكسجين لعدم توفره في قسم الطوارئ وذلك بسبب أزمة نقل الأسطوانات من الأقسام الأخرى الى قسم الطوارئ، وعلى أسر المتوفين التوجه الى القضاء والمجلس الطبي إذا أرادت ذلك)، هكذا جاء جوهر مرافعته، ولم يعترف بخطأ من حزمة الأخطاء التي تتجلى بوضوح في ملف القضية..!! ** لم يعترف البروف حميدة بأن تقرير المدير الطبي الموثق - في دفتر أحوال تلك الليلة - كان يجب أن يؤخذ به في مرحلة تقصي الحقائق، لأن ذاك التقرير يقف شاهدا لا على حال الوفيات وأسبابها فحسب، بل على أحوال ما حدث في كل تلك الليلة من ارتباك واضطراب، وذلك بسبب: (منذ مساء الاثنين 9 يناير وحتى صباح الثلاثاء 10 يناير لم يكن بقسم الطوارئ ولا أنبوبة أوكسجين).. تلك هي القضية الأساسية يا عالم، وذلك لحيث إثبات أسباب وفاة ثلاثة مرضى.. نعم أسباب الوفاة المعلنة - حسب تقرير المدير الطبي - هو نقص الأوكسجين، وبما أن لجنة التحقيق التى شكلها البروف حميدة لم تعترف بتقرير المدير الطبي ولم تأخذ بشهادته، فليس هناك من فيصل غير تشريح الجثامين.. ولذلك، فلندع السجال هو أسباب الوفاة، فالموتى تحت الثرى وتلاعبت لجنة التقرير في أسباب وفاة أحدهم الموثقة في المحضر، وندع كل ذلك ونسأل البروف حميدة فقط عن مخاطر عدم توفير الأوكسجين بقسم الطوارئ ليلة كاملة.. أليس في هذا الإهمال ما يعرض حياة الناس الى مخاطر ومآسي؟؟. ** نعم، فلنتجاوز تقرير المدير الطبي كما فعلت لجنة التحقيق، وكذلك فلنخفِ عناوين المرافقين للمرضى المتوفين كما فعلت إدارة المستشفى، بل نتمادى في التستر ونزعم بأنه لم يمت أحد ولم يستقبل قسم الطوارئ أي مريض في تلك الليلة، وفقط نقف عند اعتراف إدارة المستشفى ولجنة التحقيق والبروف حميدة بعدم توفر الأوكسجين في قسم الطوارئ طوال ساعات تلك الليلة.. أليس هذا وحده كافيا بأن يذهب المدير العام ونائبه ومدير الطوارئ ومسؤول الأوكسجين غير مأسوف عليهم؟.. في الدول التي أنظمتها وأجهزتها تحترم آدمية الإنسان وكرامته، أزمة الأوكسجين بالطوارئ قد تؤدي الى ذهاب وزير الصحة ذاته، ناهيك عن إدارة المستشفى.. ولكن نتواضع فى طموحاتنا ونقزم غاياتنا، ونسأل البروف حميدة ومدير عام الوزارة: لماذا التستر على خطأ فادح وقاتل كهذا، بحيث تعجزون عن محاسبة إدارة المستشفى ولو بعتاب شفاهي من شاكلة (ياخ إنتو غلطانين، وفروا الأوكسجين فى الطوارئ)..؟.. ثم البروف حميدة يبرر عدم توفر الأوكسجين بقسم الطوارئ بتبرير من شاكلة (كان في مشكلة في نقل الأسطوانات من الأقسام التانية لى قسم الطوارئ)، فتأملوا بالله عليكم هذا التبرير الذي لم يخطر حتى على بال إدارة المستشفى ومسؤول الأوكسجين.. إذ قال مسؤول الأوكسجين للجنة التحقيق بالنص الموثق في دفتر التحقيق: (أمرني المدير بعدم مد الطوارئ بالأوكسجين)، ورد المدير للجنة قائلا بالنص الموثق في دفتر التحقيق أيضا: (أيوه أنا أمرته، لكن كنت بهظر معاهو ساكت)، ورغم هذا يتستر البروف حميدة على مزاح المدير ويحميه بتبرير: (ما كانت في مشكلة أوكسجين في المستشفى، لكن كانت في مشكلة في نقله من قسم العمليات إلى قسم الطوارئ).. حسنا، نقترح لمجلس وزراء حكومة الخرطوم بتوفير قطار وثلاثة لواري وركشتين وكارو لنقل الأوكسجين من قسم العمليات إلى قسم الطوارئ، بولاية (مستشفى بحري)...!! إليكم - السوداني [email protected]