الدعوة إلى الله هي دعوة إلى كنز لا يفنى ، والمقصود بها دعوة الناس إلى الإسلام بالقول والعمل . قال تعالى : [ قُلْ هَذِهِ سَبيلِي أَدْعوا إِلَى اللَّه عَلى بَصِيرَةٍ أَناَ وَمَنْ اتبَْعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أنَا مِنْ المُشْرِكينْ ] يوسف 108 ،، وقال تعالى : [ ادْعُ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَة وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم ْبِالتِي هِيَ أَحْسَنْ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبيِلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ باِلمُهْتَدينْ ] النحل 125 ،، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : { إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله ، وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فاعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم ، فإن أطاعوا لذلك ، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب } ،، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي مُتعمداً فليتبوأ مقعده من النار } ،، فالدعوة إلى الله سبيل الأنبياء والصالحين ،وفي القيام بها نشر للفضيلة وقمع للرذيلة ، وصلاح للأفراد ، وسعادة للشعوب ، وهي سبيل عظيم من سبل التقرب إلى الله ابتغاء رضوانه ، وأساليب الدعوة إلى الله كثيرة منها : الوعظ عن طريق الترغيب والترهيب ، والجدل والحوار ، وإقامة الحجة ، والقدوة والجهاد ، والتربية والتعليم والإعلام ، ودروس المساجد ، والخروج إلى القرى والمدن ، وسائر الأمكنة لدعوة الناس على بصيرة إلى عبادة الواحد الأحد سبحانه وتعالى .. والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة هي سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو يدعو إلى الله على نور من الله بإذن خاص من الله [ يَا أيُّهَا النبَّي إنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذيراً ، وَداَعِياً إِلى اللَّهِ بإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنيِراً ] الأحزاب 45- 46 . وسبيل الرسل مستقيم واضح لا عوج فيه ولا تشعب ولا غموض ، ولا ريب لأنه صراط الله الذي لا إلاه إلا هو ألا إلى الله تصير الأمور ، قال تعالى :[ هَذَا صِرَاطِي فاتَّبِعوه ُوَلاَ تتََّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقونْ ]الأنعام 153 ،، ولأن سبيل الرسل مستقيم وواضح ، فإن من اتبع سبيلهم نجا وأفلح لذلك أمر الله عزوجل باتباع سبيل من أناب إليه ، وكما أن الرسول يكون على بصيرة من ربه فكذلك اتباع الرسل يكونون على بصيرة من ربهم لأنهم يهتدون بهديه فهو لهم بمثابة الولي المرشد ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ تركتكم على المَحَجَّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك } والأتباع شركاء للرسول صلى الله عليه وسلم في البلاغ عن الله ، ولو كانت الدعوة مرتبطة بصاحبها - عليه أفضل الصلاة - لأنتهت الدعوة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانتقاله إلى الرفيق الأعلى ، ولكن الدعوة باقية في أمته بِهمَّة وجهود المسلمين من صحابة وتابعين ، وتابعي التابعين بإحسان إلى يوم الدين ،والفارق بين دعوته صلى الله عليه وسلم ودعوة أتباعه رضوان الله عليهم ، أن دعوته هي إذن خاص من الله ، أما دعوتنا نحن أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بإذن خاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : { نَضَّر اللهُ أْمرُءاً سمع مقالتي فوعاها فأدَّاها كما سمعها فرُبَّ مُبلِّغْ أوعى من سامع } وقال :{ لئِنْ يَهْدِي اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِن الدنيا َومَا فيها } . ولابد من الإخلاص في الدعوة لذلك على الداعي أن يدعو إلى الله على نور من الله يرجو رضاء الله تأدباً في ذلك بإمام الأنبياء وخاتم المرسلين وسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد ، فيتخلق بأخلاقه بعد أن يتعلم سننه وآدابه ويلتزم بأوامره ويجتنب نواهيه، فالدعوة علم وحلم ورفق وصبر وحكمة ، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا . إذن تلك هي مهمة الرسل واتباع الرسل، ألا وهي الدعوة إلى الله عزوجل على علم يقيني ونور ربَّاني ، لأن الدعوة إلى الله هي أشرف مهمة على الإطلاق ، وتحتاج إلى مواصفات خاصة يجب أن تتوافر في الدعاة عامة وفي الرسل والأنبياء خاصة ، مثل الصدق ، الأمانة ، التبليغ ، الفطانة ، العصمة ، السلامة من العيوب المنفرة ، ونظرا لأن الدعاة عامة والرسل خاصة لابد وأن يتحلوا بكثير من الصبر لتحملهم مشاق كبيرة في سبيل البلاغ ، ويتعرضون لشتى صنوف الأذى والإضطهاد من أقوامهم وربما يتعرضون للقتل ، كانت حكمة الله ألا يختار الرسل إلا من بين الرجال الصفوة حتى يؤدوا مهامهم على أكمل وجه ويكونون بمثابة نماذج وأسوة للخلق للوصول إلى ارضاء الحق سبحانه وتعالى . هنادي محمد عبد المجيد [email protected]