سيدنا محمد نبي الله ورسوله الكريم هو الإنسان الكامل الذي خلقه الله وطهّره من حظ الشيطان ، وإن كان الكمال لله وحده فقد أضفى الله عليه من كماله وجماله وعظمة شأنه وهيبته ووقاره ، وإن كان الغرب يتحدث عن الإنسان الكامل ويصوّرونه على هيئة ( السوبرمان )، فإن سيدنا محمد هو هذا السوبرمان الذي نسجه خيالهم المريض الناكر للحقيقة ورافض لواقع قد تحقق منذ أربعة عشر قرناً ، بل وفاق سوبرمانهم المزعوم الذي لم يستطع أن يعرج إلى السماء السابعة ويلقى ربه الخالق . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلم الخلق وأشجعهم وأعدلهم وأسخاهم ، يخصف النعل ويرقع الثوب ويخدم في مهنة أهله ، ويقطّع اللحم معهّن ، أشدّهم حياءاً ، لا يُثبّت بصره في وجه أحد ، يجيب دعوة العبد والحُر ، ويقبل الهدايا وإن قلّت ، ويُكافئ عليها ، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها ، تتبعه الأَمة والمسكين فيتبعهما حيث دعواه ، ولا يغضب لنفسه وإنما لربه عزوجل ، عرض عليه الإنتصار بالمشركين فأبى ، وكان يعصب الحجر على بطنه من الجوع ، ومرّة يأكل ما وجد ولا يردّ ما حضر ولا يتورع عن مطعم حلال ، إن وجد تمراً دون الخبز أكله ، أو لبناً دون خبز اكتفى ، وإن وجد بطيخاً أو رُطباً أكله ، كان لا يأكل متكئاً ولا على خوان ، لم يشبع من خبز ثلاثاً حتى لقي الله تعالى إيثاراً على نفسه لا فقراً ولا بُخلاً ، يحب الوليمة ويعود المرضى ويشهد الجنائز ، يمشي وحده بين يدي أعدائه بلا حارس ، أشدّ الناس تواضعاً ، أبلغهم في غير تطويل ، وأحسنهم بشراً ، لا يهوله شيئ من أمور الدنيا ، يلبس ما وجد ، يردف خلفه عبده أو غيره ، يجالس الفقراء ، ويؤاكل المساكين ، يصل ذوي رحمه ، يمزح ولا يقول إلّا حقاً ، ويضحك في غير قهقهة ويرى اللعب المُباح فلا يُنكره ، وسابق أهله على الأقدام ، وتُرفع الأصوات عليه فيصبر ، له إبل حلوب وغنم يتقوت هو وأهله من ألبانها ، وله عبيد وإماء لا يتفضل عليهم بمأكل ولا ملبس ، يخرج إلى بساتين أصحابه ويقبل البر اليسير ، ولا يُحقّر مسكينا لفقره ، ولا يهاب ملكاً لملكه ، ويدعو الجميع إلى الله تعالى ، أُطعِم السم وسُحِرَ فلم يقتل من سمّه أو سحره ، وهو أمّي لا يقرأ ولا يكتب ، نشأ في الصحارى في بلد فقر وذي رعية غنم ، رباه الله محفوفاً باللطف يتيماً ، فعلّمه الله جميع محاسن الأخلاق ، أين نحن من مثل هذه الصفات ؟! - وفّقنا الله لطاعته والتأسي بأفعاله وأقواله - . * يقول إدوارد رمسي المستشرق الأمريكي : " وأمّا الأديان السماوية التي جاء بها موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء ، فقد فقدت نقاءها وفضيلتها الأصلية ، فكان من فضل الله وكرمه ورحمته أن بعث النبي العظيم الخاتم والرسول الكريم محمد بن عبد الله رحمة للعالمين " . * ويقول جيبون : " إنّ النصرانية في القرن السابع للميلاد قد استحالت إلى وثنية " . * ويقول موير في كتابه ( حياة محمد ) 1819 - 1905 : " إن النصرانية في القرن السابع للميلاد ، قد أصبحت فاسدة مشوهة " . * وقال برنارد شو : " لو أنّ محمد بن عبدالله بيننا لحل مشاكل العالم ريثما يتناول فنجاناً من القهوة " . * وقال يوزورث سمث : " إن محمداً - بلا نزاع - أعظم المُصلحين على الإطلاق " . رسول الله مُحمد هو سرّ الحياة ، والسراج الهادي إلى الحنيفية السمحة المُيَسّرة التي رفع الله فيها وبها كل الحرج ، كانت سُنّة الله للمتكبرين والطغاة هي الإستئصال ، الأخد بالعذاب ، ولكن الله رحِم هذه الأُمّة بأن أخّر عذاب العصاة منهم إلى الآخرة ، ورفع عنهم العذاب لسببين ، الأول : لأن الرسول محمد فيهم ، والثاني : طالما كانوا مستغفرين ، وقد وهب صالحهم لطالحهم شريطة ألا ينقطع الصالحون عن النصح والإرشاد ، ولا يغفل الطالحون عن الإستغفار والتوبة ، وقد أخبرنا الله بأننا إذا كنّا صالحين فظهر الأرض أولى بنا من بطنها ، إشارة إلى إمكان الحياة واستمرار العمران ، وإذا كنا غير ذلك فبطن الأرض أولى بنا من ظهرها إيذانان بالنهاية وقيام الساعة إذا ما أمعنت البشرية في غيّها ! قالت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : " إن أول ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين أراد الله كرامته ، ورحمة العباد به : الرؤيا الصادقة ، لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح ، قالت : وحبب إليه الخلوة ، فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده واختار صلى الله عليه وسلم لخلوته المُحببة إليه جبل حراء فكان يخلو به يتحنث - أي يفعل ما يخرج به من الإثم والشرك والباطل الذي يسمعه ويراه من قومه .. غدا بإذن الله تعالى نتحدث عن مُحمد المبعوث المُرسل بوحي السماء وكيف كان الوحي وهيئته صلّوا على رسول الله هنادي محمد عبد المجيد [email protected]