الضحية بين قناعة الكديسة والجحم وبوبار النسوان للكدايس قديما قناعة ثابتة وموقف لا تغيره روائح عطرابة شية، أو اغراءت شرايح اللحوم المجففة في الحبال من عجالي أو ضان، وذلك بأنها عندما تعجزها الحيلة ويغلبها الوصول للمرام، تدير رأسها وتقنع من خيرا فيها وتغادر المكان وهي تتمتم: اه .. هو ذاتو عفن !! هذه القناعة الكنز لا تخطر على بال بني الانسان، فجميعنا حريما ورجالا وولدان، نعاني من ضعف الار ادة وشيء من الجحامة واشتهاء العضة وكدكدة العضام .. فمهما تراكمت المصاعب وصار الحصول على (حق) خروف الضحية ضرب من ضروب حلم الجيعان، الا ان من المستحيل ان يقنعنا ذلك باتباع سياسة الكدايس في الترفع عن ما لا تطوله مخالبهم، وذلك لاننا بكل بساطة من ملة قناعتها في سياسة ال (ما بتلحقو جدعو لمن يقع ليك بين ايديك) !! حسنا، من المعلوم من الحالة المعيشية بالضرورة، أن الضحية في هذا العام ستكون في حكم حلم الجيعان، ومع مرور الايام واقتراب موعد العد التنازلي ل اليوم المعلوم، ومع كل تطمينات الجهات ذات الصلة بأنه سوف تكون هناك خراف بأسعار اقتصادية تناسب الجيوب المقدودة، الا ان واقع الحال يحمدنا ب (شوقكم للفطير باللبن) !! كيف سيتم ذلك وصحف الامس تتحدث عن ان اصحاب القطعان منذ حركتهم من مراعيهم وحتى مقصدهم في الزرايب واسواق الضان، يدفع الواحد منهم اكثر من عشرين جباية وضريبة، وقد يزيد ما يدفعه احدهم على الرأس اكثر من مئتين جنية، ثم يحلم الحالمون بالحصول على خروف لا يتجاوز سعره نصف الالف جنية .. بس كيف عاد ؟ اذا كان قالوا ليهم تور ميزانية وعجفان .. قالوا ليهم احلبو وبعد داك وفرو الخرفان !! غايتو الله كريم علي المسكين، فمع العلم بأن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه قد ضحى عن كل من لم يستطيع ان يضحي من أمته، وانه لا يجب ان تنشغل الاسر واولياء الدم بالسعي الحثيث لاراقته ان عزّت الاستطاعة، الا ان الامر (من زمان) قد تجاوز العبادة وتحول لعادة، ليس عادة فقط ولكن برتكول ومظهر من مظاهر العيد لا تكتمل الفرحة بدونه .. اولها فرحة الاطفال .. الانفعال والصراخ ثم المشاركة الفاعلة في ربط الخروف وعلفه وسقايته وملاعبته والركوب على ظهره حتى تكاد قوائمه أن تتكسر، والاهم من ذلك اشباع السادية الكامنة في النفوس باحضار السكين خفية و(الورورة) بها كناية عن (الليلة وووا ضبحتك)، ثم ادعاء الشجاعة في صباح العيد والوقوف في اصرار لمتابعة عملية الذبح رغم الوجل .. كل هذه الطقوس الرائعة في عيون الاطفال يجب ان تنتهي بالجلوس متحلقين حول المنقد وتنسم العطرابة في انتظار شية الجمر .. في دي يتساوى معهم الرجال ولكن باضافة متعة صحن الشطة والمرارة وثالثتهم ام فتفت !! أما النسوان فغاية المتعة عندهن بعد تلمظ الشية وضنب الخروف وكدكدة العضام، الجلوس على البنبر وتكملة المزاج بتكويم الكيمان وارسال الشفع لتوزيعها على الجيران .. اذن شئنا او ابينا، عادة أو عبدة يتحول شراء الخروف في كل اضحية فرض عين لابد من القيام به ولو كسر رقبة .. ربما من اجل معرفة الامهات وربات البيوت بحتمية وجود الخروف .. فرحة اطفال وشبع بطون وشوفونية بوبار، فلا تقبل احداهن ان يكون مدخل بيتها من دون بيوت الحي خالي من اثار الدم ولمة الضبان .. اشمعنا ؟ من اجل ان كل ذلك كذلك وسكاكين كمان، تزين النساء لاولياء الدم من الرجال حكمة (ادين وابين) !! ربما في محاولة لمواكبة هموم الناس، ومحاولة التيسير على الرجال وتخفيف لياقة الشفع ونقة الحريم طالعتنا صحف الامس بخبر أجازة مجمع الفقه الإسلامي بالسودان اقتراض ثمن الأضحية، ولم يترك الامر مفتوحا ولكن حصره على كل من يظن أنه قادر على سداد القرض الذي سيقترضه من اجل شراء الخروف، سواء ان كان السداد دفعة واحدة أو على أقساط .. يا ربي ممكن يشتروا الخروف ذاتو بالاقساط ؟ المهم، يا جماعة الاذن محصور على من يستطيع رد الدين دون مشقة ولا تضيق على اهل بيته في بقية العام (طبعا دي من عندي) عشان ما نفرح بأكلة تنهضم في ستة ساعات ونسدد دينها في ستة سنوات .. حق خروف يخش في حق خروف السنة البعدو !! الكل يعلم حكم الأضحية وانها سنة مؤكدة في حق المقتدر المستطيع، وأن الذين لا يملكون ثمن الأضحية ولا يقدرون على الوفاء بالدين إن هم اقترضوا فلا حرج عليهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ضحى عنهم .. المشكلة اننا كلنا مقتنعين بس البقنع البطون القرمانة منو ؟!! منى سلمان [email protected]