بعد كل ما أصاب سمعة المعلم السوداني من رشاش الممتهنين للتعليم من أبواب خالية من القيم، أصبغ بعضهم على المعلم الذي هو سند للقيم الإنسانية السودانية إنه المغتصب والمتحرش بالثابتة والإدانة، وصولاً الى حالة الحكم بالإعدام على أاحدهم.. قمة الألم إنه سيغيب المعلم السوداني من أدواره الداخلية وجداول الإعارة والانتداب للدول الأخرى، التي كان قد كسب المعلم فيها سمعة ممتازة للبلاد، وقاعدة للتأثير السوداني المباشر في تربية الأمة العربية والافريقية عامة.. والظواهر السالبة في قطاع التعليم التي هي وليدة الاستسهال والغفلة وعدم فرض الهيبة لقطاعات معينة الأكثر تأثيراً في مسيرة الحياة، أفضى الى الواقع المتردي الذي جعل الكثيرين ينادون بغرض ضوابط على تحديد من هو المعلم، ليمتهن هذه المهام التي أبعادها التربوية أكبر من الكتابة والقراءة، بالتالي لا أظن إعادة الصورة الزاهية للمعلم أمر هين ومطروق في ظل ما يطفح كل يوم من كيل ورشح ونز التشبع باللا قيم واللا اخلاق التي يمارسها البعض داخل منظومة التعليم.. ونحن أمة الخير فيها يخص ويحسد عليه من يحوزه، والشر يعم ويصيب الصالح والطالح.. الحزن ينطوي في نفوسنا لما نراه من حالات اللا احترام التي يتعرض لها المعلم في ظل الربط ما بين المال والتعليم بصورة مشوهة مفادها «أن التلميذ أصبح من يدفع.. وقدر ما يدفع بقدر ما تتوفر له معينات العملية التعليمية، والتي أهم لبناتها المعلم».. المهم يا جماعة أصبح المعلم السوداني هذه الأيام في محل الامتحان الصعب ويحتاج بعد كثير من الجهد المزيد حتى تعود صورته الى إطارها المرجو.. نحن لا نريد تلك الصورة القاطعة الصارمة للمعلم الذي يرهب الطلاب في شكل فارط حتى يفرون من الطريق الذي يأتى منه، ولا نريد أيضاً تلك الصورة للمعلم الذي من الهوان «يطالبه بعض الطلاب بأن يقاسمهم السفة والسجارة..» نحن نريد المعلم الذي إن أقبل من اتجاه أقبل عليه طلابه محبة واحتراماً وتوقيراً.. سهلاً ممتنعاً.. قريباً بعيداً.. كما تغنى العبقري السوداني «انت السماء بدت لنا.. واستعصمت بالبعد عنا» ومازالت مطالبنا لهذا المعلم مشروعة وعادلة وممكنة في ظل تتالي الأخبار المزعجة تلك.. حتى الآن تحتشد الذاكرة ببعض النماذج الموجبة للمعلمين، ومازال معظم هؤلاء أقرب للأنبياء يتمثلون المقولة الخالدة «قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا» وحفاظاً على جهد المعلمين والمعلمات المخلصين الأوفياء الوطنيين.. يجب الحد من تلك الحادثات والنائبات داخل القطاع التعليمي، بما يحفظ ماء الوجوه المجتهدة الزاهدة في كثير تطلعات إلا إزكاء النفوس بالتربية والتعليم.. علينا مقبل الأيام أن نقابل النماذج السيئة باظهار النماذج الموجبة وأن نقود حملة تعزز بها وجود المعلمين والمعلمات الذين نفتخر بجهدهم وحبهم لهذا الوطن إنساناً وأرضاً.. وأن نكون نصرة لقيم الحق فيهم حتى نشكل سياجاً منيعاً لا يصيب مفهوم المعلم السوداني في مكامن المقاتل.. وحليل زمن أن يحدثك التلميذ أو الطالب وأنت معلم بصوت خفيض وأدب جم كاسر نظره وحاسر رأسه.. رغم أن الدلع دخل في اطار الحياة العامة، فقد أصبح البعض ينادي ويتنادى مع معلمه باسم الدلع «استاذ حمادة.. أستاذ عدولي.. ماما هبة.. ست نونا..» فمتى تستعدل بعض المعوجات الى الاتزان.. ورغم كل شيء يبقى المعلم السوداني رجلاً وامرأة مثالاً يحتذى به في اخلاصه لاداء الرسالة التعليمية التربوية. آخر الكلام.. لا نريد ذلك النموذج المستسهل من المعلمين الذي يترك الحبل على الغارب للطلاب.. «اكان دايرين تعملوا الواجب اعملوه واكان ما دايرين على كيفكم انتو حرين ومخيرين».. ومازل الكثيرون «معلمين ومعلمات» مدارس تعد الشعوب. مع محبتي للجميع.. سياج - آخر لحظة [email protected]