بالأمس حاولنا أن نثبت أن حب الأرض والموت دونها ليس حكرا على الثقافة السودانية إنما هو أمر عالمي لأن الدفاع عن الأرض هو دفاع عن الوجود فقيمة الأرض من قيمة الإنسان ثم تعرضنا للهجمة على الأرض منذ الأزل فبعد أن كانت باسم الاستعمار أصبحت الآن باسم الاستثمار وقلنا إن الذين قاوموا هذه الهجمة الجديدة لا يجهلون أهمية الاستثمار لكنهم يدركون أكثر قيمة الأرض ومن هؤلاء الأخيرين نريد أن نتوقف عند نموذجين اليوم هما أهل محلية جبيت المعادن وأهل أم دوم. في مياه البحر الأحمر الإقليمية الخاصة بالسودان جزيرة اسمها مقرسم شمال بورتسودان جاء في الأخبار أنه قد تم تخصيصها لمستثمر من الشقيقة السعودية وهو رجل الأعمال الشهير أحمد عبد الله الحصيني ليقيم عليها مدينة أطلق عليها قلب العالم (في السودان لدينا قلب الدنيا تلك التي وردت في أغنية المصير لإبراهيم عوض حيث قال نحن قلب الدنيا ديا ونحن عز الدنيا بينا) لكن مافي مشكلة فلتذهب للمستثمر الجديد الذي سوف ينفق في الجزيرة 11 مليار دولار (بنات حفرة) لإنشاء مطار وميناء وفنادق ومنتجعات وأسواق وفنادق والذي منه كل هذا عمران جميل لن يرفضه عاقل ولكن السؤال لمدة كم سوف يستثمر الحصيني هذه الجزيرة ؟ متى وكيف تؤول الأرض لأهل السودان؟ والأهم ماذا سوف يستفيد المواطن السوداني الذي يقطن هذه الجزيرة ؟ ماذا تستفيد المحلية والولاية التي سوف تجد نفسها فجأة في قلب العالم؟ الكباتن الذين يمسكون بالملف التفوا على هذه الأسئلة المشروعة أعلاه ولم يعطوا أي إجابة للشعب السوداني الفضل هذا إذا كانت هناك إجابات فقاموا بإحضار السيد رئيس الجمهورية شخصيا ليفتتح قلب العالم في فبراير الماضي وأخطروا المستثمر بأن كل شيء أصبح جاهزا طالما أن السيد رئيس الجمهورية قد وضع حجر الأساس وبحضور والي الولاية ومعتمد المحلية فصدق يامؤمن أحضر الرجل آلياته ليبدأ العمل فتصدت له المحلية (محلية جبيت المعادن) نيابة عن الأهالي ومنعت الآليات من العمل بحجة أن المحلية لم توقع على العقد كما ينص قانون الاستثمار ولكن الواضح أن هناك حقوقا واجبة للمحلية والولاية لم تنفذ أو لم تتزامن مع التنفيذ ولكن المؤكد أن الكباتن قد تجاهلوا المحلية ست الجلد والراس والواضح أكثر أن المحلية تصرفت بحكمة لأنها لم تترك أمر الرفض للأهالي حتى لا تحدث انفلاتات ولكن في النهاية (إنها الأرض ياكباتن). في شرق ضاحية أم دوم الجميلة توجد أرض مساحتها حوالي 3000 فدان يريد الأهالي التوسع فيها سكنيا لأنه لا فضاء لهم غيرها ولكنها خصصت لجهاز الضمان الاجتماعي هذا الغول الذي أصبح رأسماله تريلونات في حين أهله الحقيقيون يجدعون الكلب بارك من الفقر والجوع والمرض (وهذه قصة أخرى) ويقال إن الشغلانة منتهية عند مستثمر أجنبي. أهل أم دوم طالبوا بإيقاف هذا التخصيص واجتعموا بمحمد الشيخ مدني رئيس مجلس تشريعي الولاية (ابو القوانين في الكرة من سنة حفروا البحر) ووعدهم بالنظر في الأمر ولكن الجهة الأخرى لم تصبر ولما لم تكن لأهل أم دوم محلية فاعلة مثل محلية جبيت اعترض الأهالي سلميا فكان الرد بالرصاص فاستشهد محمد عبد الباقي ذلك الشاب الذي لم يبلغ سن العشرين اختار الدفاع عن الأرض أيها الكباتن. في جبيت وفي ام دوم الناس يدركون أهمية الاستثمار ولكن الاستثمار لا يمكن أن يكون ضل دليب هو في مكان وظله في مكان آخر في جبيت وفي أم دوم الناس يدركون قيمة الأرض وللتوفيق بين الأهمية والقيمة لابد أن يبدأ الأمر بهم وينتهي بهم ولكن من يقنع الكباتن؟ حاطب ليل- السوداني [email protected]