يحكى أن يوم أمس (22 ديسمبر) يصادف الذكرى السنوية لرحيل الكاتب المسرحي الشهير صمويل بيكيت، الذي توفي في مثل هذا اليوم من 1989. وبيكيت اشتهر عالميا باشتغاله على ما عرف بمسرح (العبث أو اللا معقول)، وهو المسرح – الحركة الأدبية التي أنتجتها ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي دفعت طيفا كبيرا من الأدباء والمفكرين الغربيين إلى النظر إلى العالم وإلى (الوجود) من منظار اللا جدوى أو العبثية، ودفع بالتالي إلى إنتاج أعمال أدبية وفنية عظيمة الأثر، ومن أشهر الكتاب والفنانين إلى جانب بيكيت، المسرحي يونسكو والروائي ألبير كامو. قال الراوي: اشتهر بيكيت الحائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1986 بمسرحية (بانتظار غودو) وهي العمل الذي يعبر عن الانتظار العبثي الذي يدور في فلكه الإنسان في مسار حياته القصيرة، وقدمت المسرحية بكل لغات العالم وبمعالجات درامية متعددة، وهي تعكس بشكل عبثي حالة انتظار ما لا يأتي أو لا يتحقق أبدا، من خلال شخصيات في حد ذاتها ترمز إلى الارتباك وفوضى المعنى وانقطاع الأفكار وعدم اتساقها وهي مترجمة إلى كلمات أو أفعال. قال الراوي: تداولت مواقع ووكالات الأخبار العالمية الأسبوع الماضي مقطع فيديو أثار الكثير من الجدل، يظهر فيه مجموعة من المهاجرين في أحد مراكز التفتيش بإيطاليا وهم يقفون عرايا في عز البرد والصقيع، كما يتم رشهم بمبيدات ومطهرات ضد الأمراض بشكل لا يمت للإنسانية بصلة. والمقطع الذي واجه موجة من الغضب الإعلامي والشعبي يعكس الأزمة من جانبين، الجانب الأول هو ما هذا (الهدف) الذي تسعى الملايين من مواطني البلدان (المرتبكة) إلى الهجرة ومواجهة المخاطر و(الإذلال) والموت بدلا عن محاولة إعادة خلق (الحياة) داخل بلدانهم، والجانب الآخر ما الشيء الذي يدفع كل هؤلاء المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين؛ ويتوقعون أن يجدوه بانتظارهم هناك في بلدان الهجرة؟ قال الراوي: الإجابة على السؤالين تبدو قريبة وواضحة فالذي يدفع إلى الهجرة هو الأوضاع المتردية في البلدان (الأم)، والذي يتوقعه المهاجرون (هناك) في البلدان التي يهاجرون إليها هو تحقيق قدر من الاستقرار والأمان، وبداية حياة جديدة تخلق – لدى البعض - قطيعة كاملة مع (الماضي) السيئ في بلدانهم الأصلية. لكن ما الذي يحدث حين تصل إلى (هناك) وتتمنى لو أنك لم تتحرك في الأصل من ال(هنا) نتيجة لما تواجه به من إذلال وامتهان كرامة وموت مجاني في عرض البحر أو بأيدي العسس. أو حتى في حالة (استقرارك الشرعي) حين تتحول حياتك إلى مجرد آلة رتيبة (معطلة الأحاسيس) تعمل وتعمل وتعمل إلى ما لا نهاية.. هل هناك معنى في هذا؟ ختم الراوي: قال: من مسرحيات بيكيت الشهيرة (شريط كراب) و(نهاية اللعبة). استدرك الراوي: قال: قد تنتهي بك الحياة (مهاجرا) كنت أو (مستقرا) إلى ذات النقطة الصفرية المشتركة.. اللا معنى أساطير صغيرة - صحيفة اليوم التالي [email protected]