انشغلت الساحة السياسية، وتبادل الناس في مختلف وسائط الاتصال ومجالس المدينة تكهنات وتوقعات وتخمينات، حول ما سيعلنه الرئيس البشير خلال هذا الأسبوع من موجِّهات أو أفكار إصلاحية دفع بها المؤتمر الوطني إلى مكونات العمل تحت مسمى وثيقة الإصلاح، وزادت بعض الجهات من سقف التخمينات أو كما يقال في الشارع العام «كترت المحلبية» بأن الرئيس ربما يعلن تخلّيه عن السلطة ويسلم الحكم إلى نائبه الأول!، وبعضهم يقول إنه سيترك المؤتمر الوطني ليكون بلا انتماء حزبي راعياً للجميع! وغيرها كثير من الشائعات والمرويات.. وحتى لا يتعجل الناس، لا يوجد مبرر لكل هذا التخمينات فلننتظر حتى يعلن الرئيس عن الوثيقة... وهل ستتوقف حرب الجنوب؟ لم يجفّ الحبر الذي وُقِّع به اتفاق وقف العدائيات بين طرفي النزاع في دولة جنوب السودان، حتى تم خرقه، وواصلت طاحونة الحرب دورانها، ومن غير المتوقع أن يلتزم جانبا الصراع الدموي العنيف بما مَهَراه من اتفاقية تمت تحت ضغط دولي وإقليمي قادت فيه الوساطة هيئة الإيقاد، السبب في ذلك أن وجود الدولة نفسها مفاهيمها وآلياتها ووحدتها الوطنية بات على كف عفريت إن لم يكن موجودًا أصلاً.. وإن كان الصراع هو نتاج الخلافات الداخلية للحركة الشعبية الحاكمة، وتحول بقدرة قادر إلى حرب ذات طابع أهلي وقبلي، فإن التدابير السياسية وحدها والتوقيعات على الاتفاقيات، لن تلجم أحصنة الاقتتال قريباً، خاصة أن كل طرف من طرفي النزاع لم تحقق له معارك الشهر ونصف شيئًا حتى اللحظة.. واقتلعت هذه الحرب معها الكثير مما كان مسلَّماً في دولة الجنوب، منها وضعية السيدة هيلدا جونسون ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة التي اتهمتها حكومة جوبا والرئيس سلفا كير بالتورط مع رياك مشار في التمرد والانقلاب العسكري الذي تم، وكانت هيلدا جونسون تعتبر جنوب السودان منذ مفاوضات نيفاشا ضيعتها الخاصة حتى صارت المندوب السامي للقوى الغربية في هذه الدولة الوليدة. وممّا يؤسف عليه أن ما توصل إليه وفدا التفاوض بين حكومة جوبا ومعارضيها أول من أمس في أديس أبابا برعاية الإيقاد، لن يصمد وسينهار ولن يمهد لحل سياسي لهذه الأزمة الطاحنة، وسندفع نحن وبعض دول الجوار الثمن، فهناك عشرات الآلاف من اللاجئين الجنوبيين يتدفقون نحو حدودنا وحدود دول مجاورة للجنوب، وهذا يشكل عبئاً كبيرًا على دول ذات موارد محدودة وصعوبات اقتصادية جمَّة، فضلاً عن تداعيات الحرب الأخرى على الأمن والاستقرار في المنطقة وتسرب السلاح واحتمال انتقال هذه الحرب إلى غير مكانها.. السودان يجب أن يكون أكثر جهة حريصة على توقف الحرب الجنوبية المجنونة لما تلقيه عليه من مخاطر وتبعات... خاصة أن جهات أجنبية من خارج القارة بدأت ترتب لأوضاع جديدة في جنوب السودان بمعزل عن أهله وجواره.. مكتب سلام دارفور وثقة الحركات.. تتبعت حركة العدل والمساواة بقيادة «بخيت دبجو» درب غيرها من الحركات التي وقَّعت من قبل اتفاقات مع الحكومة، وأصدرت بيانًا تبرمت فيه من طريقة تنفيذ الاتفاقية واشتكت من مكتب سلام دارفور واتهمته بأنه لا يملك صلاحيات تخول له تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع.. وألمحت الحركة إلى خيارات مفتوحة أمامها في كل الأصعدة.. مقابل ذلك أصدر مكتب سلام دارفور بياناً رداً على بيان الحركة جاء فيه: « إن مكتب سلام دارفور ملتزم بما تم الاتفاق عليه في الدوحة مع حركة العدل والمساواة. - مكتب سلام دارفور غير ملتزم بإجراء أي استثناءات غير متفق عليها تخص الحركة ويطالبون بها الآن وأن ذلك ليس من صلاحياته». من بيان مكتب سلام دارفور يتضح أن الحركة تطالب باستثناء غير متفق عليه يخص الحركة ولا يقع ضمن صلاحيات هذا المكتب.. هذا مفهوم من الناحية العملية والموضوعية، لكن لماذا تتكرر شكاوى حركات دارفور باستمرار حتى صار معروفاً أنه «كلما دخلت حركة أخذت حبة وخرجت». نأمل ألّا يكون هناك خلاف بين مكتب سلام دارفور والحركات الموقِّعة لأن ذلك يُجهض الثقة ليس في تعامل الحكومة عبر مكتبها إنما في عملية السلام ووثيقة الدوحة نفسها، وهناك جهات كثيرة تتصيَّد مثل هذه الخلافات لتقول للجميع إن الحكومة تضع عراقيل أمام قطار السلام وتُعيق التحاق حاملي السلاح به. المرأة العربية في الخرطوم أهمية انعقاد اجتماعات المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية التابع لجامعة الدول العربية بالخرطوم التي تبدأ اليوم برئاسة السيدة وداد بابكر حرم رئيس الجمهورية، تنبع من كون السودان يتقدم خطوات كبيرة في سبيل تعزيز مكانة المرأة العربية ومعالجة همومها وقضاياها في هذا الوقت الدقيق والحرج الذي تعيشه الشعوب العربية وتتداخل فيه الأحداث والمواقف والأزمات في الوطن العربي وتحملت المرأة العبء الأكبر منها خاصة عدم الاستقرار الأمني والسياسي وظروف الحرب والتخلف.. وبالرغم من أن منظمة المرأة العربية تتشكل اتجاهاتها واهتماماتها بشأن المرأة في إبراز تضامنها وتنسيق مواقفها، والاهتمام بقضية التربية والتعليم والصحة وتحسين صحة المرأة والبيئة والفقر والأمية والإسهام في الحياة الاقتصادية، إلا أنه لا يمكن إغفال دور المرأة العربية من ما يجري على الساحة العربية ومكانتها في مشروع النهضة العربي والديمقراطية والبناء والرفاه الاجتماعي، وستكون تجربة السودان في مشاركة المرأة السياسية ودورها في الحياة العامة والتشريعات التي تخصها ووضعيتها داخل المجتمع فرصة مواتية للاطّلاع عليها والاستفادة منها في تطوير مناهج وبرامج وسياسات المنظمة والتخطيط لعمل مستدام ينهض بالمرأة العربية ويضعها في الاتجاه الصحيح. خطوة للأمام أبدت الأحزاب الكبيرة، خاصة حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي، ترحيبها بوثيقة الإصلاح التي ينوي المؤتمر الوطني تقديمها هذا الأسبوع وطرحها على الساحة السياسية في البلد من أجل الإصلاح الشامل في عمل الدولة، والتوافق حول الثوابت الوطنية خاصة الدستور والسلام والحوار والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات وقضايا الإصلاح الاقتصادي وغيرها من القضايا المهمة التي تتطلب مزيدًا من الإجماع والوفاق حولها.. بالرغم من أن بعض أحزاب المعارضة لم تعلن عن مواقفها بعد، لكنها لن تختلف كثيراً بأي حال من الأحوال عن رأي حزب الأمة القومي، أو يكون هناك موقف ضد وشاذ عن أي أفكار تتجه نحو جمع الصف والكلمة... لكن حزب الأمة القومي لا يكفّ عن التزيُّد السياسي فمتحدِّث باسمه قال إن حزبهم قدم للمؤتمر الوطني خطة شاملة ومتكاملة حول الإصلاح الحقيقي في جميع المجالات!! أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة