هل سيصل الحوار السياسي الذي يدور الآن الى مبتغاه ؟ هذا سؤال تصعب الاجابة عليه الآن فالباب مفتوح لكل الاحتمالات فقد ينجح في اخراج البلاد من ازمتها الخانقة التي تعيش فيها الآن ولو بعد زمن طويل المهم ان تكون هناك خطوة نحو ذلك الهدف وقد ينفض دون نتيجة ويرجع بالبلاد الى ما تحت صفر الازمة وقد يصل نتائج يكون أحسن منها العدم كل هذا وارد. المحفزات نحو الحوار ونجاحه اي نقاط القوة فيه واضحة اذ يمكن تلخيصها في ان الجميع قد استشعر الخطر الذي يحف بالبلاد وانه لابد من مخرج يتضافر على صناعته الجميع دون استثناء ودون اقصاء ودون استعلاء اما المخاطر التي يمكن تقعد بذلك الحوار وتذهب بريحه فهي اكثر من الهم في القلب وعلى رأسها نوايا المتحاورين فاللعبة السياسية تورث المكر وازدواجية الأجندة فقد يكون لكل متحاور اجندة خاصة غير تلك المعلنة ويمارس اللعب على عنصر الزمن. إذا قفزنا فوق العوامل الموضوعية التي يمكن تلحق الحوار امات طه ووقفنا عند النواحي الاجرائية لابد من ان نشير لكثرة المتحاورين فهي من ناحية شكلية الآن اكبر مهدد للحوار السياسي الوطني فكما هو معلوم ان الحوار منحصر الآن بين السياسيين أي قادة الاحزاب وعدد هذه الاحزاب يفوق التسعين وكلها دون استثناء بناءات حزبية هشة (ماتشوفوا النادي الكاثوليكي وتقولوا تحته قسيس) وكما هو معلوم ان الاحزاب قد نشأت وفق قانون له اشتراطات معينة ومن السهولة الايفاء بها بمال قليل وجهد اقل عليه تصبح هذه الاحزاب قانونية لأنها مستوفية لشرط التسجيل ولا سبيل لظهور قوتها الفعلية الا بالانتخابات التي هي الآن بين الرية والترية أي بعيدة. فلونظرنا للذين جلسوا في قاعة الصداقة والذين يمثلون 83 حزبا والمقاطعين الذين يمثلون فوق العشرة احزاب وعندما يمسك الواحد منهم المايكرفون ويقول نحن في الحزب الفلاني نرى كذا وكذا ثم تنقل وسائط الاعلام من تلفاز واذاعة وصحف تلك النفخة تظن ان هذا الرجل او تلك المرأة تمثل قوة سياسية فعلية ولكنه هو يعلم وهي تعلم وأنت تعلم ان كل الذين يقفون خلفه لا يملأون اكثر من عربة الهايس حمولة اثني عشر راكب بما في ذلك مقاعد النص وبهذا يصبح الحزب عبارة عن ظاهرة صوتية بحتة ولدت من رحم الثغرة الاعلامية. ان هذا العدد المهول يفقد الحوار مصداقيته لأن موقف هؤلاء الدجالين سوف يجير لمصلحة المشترين الكبار وفي هذا تزييف واضح ثم ان هؤلاء الدجالين سوف يكونون معرقلين لأي خطوة تؤدي للرجوع للشعب اي الانتخابات لأنهم لن يحصدوا منها ولا دائرة انتخابية واحدة فالحل ليس في طردهم من القاعة رغم ان بقاءهم فيها يحرم الحوار من المصداقية ولكن لابد وضع خطورة احزاب الهايس هذه في الاعتبار واي اصلاح سياسي لابد من أن يبدأ باعادة النظر في قانون الاحزاب لتقوم شرعية الحزب على القوة الانتخابية وليس على الطريقة الحالية التي فرضتها الظروف ففي الدستور الانتقالي المتوقع لابد من نص صريح يربط شرعية الحزب بعدد المقاعد او الاصوات في اول انتخابات تاسيسية قادمة هذا اذا اراد الله لمركب الحوار تجاوز هوج الرياح وقد تكون للحديث بقية إن شاء الله. حاطب ليل- السوداني [email protected]