والخبر يقول إن والي الخرطوم وأمصارها أعلن عن اتجاه ولايته لتنظيف العاصمة من المتسولين الأجانب وإعادتهم إلى بلدانهم خلال شهر. (قصة غريبة والله) أن تتجه الولاية هذا الاتجاه وبكل هذا اليسر والأريحية، فأين لها بتلك الإمكانيات الضخمة بحيث ترحل جيوشاً جرارة من النساء والأطفال والرجال والولدان ذوي الإعاقات الحقيقية والمصطنعة، والذين هم في كامل الصحة والعافية إلى غرب القارة السمراء؟ وما هي الخطة التي صممتها الولاية للشروع في إعادة المتسولين إلى بلدانهم؟ وما هي بلدانهم أصلاً؟ وهل يمتلكون من المستندات ما يثبت أنهم ينتمون لهذا البلد أو ذاك، أم أنهم (بدون)؟ (أي بدون هوية موثقة). على كلٍّ يبدو أن الأوان قد فات، وأن إعلان الولاية بإعادة المتسولين إلى بلدانهم محض (طق حنك) لتهدئة وتطييب خواطر المواطنين الذين أبدوا تذمرهم من هؤلاء، ليس لأنهم يكرهونهم فهؤلاء بشر مُستغلون من قبل (عصابات) تعمل على جلبهم واستخدامهم في التسول، بل لأن الحكومة تبدو كالعاجزة إزاء القضاء على هذه الظاهرة، وآخر تمظهرات عجزها هذا الإعلان الولائي الأخير (ح نرجعهم خلال شهر)! إذن، علينا أن ننتظر شهراً أو حتى سنة كاملة لنرى أن (ولا واحد رجع)، فلا حكومة الولاية لديها هذه الإمكانيات، ولا الجماعة (إياهم) سيعترفون أن هؤلاء مواطنيهم، هم لم يصدقوا أنهم تخلصوا منهم. أما حكومة الخضر، ولأن (الدنيا رمضان) وهو شهر كريم، نريد أن نُكرمها بخطةٍ مُحكمة (هي تعرفها طبعاً – لكن عاملة ميتة) للقضاء على ظاهرة استغلال البشر في التسول، الخطة تبدأ ب (الجفلن خلهن أقرع الواقفات)، لذلك وجب على الحكومة البحث عن الرؤوس الكبيرة، الزعماء الكبار الذين يديرون شبكات التسول، وأن تقبض عليهم وتجبرهم بقوة القانون وتحت رقابة الدولة على إعادة هؤلاء إلى حيث جلبوا، ثم بعد ذلك تقديم هؤلاء الزعماء إلى المحاكمة وفرض رقابة أمنية على حركتهم واتصالاتهم والتضييق عليهم حتى يتركوا الإتجار في البشر، هذه هي الطريقة الأمثل، فلا داعي لصرف الأموال في ما لا يفيد. الحصة الأولى - صحيفة اليوم التالي