*شاب جامعي (مثقف) التقى بي البارحة - ولا أقول التقاني - وتحدث معي في ما رأيت أن أفرد له مساحتنا اليوم.. *فالاستلاب اللساني واحد من آفات إعلامنا بما (يلقط)- من اللبنانيين- مستحدثات من قبيل (التقاه) و (الخبر الرئيس) و(هكذا أمر) فضلاً عن تعطيش الجيم.. * وحين أصف الشاب الجامعي هذا ب (المثقف) فذلك لأن كثيراً من الجامعيين الآن ليسوا بمثقفين في زمان (ثورة التعليم العالي).. * ورغم ذلك فإن من بينهم من يشعرنا بجهلنا الشديد إزاء بعض ما هم متعمقون فيه إلى درجة (الأستاذية!!) .. * فمنهم مثلاً من طفق يشرح لنا مرة - شرح الخبير الفاهم - المعاني المستترة لأغنية اسمها (بوس الواوا أح !!) .. * ومنهم من أبان لنا - جزاه الله خيراً - الدلالات (الإبداعية) لظاهرة حمل بعض المطربين الشباب على كراسي، أو (كرينات)، أو أكتاف لوضعهم - بسلامتهم- على المسارح.. * ومنهم من اجتهد في أن يُبسِّط لنا- مشكوراً- ما استعصى على فهم أمثالنا من ألغاز أغنية اسمها (القنبلة!!) .. * أما النفر الرابع منهم فندين له بفضل تحفيظنا جدول ضرب غناء الزمان الإنقاذي الطويل الذي لا يُذكر رقمٌ فيه إلا وهو منسوبٌ إلى مدينة، أو حارة، أو (خور!!) .. * ما علينا ............. * خليهم يغنوا ويرقصوا و(يهيصوا) - كما قال القذافي لإتباعه - إلى أن يستقيم الزمان مرة أخرى.. * نعود إلى قضية فتانا الجامعي التي قلنا انها تستحق أن تُطرح للنقاش.. * فقد ذكر لي الشاب هذا أنه يلاقي عنتاً عند قراءة كثير مما ينشر في صحافتنا السياسية من آراء قياساً إلى صحف عربية يداوم على تصفحها.. * قال إنها تبدو - أي الآراء هذه - معقدة وجافة وطويلة وكأنما بحوثٌ أكاديمية هي وليست مقالات صحفية.. *و ما قاله محدِّثي الجامعي هذا هو ما ظللت أقوله في مناسبات عدة دون أن أبرئ نفسي مما أعيب عليه صحافتنا.. * فالصحافة لها لغتها (البسيطة) المتعارف عليها عالمياً.. * فهي تخاطب العوام والخواص على حد سواء.. * والذي يخاطب الناس بمستوياتهم كافة - لأجل أن يفهموه - عليه تحري البساطة كيما يتحقق الغرض .. * ومحمد التابعي يوصف بأنه مؤسس مدرسة السهل الممتنع هذا رغم أنه كان قادراً على أن يكتب بلغة العقاد.. * وأنيس منصور كان يُعد (أستاذ) النمط الكتابي هذا رغم أنه (أستاذ) في الفلسفة ذات التعقيد اللغوي المعروف.. * ولكن كثيراً من كتاب صحافتنا السودانية يجنحون نحو الإسهاب (المُعسم) الذي يخلو من أبسط مقومات الإبداع.. *والصحافة مهنة إبداعية لا تمنح (شهادة الشهرة) لمن لم يكن موهوباً - من منسوبيها - ولو مُنح (شهادة الدكتوراة) فيها .. *وللسبب هذا قالت صحفية مصرية - تبريراً لعدم اندياح صحافتنا شمالاً - (كتاباتكم جامدة أوي).. *أي إنها - بعد سودنة العبارة - شئ مثل أغنية (قنبلة)... *و(أححح) من غير (بوس للواوا !!!). بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة المستقلة