الشارع العام والسياسي بصفة خاصة وبكل مكوناته لديه قناعة.. بأن المعارضة وطوال 13 عاماً لم تستطع أن تسقط النظام.. سواء أكانت معارضة مسلحة أو معارضة (حنجورية).. لذا ليس أمامها سوى أن تغتنم فرصة (الحوار) وتطرح فيه مطلوباتها.. وبعد ذلك لكل حادث حديث.. قضايا الوطن أصبحت مثل (الثور الهائج)، الذي تصعب السيطرة عليه.. إن أمسكت ب (قرونه) مشكلة.. وإن تركته المشكلة أكبر!! إن كانت المعاضة تراهن على هبَّة شعبية فإن مسعاها سوف يطول.. لأن معظم المواطنين قد فقدوا الثقة فيها.. وما جرى في احتجاجات سبتمبر من العام الماضي كانت المعارضة فيها مجرد (فرَّاجة).. يحسبون أن هذا الشعب ما هو إلا (حصان طراودة) الذي سوف يأتي بهم إلى السلطة.. وإن كانت المعارضة تراهن على أن (الجوع) هو الذي سوف يدفع بالشعب للقيادة بثورة.. نتساءل: متى كان (الجوع) هو المحفز الأساسي لقيام ثورة على النظام هذا أو ذاك داخل الوطن؟! فقد قامت ثورتان عظميان وهما أكتوبر 1964 وأبريل 1985 ولم يكن (الجوع) هو المحرك لهما بل الظلم والطغيان.. في فيلم (اللمبي).. فالأم حينما لاحظت على ابنها (اللمبي) دخوله في حالة شرود وحينما سألته: "مالك يا واد؟".. أجابها: "جعان يمة".. فاندهشت أمه لإجابته قائلة له: "ما انت طول عمرك جعان"!! إن تحذير المعارضة من ثورة (جياع) ما هو إلا (فزاعة طير) للمؤتمر الوطني.. ويبدو أنها متأثرة بالأدب القصصي والروائي لدى نجيب محفوظ وحرافيشه.. وربما تكثر من مشاهدة فيلمي (هي فوضى) و(دكان شحاتة).. أما حكومة المؤتمر الوطني إن كانت تراهن على أن (زوالها) يعني سيادة الفوضى وانهيار الصرح الأمني وتفشي السلب والنهب.. فإنها تصدق (كذبة كبرى).. لأنها تشيع ذلك كسراً لإرادة الشعب وتمرير (مماحكاتها) في حوار حقيقي.. وهذا ما يربك المشهد السياسي.. إن سيف (انهيار) الدولة الذي يرفعه المؤتمر الوطني في وجه المواطنين والمعارضة.. هو نوع من (التضليل).. لأن الثورة – أي ثورة – هي لحظة تاريخية يشعر فيها المواطن بقيمة نفسه.. إن (الحوار) الذي ينتظره المواطن لا بد أن يستوعب طاقته وآماله وطموحاته... ويكفي استهبال واستهتار كل من الحكومة والمعارضة في استثمار (صبره)، سلبياً.. فليكن (الحوار) شراكة حقيقية للمواطن مع السلطة.. صورة وسهم - صحيفة اليوم التالي