*وقديماً قيل إن كثرة الأسماء وتعددها وتنوعها، هي دلالة على قيمة المسمى، فالوزارة التي انتهت إلى مسمى (وزارة الشؤون الهندسية)، قد اتخذت أسماء عديدة قبل أن تنتهي إلى هذا الاسم، الذي لا أظن أنه الأخير في ظل ثقافة (الرمال المتحركة) التي نبني عليها أشواقنا ومساكننا ووزاراتنا.. *تظل هذه الوزارة التي تضم (مصلحة الأراضي) وما أدراك ما مصلحة الأراضي، مهما اتخذت من أسماء، تظل من (الوزارة الأم) بحكومة ولاية الخرطوم. وربما من قديم الأزمان والحكومات ظلت تمثل محوراً، وهي تحمل اسم ودلالة (وزارة الأشغال)، أي الوزارة التي تعني بتوفير الخدمات، أي أنها الوزارة التي يمكن أن تجلب السرور أو تنزل السخط، بل ربما نجاح أي حكومة يعتمد على كفاءة هذه الوزارة. *على أن موظف مصلحة وزارة الأراضي ظل مميزاً و(إمبراطوراً) منذ قديم الأزمان، وترفدني قصة عمنا محمد أحمد عيسى، ربنا يطراه بالخير، كان عاملاً ذات حقبة بوزارة الأشغال وهو صاحب مروءة وطرفة. *فجأءه من يسأله ذات يوم عن (مكتب كبير المهندسين)، فقال له الرجل (شايف صف المكاتب دا) قال نعم، قال (كلهم مهندسين ومافي واحد قال أنا مهندس صغير)! *وأنا شخصياً لا أعرف سوداني، وهو لا يحتفظ بذكريات غير سعيدة على إثر معاملة قضاها في هذه الوزارة، وأنا شخصياً لي بعض المواقف (تصلح كتاباً ناصعاً) متعدد الفصول. *فلئن كان هنالك خير يأتي من هذه الوزارة، فهي التي تصنع الطرق والجسور، وإن كان هنالك شر لحكومة الولاية فهو أيضاً يأتي من هذا الباب، وأنا أكتب هذا المقال بين يدي المعابر الخريفية التي احتجنا لموسمين اثنين لعدم إنجازها، لكن أيضاً ذاكرتي محملة بأشرطة بأكملها، أو قل إن أزمة المعابر هي التي (فتّقت جروحاً طولت بريانة)، ثم بلغت (مربعات الدوبيت والمسادير)، ولو كان بإماكني أن أستدعي أحد المربعات بمناسبة أن هذه الوزارة لم يكفها مصائب الأراضي حتى أتت بكارثة المعابر والمجاري غير المكتملة، والمربع هنا بطبيعة الحال لعكير الدامر، الذي أنشده عند رحيل صاحبه الشيخ الكباشي قائلاً.. صفتن البقت للأكرمين صفاية ما كفَّاها أحمد كوكب الحلفاية للكباشي جات بعمرتها الكفاية كايسة الجيلي عرقانة ورجوله حفاية.. *هذه الوزارة التي تضم مصلحة الأراضي، أياً كان مسماها، ظلت للحكومات (كالأنعام) التي هي محور حياتي قرآني، نسقى مما في بطونها، وتحملنا إلى أرف لم نكن بالغيها إلا بشق الأنفس، ومنها تعرشون، أصوافها وأبوارها، ولكن فيها جمال حين تريحون وتسرحون وأيضاً حين (تمرحون)! *أظن أن السيد المتعافي والراحل المقيم عبد الوهاب محمد عثمان رحمه الله، هما من أوائل من احتدم على عهدهما معنى ومغزى الأراضي، فبثمنها شيدوا هذه الطفرة البازخة التي يكمل مسيرتها الآن السيد عبد الرحمن الخضر والقصة طويلة.. *سيدي الدكتور عبد الرحمن الخضر ضع هذه الوزارة تحت رعايتك الشخصية، فإن لم تتسنم حقيبتها فاجعل لها يوماً كاملاً أسبوعاً، فعلى الأقل هي مثل (مادة العربي) في الشهادة السودانية، فالذي (يقد عربي) ليست له شهادة، وكيفما تكون وزارة (شؤونكم الهندسية) تكونوا.. كل عام وأنتم بخير.. ملاذات آمنه - صحيفة اليوم التالي [email protected]