:: ومن روائع التنافس غير الشريف على الوظائف تقدم بعض الشباب إلى إحدى الشركات بطلب التوظيف في وظيفة شاغرة..وكانت المعاينة سؤالاً عن حاصل ضرب وقسمة وجمع وطرح أرقام - أي عملية حسابية معقدة - بدون إستخدام الورق والقلم والآلة الحاسبة..ويوم المعاينة، دخل السوداني إلى لجنة المعاينة ثم خرج خاسراً..وبعده دخل الجزائري ولم ينجح أيضاً.. ثم الليبي .. وهكذا، لم ينجحوا جميعا..ثم دخل المصري، وما أن سأله رئيس اللجنة عن حاصل العملية الحسابية، رد عليه سائلاً : ( إنت عايزها كم يا بيه؟).. ونجح ..!! :: ويبدو أن البروف مامون حميدة، وزير الصحة بالخرطوم، ينتهج هذا النهج مع بعض النافذين ليجدوا فرص عمل بطريقة (غير مشروعة).. وقبل الحكاية، كما يتابع القارئ، أنا من الداعمين - بلا تحفظ - لسياسة التوزيع العادل للخدمات الصحية، وكذلك من المؤيدين - بلا تعلثم - تأسيس المشافي المرجعية بوسط الخرطوم ونقل الطوارئ و بعض الأقسام وخدمات الرعاية الأولية إلى مشافي ومراكز كل (أحياء الخرطوم)..وإن كان هذا التوزيع العادل للخدمات هو المسمى إعلامياً بالتجفيف ، فأنا مع هذا التجفيف الذي يوزع المرافق الصحية- حسب معايير الصحة العالمية - في كل آرجاء الولاية..فالمطلوب هو توفير العلاج أينما كان المواطن، ومستشفى الخرطوم ليس ( الكعبة المشرفة)، ولا وسط الخرطوم ( مهبط الوحي)..!! :: ولكن للأسف، يوم 30 إكتوبر الفائت، لم يجد البروف حميدة من التنفيذين من يهزم فكرته غير البروف حميدة ذاته..فلنقرأ القرار الآتي : ( قرار وزاري رقم 36 لسنة 2014..إسم القرار، تنظيم وتصديق المؤسسات الصيدلانية الخاصة.. نص القرار، مع التأمين بُعد القانون، 100 متر من صيدلية لأخرى، يُنظر في طلبات التصديق إستثناءاً إذا كانت الصيدلية المفتوحة بالجانب الآخر للشارع العام، وإذا كان الطريق مسلفتاً، دون التقييد بمسافة ال 100 متر، حتى لايضطر المواطن بالعبور معرضاً حياته للخطر.. صدر تحت توقيعي، بروفيسور مأمون محمد علي حميدة، وزير الصحة ولاية الخرطوم)..هكذا القرار المُعيب (شكلاً)، والمخالف ( قانوناً)، والمُراد به إيجاد فرص عمل لبعض (مراكز القوى)..!! :: والمُحزن للغاية، وما يلمح بأن البروف حميدة فصل هذا القرار على (مقاسو)، هو أن إدارة مستشفى الزيتونة إجتهدت لتصدق لها السلطات بصيدلية على شارعها، ورفضت السلطات الطلب بالنص الآتي : (لا مانع بأن تفتح الصيدلية داخل الزيتونة، إذ في الشارع الرئيسي أكثر من صيدلية، وكما تعلم أن اللائحة تنص على أن المسافة بين الصيدلية والأخرى يجب أن تزيد عن مائة متر ، ولهذا نعتذر عن الاستجابة لطلبك)، أوهكذا رفضت السلطات طلب الزيتونة قبل سنوات..وبهذا القرار الوزاري - المخالف للقانون - سوف يتم قبول طلب الزيتونة ( بالشباك)، بعد أن تم رفضه (بالباب)، وهنا تتجلى شبهة (إستغلال النفوذ)..!! :: ذاك شئ، والشئ الآخر.. محتوى هذا القرار ليس من سُلطات وزارة الصحة، ولا يملك وزير الصحة - ولائياً كان أو مركزياً - سُلطة التصديق وتوزيع الصيدليات، إذ هذه سُلطة ( مجلس الأدوية)..ولوائح المجلس تُلزم الصيادلة بأن تكون المسافة بين الصيدلية والأخرى في كل الإتجاهات (100 متراً أو أكثر)، وذلك بغرض التوزيع العادل للخدمات الصيدلانية.. وعبور الطريق المسفلت لايبرر ( لي عنق القانون)، إذ شُرطة المرور - وليست وزارة الصحة - هي المسؤولة عن مخاطر عبور الطريق وحماية المواطن بالعلامات والأنفاق ..علماً بأن تحديد المسافة بين الصيدليات ليس بنظام سوداني، بل هو نظام عالمي ومتفق عليه (دولياً وإقليمياً)، ومتبع في السودان منذ العهد التركي، فلمصلحة من يصدر البروف حميدة قراراً هو بمثابة مدخل الفوضى و العبث بالقوانين واللوائح؟.. فلينتبه مجلس الأدوية، وكذلك اتحاد الصيادلة، لهذا..( القرار المُعيب)..!! الطاهر ساتي إليكم - صحيفة السوداني [email protected]