:: زاوية الخميس، كانت رفضاً لتصريح وزير التربية بالخرطوم حول مراجعة اللائحة التي تمنع الجلد في المدارس بحيث يُعاد الجلد إلى المدارس.. وللأسف، كشفت الزاوية أن لجلد الأطفال والصبيان أنصاراً في بلادنا، وهم الذين يؤمنون بقول الشاعر : (لا تحزن على الصبيان إن ضُربوا فالضرب يفنى ويبقى العلم والأدب / الضرب ينفعهم والعلم يرفعهم، ولولا المخافة ما قرأوا وما كتبوا).. مثل هذه الأشعار إحدى (كوارث العرب)، وبها إتخذوا الأطفال والصبيان والنساء نياقاً وحميراً لحد إستخدام السياط والخراطيش في الترويض والتعليم، وما هذه وتلك - الخراطيش والسياط - إلا من وسائل العاجزين عن التربية والتعليم .. !! ::وللأسف، تأثرنا بأشعار الجاهلية - وبأسوأ ما في عادات العرب وتقاليدهم وثقافتهم - لحد تقديم الطفل لشيخ الخلوة أو ناظر المدرسة مرفقاً بنصيحة : ( ليك اللحم ولينا العضم)، أي مزق جلده بسياطك وخراطيشك وعده لنا عظماً فقط لاغير، بمظان هكذا يجب التربية والتعليم..فالشاهد أن إضطهاد الطفل - وإسترقاق والدته - بكل أنواع العنف (ثقافة عربية)، ولقد تشبهنا بهذه الثقافة رغم أنف جذورنا غير العربية..وكان من آثار هذا (التشبه)، ما شهدتها - وتشهدها - الخلاوى من إنتهاك مؤلم لحقوق الأطفال وتعذيب الصبيان يبلغ مداه ربطهم بالسلاسل والحبال على أوتاد الغرف المهجورة أو تحت لظى الشمس، أوجلدهم في المدارس لترتفع نسب التسرب حالات الإعاقة والموت بشهادة تقارير سلطات التربية والتعليم ذاتها..!! :: أما الذين ينجون من مثلث برموده (التسرب والإعاقة والمو)، فانهم يتخرجون بشهادات أكاديمية محشوة ب(أمراض نفسية )، ومنها كراهية الآخر، والقبول بالقهر، والإنصياع للدجل والشعوذة، و غيره من سياج التخلف الذي يُعيق خطى بلادنا..ولونفعهم الضرب ( سابقاً)، لما كان حال الناس والبلد على ما هما عليه (حالياً)..فالضرب أفسدهم، وبهم فسد حياة الناس والبلد.. نعم، فالأجيال التي تعلمت بالسياط وتربت بالخراطيش - و كمان تفتخر بحضرة الصول- هي التي أقعدت شعبنا عن اللحاق بركب الشعوب الناهضة، وهي التي عجزت عن إدارة بلادنا ومواردها، وهي التي رسخت ثقافة العنف في ذاتها ثم في المجتمع عبر إستغلال رخيص ل (غير المتعلم)..فأين منافع التعليم بالكُرباج والتربية بالعُكاز في نخب لم تزد الوطن إلا جراحاً لحد التشظي والإنشطار، ولم تزد الشعب إلا موتاً في أفراده و نزوحاً وهجرة لجماعاته و حرماناً - لمن تبقى - من أبسط حقوق الحياة ..؟؟ :: ومنذ إستقلالنا، ولأن مدارسنا لم تُخرج (الأسوياء)، نزرع الكراهية في مجتمعنا لنجني الحرب تلو الحرب، ونغرس الأحقاد في قبائلنا لنحصد مآسي تحقير الآخر، ونشتل الغبائن في بعضنا لتُثمر فشلنا وعجزنا عن التعايش مع بعضنا..هكذا حصاد أجيال ( الضرب ينفعهم)، ولكن أكثر الناس لايتدبرون..ثم بتحوير مخل لنص الحديث النبوي الشريف : ( مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا)، يُبرر البعض جلد الصغار..ولو تأملوا في الحديث الشريف بعقولهم، لوجدوا أن فترة الحوار ما بين الأم والأب وطفلهما حول الصلاة مقدارها ( ثلاث سنوات)، وبمعدل خمس مرات يومياً..!! :: فأي عقل راشد هذا الذي يعجز - ثلاث سنوات - عن ترغيب عقل برئ بالصلاة ؟..هنا يتجلى المعنى غير المرئي - لذوي البصائر - للحديث الشريف، أي إن أدى ولي أمر الطفل واجب الأمر بالصلاة كما يجب قبل الثلاث سنوات، فلن يلجأ إلى وسيلة الضرب بعدها..وهنا أيضاً التأكيد بأن ترهيب الأطفال من وسائل الفاشلين والعاجزين عن نهج الترغيب..فلتنتبه نواب المجالس، وكذلك مجالس الأباء، لمخاطر إعادة القهر والإرهاب إلى المدارس.. والوزير أو المدير أو المعلم العاجز عن تعليم الأطفال وتربيتهم بغير وسيلة السياط والخراطيش، فليبحث عن منصب - أو مهنة - غير التربية والتعليم ..!! الطاهر ساتي إليكم - صحيفة السوداني [email protected]