:: في زمان قراقوش، عندما إرتكب رجل قصير القامة جريمة قتل وإقتادوه إلى منصة الإعدام، كان عليهم رفع هذا المدان إلى مستوى حبل المقصلة، أو كان عليهم زيادة طول الحبل بحيث يصل مستوى قامة المدان..ولكنهم، بدلاً عن هذه الحلول، نفذوا حكم الإعدام على شاهد طويل القامة، وغضوا الطرف عن المدان قصير القامة، و ( خلاص)..ومع ذلك، حل الأزمة بالأزمة لم يُعد حكراً لزمان قراقوش ..بل، لأزمنة ما بعد زمان قراقوش أيضاً عبقرية في حل الأزمة بالأزمة، و أحياناً حل الأزمة بال..( طامة)..!! :: ونقرأ هذا الخبر ..( لائحة منع عقوبة الجلد بالمدارس جعلت بعض التلاميذ يتطاولون على الأساتذة، وبعض الأسر تستغل قانون الأسرة والطفل ضد المعلمين الذين يعاقبون أبناءهم، وأعلنا العزم على مراجعة اللائحة منع عقوبة الجلد لإحداث التوازن المطلوب منعاً لحدوث رد فعل معاكس من التلاميذ وأسرهم نحو المعلمين)، وزير التربية والتعليم بالخرطوم لصحف الأثنين الفائت.. وإن كان هذا تفكيراً تربوياً بمنطق الوزارة فهو يُعيدنا إلى (عصر التخلف)، وإن كان الوزير يرى في جلد التلاميذ حلاً لأزمة شغبهم وصخبهم فهو حل للأزمة بأزمة أخرى.. بل، بطامة كبرى..!! :: وربما لأن الوزارة لا تقرأ أو تنسى، يجب تذكيرها ..في مارس الفائت، عبر الصحف، أعلنت الهيئة النقابية لعمال التعليم بالخرطوم عن تطبيق لوائح وضوابط صارمة في تعيينات المعلمين لحماية التلاميذ من (التعرض للأذى) .. لماذا هذه الضوابط الصارمة؟.. حسب تصريح عبد الله بابكر الأمين العام للنقابة، لإرتفاع حالات الجنون والأمراض النفسية وسط المعلمين .. وعندما سألوه عن أسباب إرتفاع حالات الجنون، وإن كانت البيئة المدرسية و ضعف الراتب من الأسباب الأساسية، أجاب الأمين العام بالنص القائل : (مدارسنا لا تسبب الجنون، وأن المصابين جاءوا إلينا بحالاتهم الراهنة).. ثم طالب بتواجد طبيب نفسي في لجان الإختيار ..!! :: وعليه، تنقية صفوف المعلمين من هؤلاء المجانين كان يجب أن تكون مُقدمة على عقاب التلاميذ بالجلد في (قائمة الأولويات)، ولكن يبدو أن النهج التربوي والتعليمي بالخرطوم مُختل لحد الإنشغال بأمر شغب التلاميذ أكثر من مخاطر المُعلمين المجانين.. و أي تربية هذه التي يُساق إليها التلميذ بالسياط و الخراطيش؟..ما الذي يمنع وزارة التربية ومراكز الدارسات عن إجراء الدراسات ومعرفة أسباب شغب التلاميذ، أو تطاولهم على المعلمين كما يصفهم وزير التربية؟.. بالتأكيد لشغب التلاميذ أسباب ذات صلة بالبيئة المدرسية ومناهجها وطرائق الإدارة وشخصية (الناظر والمعلم)، ويجب الوصول إلى الأسباب ثم إزالتها بالمعالجات بدلا عن إرساء المزيد من أسباب الجهل والغباء والعٌقد النفسية والتسرب في أوساط التلاميذ بالإحتكام إلى قانون (السياط والخراطيش)..!! :: لقد تجاوز العالم من حولنا مجرد النقاش حول جلد التلميذ،وناهيك عن التفكير في الجلد كما يُلمح هذا التصريح .. لقد توصل الجميع إلى أن جلد التلميذ يعني تدني مستوى احترامه لذاته، ويعني عدم تعبيره السليم عن القدرات والآراء، ويعني هز إستقراره النفسي، ويعني توليد الكراهية في نفسه تجاه الآخر ، ويعني جلب الكآبة والقلق والعدائية إليه، ويعني عجزه عن مواجهة الأحداث والمواقف في حياته، ويعني رهبته من اتخاذ القرار، ويعني تعرضه للأذى أو الموت كما حدث باحدى مدارس ولاية الجزيرة قبل سنوات ..وإبعد كل هذا، ن عجز وزير التعليم بالخرطوم عن إبتكار وسائل تربوية خالية من السياط والخراطيش، فليُغادر الوزارة ويدعها لمن بتكرون، فهُم كثر .. وعلى مجلس النواب بالولاية و مجالس الآباء بالمدارس (الإنتبااااااه) ، فالوزير توعد بمراجعة اللوائح التي تمنع الجلد ...!! [email protected]