في القرن الواحد والعشرين لا يجد الأطفال في هذا الكوكب الموبوءة بالصراعات المسلحة ملاذا آمنا، تتساقط عليهم القنابل وهم على مقاعد الدراسة أو في دور الحضانة، بجانب الأوبئة التي تفتك بأجسادهم الغضة وتزهق أرواحهم البريئة، دون أن يحرك هذا العالم المهووس بطرائد الإرهاب من داعش وأخواتها ساكنا تجاه الطفولة التي توأد في مهدها، لينجو من نجا منهم، فتصبح الأجيال القادمة مشوهة بذكريات الحرب والتشرد والفقر والجهل والمرض. أي كوكب هذا الذي يضيق ذرعا ببراءة الأطفال، وأين ذهب نبل فرسان العصور الوسطى في حروبهم الهمجية الدامية حين كانت للأطفال حرمة وحماية، فالطائرات بدون طيار التي ترسل اليوم على غير هدى لقتل طرائد الإرهاب المزعومة تفتك بالأطفال، وهم بين أحضان أمهاتهم في كوخ ناءٍ في كهوف أفغانستان بينما زعماء الإرهاب الموهوم طلقاء يمارسون بدورهم القتل والدمار للأطفال. منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (اليونسيف) تأتيك بالنبأ الصادم بأن العام 2014 الذي نودع أيامه الأخيرة كان عاما مدمرا للأطفال الذين وقعوا ضحية النزاعات، ولا سيما في سوريا والعراق وغزة والسودان وجمهورية الكونغو الديموقراطية وأوكرانيا. وحذرت من تهديد جديد متمثل في إيبولا، الذي يَتَّم الآلاف منهم ومنع 5 ملايين طفل تقريباً من الذهاب إلى المدرسة. وبحسب المنظمة، فإن 230 مليون طفل يعيشون في مناطق تشهد نزاعات مسلحة، بينهم 15 مليوناً يعانون منها بشكل مباشر. وقال البيان "يعاني 15 مليون طفل من النزاعات العنيفة في جمهورية أفريقيا الوسطى والعراق وجنوب السودان ودولة فلسطينوسوريا وأوكرانيا - وأصبح الكثير منهم بفعل هذه الصراعات نازحين أو لاجئين. ويقدر أن 230 مليون طفل في العالم يعيشون حاليًا في دول ومناطق تتأثر بالنزاعات المسلحة". وإذ لفتت اليونيسيف إلى أنه في العام 2014 "اختطف مئات الأطفال من مدارسهم أو وهم في طريقهم إلى المدرسة"، أكدت أنه "تم تجنيد عشرات الآلاف منهم أو استخدامهم في القوات والمجموعات المسلحة. كما ارتفع عدد الهجمات على مرافق التعليم والصحة، وازداد استخدام المدارس لأغراض عسكرية في العديد من الأماكن". أليست هذه الأرقام المفجة تشكل وصمة عار للإنسانية في الفية التطور التقني الهائل يسجل العالم ارتادد إلى عصور بائدة يباد خلالها الأطفال؟ أليس من المعيب في عالم يتنافس ويتسابق في الحروب الإلكترونية والقرصنة الأسفيرية يجد الأطفال كل هذا الدمار والقتل والتشريد؟ لا يبدو في الأفق بصيص أمل بأن العام المقبل سيكون رحيما بالأطفال طالما الحروب لا تزال مشتعلة والسياسات التي تحرم الأطفال الحق في الحياة لا تزال قائمة، والأخطر بحسب تحذيرات اليونيسيف أن وباء الإيبولا سيفتك بالمزيد من الأطفال. محمود الدنعو - العالم الآن صحيفة اليوم التالي