لو كان الملك بوش الثالث أو حتى الأمير بوش الخامس لما أثار انتباهنا، ولكن التوريث في النظم الديمقراطية أمر منبوذ تماما كالتمديد للفترات الرئاسية بتعديل الدساتير التي تستخدم في الكثير من دول عالمنا الثالث كمطية للوصول إلى السلطة والخلود فيها ما أمكن للزعيم أن يعيش، وبالتالي نجد الشرارة التي أشعلت ثورات الربيع العربي هي رغبة الرؤساء أو الطغاة السابقين - سمهم ما شئت - في توريث السلطة لأبنائهم، كما أن الأزمة السياسية في سوريا تعود إلى وصول بشار إلى السلطة وريثا لوالده حافظ الأسد. ولكن ثمة توريثاً يمكن أن نطلق عليه حميداً تماماً مثل الأورام، فهناك الخبيث ومثلها الحميد، والتوريث الحميد هو ما يأتي عبر الوسائل الديمقراطية التي ارتضى العالم الحديث بها وسيلةً وحيدةً للتداول والتناوب على السلطة، وهي صناديق الاقتراع بغض النظر حول ما يثار حولها من عيوب عن التطبيق تتفاوت من بلد إلى آخر، ولكنها في النهاية الوسيلة الأفضل حتى الآن لضمان تداول سلمي وعادل للسلطة. أما بوش الثالث الذي يمكن أدراجه في خانة التوريث الحميد، رغم ما قام به بوش الأول والثاني من دمار وخراب إلى العراق، فنحن لا نأخذ الشخص بجريرة والده أو شقيقه السياسية أو حتى الجنائية، فبوش الثالث الذي ربما أصبح في انتخابات العام 2016 رئيسا للولايات المتحدة، ثالث رجل من عائلة بوش، يصل البيت الأبيض هو جيب بوش، الشقيق الأصغر للرئيس الأميركي السابق جورج بوش الذي مكث في البيت الأبيض من العام 2001 إلى 2009 وابن الرئيس السابق جورج بوش الأب، الذي مكث هو الآخر من 1989 إلى 1993 الذي أعلن أنه يدرس بجدية الترشح لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية في 2016، ممثلا عن الحزب الجمهوري. حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش الذى يصف نفسه بأنه جمهوري برغماتي في حال قرر خوض غمار سباق الرئاسة، فإنه يملك الكثير من فرص الوصول إلى البيت الأبيض مستفيدا من خبرات عائلته في الحكم، فضلا عن أن التجارب في الولاياتالمتحدة تقول بأن أحد الحزبين الديمقراطي والجمهوري اللذين يتسيدان المشهد السياسي الأمريكي في حال واصل لولايتين سيعقبه الحزب المنافس للرغبة الأمريكية الدائمة للتغيير. التوريث الحميد، كما أسميناه، قد لا يكون قاصرا على الحزب الجمهوري أو عائلة بوش التي ربما في المستقبل جاءت ببوش الرابع، وهو جورج بريسكوت بوش ابن جيب الذي يخوض الانتخابات المحلية في تكساس، بل إن عائلة كلينتون بصدد ترشيح هيلاري لتصبح الرئيس كلينتون الثاني! محمود الدنعو - العالم الآن صحيفة اليوم التالي