على مدى اربعة ايام متتاليه، قضاها اعضاء المؤتمر القومى العربي في حوار عميق حول القضايا العربية الراهنة بتحدياتها المختلفه، اختتم امس المؤتمر القومى العشرين جلساته بالخرطوم التى شهدت جدلاً ونقاشاً حول خيار المقاومة العربية وكيفية دعمها وتمكينها من اداء رسالتها ودورها في المحيطين العربي والاسلامى. وقد ترجم المؤتمرون من خلال مدولاتهم للقضايا المختلفه فكرة المؤتمر بإعتباره تكتل شعبي عربي واسع خارج إطار الدولة العربية الرسمية التى تواجه بكثير من الخطوط الحمراء في تناول القضايا العربية ذات الحساسية الشعبية والتى تتطلب استخدام خيار المقاومة بعيداً عن الانظمة العربية ومواقفها المتباينه اتجاه كثير من القضايا العربية والاسلامية في المنطقه. وقد مضى البيان الختامى الى ان جعل المقاومة خياراً استراتيجياً للأمه يؤكد وقفة المؤتمر الى جانب السودان ضد الاعتداء عليه والذي يستهدف وحدته وعروبته وثرواته، واشار البيان الى ان السودان بموارده يمثل مأمناً للأمن القومى العربي لهذا يتعرض للفتن بصورة متواصله، وقال البيان ان اللاءات العربية الثلاث في قمة الخرطوم جعلت من إنهاء الاحتلال الصهيونى للاراضي الفلسطينيه هدفاً لا بديل عنه، مشيرا الى ان خيار المقاومة هو خيار الحد الادنى للمقاومه. وقد افرد المؤتمر كثيراً من جلساته حول بلورة ودعم خيار المقاومة العربية كخيار استراتيجي للأمه في بعديها المحلى والقومى، وقد دار نقاش مستفيض حول تبني ودعم خيار المقاومه في محاوره السياسيه والاقتصادية والاعلاميه والعسكرية، وفي كثير من هذه النقاشات كانت القضية الفلسطينية والعراقية والسودانية حاضرة وماثلة في كل الامثلة، فقد تداول المؤتمرون كذلك ورقة حول «نصرة السودان» قدمها معن بشور، التى أشار فيها الى حق الشعب السودانى على العالم العربي ان يتضامنوا معه في وحدته وسيادته ورمز شرعيته، وقال ليس هذا الملتقي التضامنى النصروى الاول من نوعه لا داخل السودان ولا على المستوى الاقليمي والدولى، ولكنه بالتأكيد خطوة نوعية في مسار التضامن مع السودان في معركته التى تستهدف باسم القضاء الجنائي الدولى ضرب أمنه واستقراره واستقلاله ووحدة اراضيه وتعطيل دور تاريخي كبير ينتظره في محيطه وعلى المستوى العالمى، وقال ان هذا الملتقي هو اطار للحوار والنقاش حول برنامج عمل يمكن ان يضطلع به المشاركون داخل الوطن العربي والعالم لكى يدعموا السودان في معركته المشروعه دفاعا عن سيادته، واضاف ان الملتقى ليس دفاعا عن السودان فأهل السودان أقدر على الدفاع عن انفسهم وحقوقهم بل انه ورشة عمل موسعه لتدارس السبل التى تمكننا من مساعده اهل السودان في معركتهم، ودعا معن بشور في ورقته المؤتمر القومى العربي الى مواصلة التحرك من اجل ترجمة المواقف والقرارات التى جرى اتخاذها في قمم واجتماعات عربية واسلامية وافريقية ودولية ضد قرار المحكمة الجنائية بهدف ترجمتها الى اجراءات عملية تؤدى الى ابطال القرار سواء من خلال تعديلات في ميثاق المحكمة نفسها تقرها اغلبية الاعضاء، أو من خلال قرارات الجمعية العامه للأمم المتحده يكون لها مفاعيلها على المستوى القانونى والدولى، ودعا الى دعوة رؤساء الدول الشقيقه والصديقة المتضامنه مع السودان للقيام بزيارات تضامنيه للخرطوم بالاضافة الى استقبال الرئيس البشير في عواصمها كتعبير عن رفضها القرار، كما دعت الورقة الى تشكيل لجان تضامنية مع السودان في كل قطر عربي من اجل فضح الاغراض الاستعمارية وراء استهداف السودان، والتأكيد على الدور الصهيوني فيما يحاك ضد السودان والعمل على ابراز ذلك بكل الوسائل، وعلى الصعيد الاعلامى دعت الورقة الى مخاطبة القيمين على وسائل الاعلام العربية والدولية كافة من أجل إيلاء القضية السودانية بكل جوانبها ما تستحقه من اهتمام بما فيها ازمة دارفور وقضية المحكمة الجنائية الدولية، وعقد ملتقي اعلامي عربي واسع في السودان تحت عنوان «ازدواجية المعايير في النظام الدولى» تنطلق من قرار المحكمة الجنائية الدولية وقرارات مجلس الامن ضد السودان لكشف حقيقه هذه الازدواجية، وعقد ملتقي اعلامي دولى في السودان يتم من خلاله اطلاع اعلاميين وكتاب كبار من مختلف انحاء العالم على حقيقه الاوضاع في السودان، وعلى الصعيد القانونى دعا معن بشور الى تنظيم ملتقى قانونى يضم شخصيات قانونية بارزه عربية وافريقية واسلامية وعالمية من اجل وضع خطه مواجهة متكامله على الصعيد القانوني وتفنيد قرار الجنائية الدولية بحق السودان من وجهة نظر قانونيه، وتكليف اتحاد المحامين العرب والسودانيين بالاشراف على تنظيم الملتقي القانونى الذي يفضل ان يكون في عاصمة أوربيه، والسعي لتشكيل محكمة دستوريه دولية للنظر في قانونية قرارات مجلس الأمن ومدى انسجامها مع ميثاق الاممالمتحده والقانون والاتفاقيات الدولية. وقد ناقش المؤتمر القومى العربي بإستفاضة الواقع العربي الراهن على ضوء التطورات الدوليه المحيطه به، وذلك عبر استعراض تقرير سياسي شامل لحال الامه العربية وواقعها الذي تعيش فيه في ظل الانظمة الحالية، وقد عكس التقرير مدى حالة ابتعاد الانظمة العربية عن تلبية طموحات الشارع العربي ومتطلباته ضمن التحديات التى يتطلع بها المؤتمر القومى العربي، واستكمالا لذلك استمع المؤتمرون لورقه عمل اعدها الاستاذ غسان بن جدو حول «البعد الاعلامي» في المقاومة كخيار استراتيجي للأمه، أشار فيها المفارقه في الوطن العربي حول المقاومة كحق مشروع وواجب وشرف، ولكنها في وضع عربي رسمي يصطدم بالمقاومة ويطارها ويتهمها بالمغامرة أو الارهاب، ولأن المقاومة ليست محل اجماع في البلاد العربية فقد اصبحت مثالاً للانقسام الاعلامى، لكن الحيرة تزداد حين يتحول الخلاف في الرؤي حول المقاومة ودورها وكينونتها من خلاف على هويتها الى خلاف على اصل وجودها لا بل على اصل حركتها حتى في زمن العدوان الخارجي الواضح، وذهب بن جدو الى تقسيم الاعلام العربي الى قسمين اعلام مع المقاومه وداعم لها وآخر ضد المقاومه ونشاطها فأصبح هناك إعلام المقاومه وهناك الاعلام المقاوم وهناك إعلامى مقاوم، كما يوجد الاعلام المعادى للمقاومة والمحرض عليها والعامل ضدها، وقال ان من أهم ما نجح الاعلام العربي المنحاز للمقاومة خلال السنوات الماضية هو انه وضع حداً للممنوعات اعلامية تسمي محظورات مهنيه، ثبت بعد التجربة أنها لم تخدم إلا المحتل والمعتدى، بل كأنها وضعت اساسا لصالح المجرم على حساب الضحية ومن ابرز الامثلة على ذلك هو إلزام القنوات على عدم بث صور المجازر بحجة اخلاقية كاذبه، ولكن بعض الاعلام العربي تحدى هذه القوالب واظهر صور المجازر في حرب لبنان 2006م وحرب غزة الاخيره، ان المقاومه في السنوات الماضية ابرزت انقسام حادا بين المثقفين والكتاب ومن الواضح ان الصحافة المكتوبه المناوئه هى الاكثر تأثيراً أو لنقل حضوراً لإعتبارات عدة هوأنها تلعب دوراً سلبياً للغاية. ولكن بن جدو طرح في ورقته قضية للنقاش تتعلق ب»التطبيع الاعلامي» وقال معروف ان انصار المقاومه يرفضون التطبيع مع اسرائيل ولكن هذه القضية تحتاج لحوار، متسائلا ما معنى التطبيع مع اسرائيل؟ هل يعني عدم استضافة اسرائيليين وعدم التعامل معهم؟ هل يعني عدم زيارة الاراضي المحتله، كى لا نمنح اسرائيل شرعيه؟ ومضي الى انه لم يعد مقتنعا بشئ اسمه عدم التطبيع الاعلامي مع اسرائيل، بمعنى انه مع زيارة الاعلاميين ليس الى غزة فقط بل لأى شبر في ارض فلسطينالمحتله، وقال في ختام ورقته ان صوت اعلام المقاومه سيبقي قوياً ومؤثراً والأقرب الى الناس والشعوب حتى مع ترجيح تصاعد الضغوط من قبل السلطات العربية وبعض التضييق الدولى على اعلاميين عرب. خالد البلوله ازيرق :الصحافة