طفت على السطح مجدداً الترشيحات لخلافة الرئيس عمر البشير، ووجدت حيزاً من النقاش في مجالس اغلب الأحزاب السياسية ان لم تكن كلها.. وكان آخرها تصريحات نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل وترشيحه للعميد عبد الرحمن المهدي لما يتمتع به من مؤهلات، إلا انه استدرك وقال إن دفع الوطني بالنائب الأول أو المساعد الأول لخلافة البشير فإن كفة بكري ترجحُ، ووصفه بأنه شخص يستطيع التعامل مع الجميع لطيلة تجربته خلال ال «25» عاماً التي تكون أوصلته الى قناعة بضرورة تحقيق الوفاق الوطني وحل قضايا السودان. وما ذهب إليه إسماعيل رؤى تتمحور حول الوضع العسكري وعلاقة بكري بأفراد الجيش، وستقوم على العقيدة العسكرية الصحيحة لبناء جيش وطني يتطلع لكيفية معالجة المرحلة المقبلة والابتعاد عن التكتلات المسلحة، اضافة الى أنه سيصبح كرت ضمان لسلامة البشير ومصالحه. الا أن الأزمة الحقيقية في خيارات هذه الترشيحات حدت بالمحلل السياسي د. نصر الدين الدومة الى تأكيد أن قضية اختيار مرشح للرئاسة في دوائر الحزب الحاكم ليست بالجديدة، وهي أزمه يعيشها الحزب ويمكن النظر اليها من جانبين: الأول يرتبط بأزمة الممارسة السياسية في السودان من خلال المشكلات التي تواجه كل الأحزاب السياسية في الممارسة وافتقارها للديمقراطية وغياب الرؤية الواضحة في الترقي التنظيمي، مما أعاق مسألة تعاقب وتجديد القيادات، وساهم في ايجاد القيادات التاريخية الثابتة، والجانب الآخر «والحديث للدومة» يتعلق بطبيعة المجتمع السوداني وما حدث فيه من تحولات كبيرة ومرتكزات في التربية والتنشئة الاجتماعية، وغياب بعض القيم عنها منها قيمة الاختيار التي شأنها شأن بقية القيم تُعلّم وتكون هنالك استعدادات لممارستها سواء على المستوى الشخصي او في إطار الجماعات. بينما يرى البعض الآخر ان التشكيل الحكومي الذي تم منتصف العام الماضي مجرد هندسة سياسية لتكريس سلطة الفرد الواحد، مشددين على ان ما يحتاجه الشعب السودانى هو تغيير يبدأ بالبشير نفسه ونظامه، وهو ما أكده الخبير الاستراتيجي محمد حسين ابو صالح خلال حديثه للصحيفة بأن الاصلاحات التي تمت داخل المؤتمر الوطني مرحلة إدراك لتعقيدات ما سيحدث مستقبلاً، وتحتاج حسب حديث ابو صالح الى تغييرات في السياسة، مشيراً الى ان التوجه الجديد لا يحتمل وجود مرشحين، وان المرحلة القادمة مرحلة افكار اكثر من ان تكون مرحلة شخوص. وهذا غير بعيد عما يدور في بقية الأحزاب بوجود توجهات لإعلان مرشحين منها لاعتلاء سدة الحكم واكتساح الدورة الانتخابية المقبلة، بالرغم مما يدور حولها من لغط بامكانية قيامها من عدمه. وبالعودة لذي بدء، وبعد الخروج الكبير والسريع لعلي عثمان محمد طه العام المنصرم وهو الذي كان يعد الرجل الثانى منذ الثمانينيات لما يتمتع به من صفات وشخصية واعتباره الوجه المدني للدولة التي تكونت من تحالف بين الجناحين المدني والعسكري للحركة الاسلامية السودانية، فإن ذلك شكّل خلواً للمنصب باعتباره الرجل الثاني في الدولة آنذاك. إن تعدد الخيارات في الحزب الحاكم وورود اسماء بعينها للترشح للرئاسة يعكس الصعوبة التي سيواجهها الوطني لتجاوز مسألة خلافة البشير، وايجاد بديل له، خاصة انه لا توجد اية حظوظ كبيرة لأي مرشح خارج المؤسسة العسكرية باعتبارات الدور الأزلي الذي تلعبه المؤسسة العسكرية السودانية في الحياة السياسية. إذن، السؤال الجوهري ما هي الدوافع الموضوعية والمبررات لضرورة التغيير والتجديد التي تمت على طريقة التصفية السياسية الجماعية كالموت الفجائي؟ وهل كان الأمر ترتيباً مدروساً حتى لا يخلف اضراراً اكثر فداحة ؟ وهل هذا التغيير له تبعات وآثار سالبة على ترشيحات رئاسة الجمهورية المقبلة؟ ومن باب استقراء تداعيات هذه الخطوة وان كانت تهم البيت الحاكم، الا ان انعكاساتها على مجمل الأوضاع الوطنية المتأزمة على كل الاصعدة وتأثيراتها المحتملة تجعل القارئ للوضع السياسي يذهب مذاهب شتى لجدلية «من له الأحقية في الترشيح لرئاسة الجمهورية؟». صحيفة الانتباهة