صاحب بقالة بالوادي الأخضر، مربع (20)، بمدينة الصحافيين، ظل يسرد على مسامعي قصة امرأة فقيرة رفضت الرجوع إلى منزلها دون أن تنال ما تبتغيه من مواد غذائية بسيطة رغم تمسكه الشديد بضرورة دفع القيمة فوراً.. المرأة انتظرت بصبر (أيوبي) لساعات ونالت مبتغاها ووعدت بأن تفي بالالتزامات المالية دون أن تتقيد بفترة زمنية محددة.. محمد أكد ل(اليوم التالي)، أن المرأة ليست وحدها، وأن الفقر البائن أطبق بأظافره على أسر كثيرة، وأكد أن ارتفاع الأسعار حرم المواطنين البسطاء من اقتناء مواد غذائية كانت في متناول الأيدي في وقت سابق. مؤخراً اعترفت قيادات نافذة في الحكومة بمواجهة المواطنين لشظف بالغ في العيش جراء تردي الأوضاع الاقتصادية، وطالبت الجهات ذات الصلة بإيجاد معالجات سريعة لاحتواء الموقف وتيسير معاش الناس. ووجه النائب الأول للرئيس، نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنفيذية، بكري حسن صالح، أعضاء القطاع الاقتصادي في الحزب الحاكم بالتدخل لمعالجة موجة الغلاء الطاحن في الأسواق وتيسير العيش للمواطنين. ويؤكد الخبير الاقتصادي، ونائب رئيس اللجنة الاقتصادية السابق بالبرلمان، بابكر محمد توم، أن التأثيرات الخارجية تعد السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسعار، باعتبار أن السودان يُعتبر دولة مستوردة للسلع الأساسية. وقال في تصريحات منشورة، إن البلاد تعاني من التضخم بسبب العجز الكبير في الميزان التجاري، لتصديرها القليل واستيرادها الكثير. وشهدت الأسواق خلال الأشهر الأخيرة ارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الاستهلاكية الرئيسية، وفشلت معالجات عديدة سعت إليها الحكومة في السيطرة على السوق. ونصح صندوق النقد الدولي السودان بتقليص الفجوة بين سعري صرف الدولار في السوقين الرسمي والموازي، وأكد أن الاقتصاد السوداني يعمل وفق السوق الموازي، لأن الحكومة والقطاع الخاص لا يتعاملان بالسعر الرسمي، ورأى أن التضخم ارتفع إلى معدلات عالية لم يسبق لها مثيل منذ التسعينات. ويُحدِّد بنك السودان المركزي سعر صرف الدولار بنحو (5.9) جنيه، بينما يبلغ سعر الصرف في السوق الموازي خلال اليومين الماضيين (9.2) جنيه. وسجل معدل التضخم بالسودان لشهر أغسطس الماضي انخفاضاً طفيفاً بلغ (46.4%) مقارنة ب(46.8%) في يوليو رغم ارتفاع المتوسط العام للرقم القياسي لأسعار السلع الاستهلاكية بنسبة (3%). حيث بلغ في أغسطس (462.2) نقطة، مقارنة ب( 448.9) نقطة ليوليو. وكان معدل التضخم السنوي والى الارتفاع، خلال يوليو المنصرم، وأفاد الجهاز المركزي للإحصاء، حينها، أن التضخم ارتفع إلى (46.8%) في يوليو، مقارنة ب(45.3%) في يونيو و(42%) لشهر مايو. النائب الأول أثناء مخاطبته الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القطاع الاقتصادي بالحزب، طالب الأعضاء بالبحث عن معالجات لارتفاع معدل التضخم وتوالي ارتفاع الأسعار التي قال إنها أثرت سلباً على قطاعات واسعة من محدودي الدخل، والتوازن في الإصلاح، موضحاً أن مخرجات المؤتمر في النهاية يجب أن تصب في المعيشة لأنها أصبحت هما للمواطن ولأن الاقتصاد في معناه البسيط يعني توفر الخدمات وسهولة الحصول على المعاش بما يؤمنه من الجوع والخوف. ووجه النائب الأول بالبحث في كيفية زيادة الإنتاج والإنتاجية، وأقرَّ بأن مسيرة التنمية الاقتصادية بالبلاد لا تزال تواجه الكثير من التحديات، داعياً أعضاء المؤتمر إلى تقديم إجابات تمكنهم من تجاوز الواقع المعقد للاقتصاد بالبلاد. ونوَّه صالح إلى أن المؤتمر الوطني يضع في صميم أولوياته معاش الناس وقضاياهم الحياتية. وأقر القيادي بالحزب الحاكم، رئيس اللجنة العليا للمؤتمرات الوظيفية، الأمين دفع الله، بأن الشعب السوداني أصبح لا يستطيع الإنفاق على (قفة الملاح) ويجد في ذلك عنتا ومشقة. وأنهى القطاع الاقتصادي جلساته وأصدر توصياته التي أكدت ضرورة زيادة الإنتاج والإنتاجية وترشيد الصرف الحكومي، ودعم شبكات الضمان الاجتماعي وزيادة الإيرادات وتقوية آليات الرقابة على المال العام. وشدَّدت التوصيات على أهمية التوسع في دعم الشرائح الضعيفة في المجتمع عبر التمويل الأصغر ودعم صغار المنتجين وتقديم الدعم الحكومي لمستحقيه من الشرائح الفقيرة في المجتمع. ونادت التوصيات بضرورة إدخال حقول بترولية جديدة حيز الإنتاج خلال المرحلة المقبلة وتحريك الطاقات الإنتاجية في القطاعين العام والخاص وزيادة الإنتاج في القطاعين الزراعي والصناعي باعتبارهما قاطرة الاقتصاد الوطني. ودعت التوصيات إلى تشجيع الاستثمار ومعالجة المشاكل التي تواجهه خاصة قضايا الأراضي وتبسيط الإجراءات وتوفير الضمانات اللازمة للمستثمرين. وأمَّنت التوصيات على أهمية توفير القروض لدعم المشروعات الإنتاجية، واعتماد سياسات تسويقية والحصول على أعلى عائد من المنتجات والصادرات السودانية، والتأكيد على سياسة التحرير الاقتصادي والتدرج في رفع الدعم ومراعاة الشرائح الضعيفة في المجتمع والحفاظ على قيمة العملة الوطنية عبر سياسات نقدية تهدف إلى تحريك القطاع الاقتصادي. وكان نائب رئيس الجمهورية، حسبو محمد عبد الرحمن، وجه بدوره حكومة ولاية الخرطوم بالتقرب إلى المواطنين ومعرفة قضاياهم، وحث خلال مخاطبته اجتماع القطاع السياسي للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، قادة الدولة، إلى عدم الركون للتقارير التي يعدها الموظفون عن مشاكل الناس، وقال: (لوبقينا في أبراج عالية فلن نصلح). وأضاف: (نحن لم نأت لنحكم بل لخدمة الناس). كما أقر مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية، إبراهيم غندور، بمعاناة المواطنين، وقال إن الغلاء أصبح فاحشاً، وأن المعيشة أضحت صعبة، مؤكداً ثقتهم في أن الله سبحانه وتعالى سيعطيهم مزيداً من الخير. اليوم التالي