*هي (عقدة) نفسية وحدثت في منطقة اسمها (العقدة).. *ليست العقدة التي في الجزيرة وإنما هي بمدينة كريمة.. *هي الضاحية التي أنشأ فيها الروس مصنع تعليب الخضر والفاكهة.. *وقد كتبت مرةً عن ظاهرة غريبة في العقدة هذه خاصة بالأسماء.. *فما من شاب هناك إلا ولديه لقب من اسماء الطيور أو الحيوانات أو الزواحف.. *بل حتى من عالم الجن الغيبي ذاته كحالة (الجنية).. *فهو كان يلعب مدافعاً بنادي الهلال ولا يكاد ينجو مهاجم من (مسِّه).. *فإن قابل بشعره المنكوش شخصاً- بعد صلاة العشاء- (تبسمل وتحوقل).. *فقل أن تخطئ تصويبات الألقاب هناك هدفها رغم كثرتها.. *وفي أيامنا تلك كان هنالك الضب والورل والكرجي و(الدجاجي الحاضني).. *والأخير هذا سمي كذلك بسبب ساعديه المتباعدتين وأصابعه (المفرورة).. *فهو لم يكن يشبه بحالته تلك إلا الدجاجة التي تحضن بيضها.. *ثم هنالك ألقاب كثيرة أخرى ما عدت أذكرها الآن.. *ولكن من بين الذي أذكره جيداً سبب (عقدتي) التي هي عنوان كلمتنا هذه.. *فامرأة روسية دخلت عليها بيتها لمساعدتها في شيء طلبته.. *ولم يكن في المنزل سواها بما أن زوجها بالمصنع ولا أطفال لديها.. *وكنت أنفر – بطبعي – من (شدة) بياض اللون عند البشر.. *هو شيء مثل نفور بعض البيض من سواد البشرة ولكن دونما (تمييز).. *أي لم يكن نفوراً من منطلقات عنصرية (مضادة).. *وتطلبت المساعدة تلك (قرباً) كدت أفرغ معه ما في جوفي.. *وتحول النفور- مذ تلكم اللحظة – من طبيعي إلى (مرضي).. *وأضحى (عقدةً) أعاني منها إلى زماننا هذا.. *ثم تفاقمت العقدة – هذه الأيام- مع (شدة اصطناع) البياض لدى فتياتنا.. *سيما المذيعات منهن ، والمغنيات، والممثلات، و(السكرتيرات).. *وللسبب هذا فإن انتقادي للظاهرة هذه يفوق الذي يصدر عن الآخرين.. *فهو ذو أبعاد (نفسية) خلاف الأخرى المتفق عليها.. *فالبياض (الصناعي) يثير في نفسي تقززاً لا يفعله (الطبيعي).. *وحين أقول الطبيعي فإنما أعني ما هو دون (الروسي) المشبع بالحمرة.. *وإلى أن تعود لشاشاتنا (هويتها) فإنني أهرب منها حرصاً على (صحتي).. *بمثلما تهرب ذاكرتي إلى (بياض) أيام العقدة هرباً من (سواد) الراهن.. *وأضحك – بسعادة الأطفال- وأنا أسمع من ينادي (يا الضب).. *أو أرى من يمشي (مجنِّحاً) يحاكي (الدجاجي الحاضني).. *أو أعجب للذي يقول إنه يخشى ملاقاة (الجنية) ليلاً.. *ثم لا يخشى- نهاراً- (شدة القرب من روسية!!). الصيحة