خبر عام.. قرأته في الصفحات الداخلية للجميلة (آخر لحظة) مؤدى الخبر أن (شبكة سنا الطوعية) أبدت استعدادها لتبني الأبحاث الخاصة بشجرة النيم لاستثمار زيت بذرتها.. وهنالك إشارة إلى أكثر من مائة مادة فعالة تنتجها شجرة النيم.. وحقيقة لنا مع شجرة النيم جولات لعلها أكثر الأشجار انتشاراً في السودان.. وكانت حتى وقت قريب تعتبر شجرة تمنح الظل فحسب.. واذكر أنني قديماً كتبت قصيدة بعنوان (تحت النيم) تخليداً لجلسات جميلات تحتها.. وذات مرة ملكني باحث شهير معلومة لم تكن صحيحة.. أن شجرة النيم أحضرها إلى السودان الإخوة من نيجيريا لذلك تجدها أمام منازلهم دوماً في أصقاع مدن السودان المختلفة.. لكن عرفت فيما بعد أن الإنجليز استجلبوها من الهند إلى السودان بهدف تشجير الشوارع فحسب.. وعرفت والله أعلم.. أن أول شجرة نيم دخلت السودان ما زالت شامخة في منطقة شمبات العريقه.. ولعل اسم مؤسسة النيمة الثقافية بشمبات جاء تيمناً بتلك الشجرة.. حكى لي بعض السائقين بالتلفزيون القومي في منتصف التسعينيات أن أحد زملائهم يبيت بالموقع درج على تحاشي البعوض بوضع أفرع من شجرة النيم تحت المرتبة.. فتطرد البعوض تماماً.. (والعهده على الرواة بتجربة واقعية).. ابتسمت إلى إعلان في قناة أجنبية عن صابون وكريم لعل اسمه (نيم) مستخلص من هذة الشجرة.. (وما أوليت الأمر اهتمامي وما منحته المزيد).. الآن يجيء هذا الخبر السعيد.. شجرة النيم ذات فوائد عديدة وهي منتشرة في بلادنا وهي ولادة.. لا تحتاج إلى رعاية كبيرة حتى تنمو وتشمخ.. إذن فكل من زرع النيم في حوش منزله أو أمام بيته ينتبه إلى الثروة التي يملكها.. فقط الأمر يحتاج إلى بحث وإلى تطوير. ولعل الحس الشعبي المعاصر لم يكن موفقاً حين يطلق على اللا جدوى من أمر بمقولة (تاكل نيم).. أو ربما كان موفقاً في أن النيم لا يؤكل ولكن له فوائد أخرى عديدة. عموماً جاء الخبر مؤكداً لجهود الباحثين في مجالات شتى ضمنها هذا المسعى لاستعمال زيت بذرة النيم في صناعة العقاقير والصابون والمبيدات والكريمات ومعجون الأسنان الطبي.. الخبر يؤكد أننا قد نهمل استثمار هبات طبيعية كثيرة حولنا.. وقد سخر الناس من قبل من الوزير الذي قال إننا يمكننا استثمار (السم) لجلب ثروة.. وما كان ينبغي السخرية من الفكرة لأننا فعلاً يمكننا استثمار كثير من الحشرات والزواحف في مراكز البحث.. وهناك أسر مصرية تعمل في مجال بيع الثعابين والعقارب والضباب (جمع ضب) والجراد وغيره.. وتعود على الخزينة المصرية بعملة صعبة مقدرة.. مع كون التجارة هذه بدائية وشعبية وتعتمد على جهد شعبي خالص أخلصت له بعض الأسر ببسالة حين ينفر منه الآخرون للخوف من التعامل مع هذه الكائنات. وقصة استعمال زيت النيم في المعجون الطبي ذكرتني بأحدهم وكان يحدثني بأن السواك بفرع من فروع شجرة النيم له فوائد صحية على الأسنان ولا مانع إن ابتلعت الريق الناتج من السواك.. فهو مطهر رغم مرارة مذاقة.. ربما كان لهذا الرأي وجاهته. بالمناسبة كنت في الجامعة مولعاً بابتكارات كان زملائي يسخرون منها ويسمونها شطحات.. وكانوا يسألونني عن آخر الشطحات ولديّ شطحتان عاودت بعد قراءة هذا الخبر العودة إلى إحيائهما.. فكرة إنتاج الظل.. وذلك بأنه مثلما البطارية تنتج نوراً فلماذا لا نفكر من أن ننتج سواداً المقابل للضوء.. ففي النهار تدوس البطارية فتعطيك هالات سوداء يمكن استثمارها كظل.. الفكرة طبعاً هلامية جداً وقد تكون مستحيلة.. لكن الشطحة الثانية أكثر واقعية وهي أنني لاحظت سهولة نمو شجرة الليف وذلك بمتابعتها في بيتنا الكبير ثم في أول بيت استأجرته في مدينة الحلفايا.. الليف ينمو بسهولة وبكثافة.. فقط ارمِ بذرته قرب الماسورة.. فبسرعة ينمو ويتسلق وينتشر.. فكرت في استثماره في صناعة الورق.. فهو أقرب إلى ذلك واعتقد أنه أسهل.. فهل ينتج الورق من الليف؟!