ألقاب السودانيين مثيرة للدهشة، وبعض هذه الألقاب توليفة من واقعنا، وتتراوح بين الفصحى والعجمى، على أن ألقاب الأطفال كانت قاصرة على تصغير أسمائهم فعندما نسمع عشوشة نعرف أن الإسم الحقيقى عائشة، ولقب حميدة لا يطلق إلاّ على محمد، كما أن أحمد يلقب ب أبو حميد وعبدالقادر قدورة وفاطمة فطينة ... إلخ، ويلاحظ أن بعض الألقاب يطلق حسب لون البشرة مثل إزيرق كناية عن شدة السواد والحلبى أو خواجة كناية عن شدة بياض البشرة، وأذكر فى المرحلة الإبتدائية أن أحد زملائنا كان شديد بياض البشرة ويلقب ب زروقة، وكنا نتعجب لهذه المفارقة، ولكن علمنا مؤخراً أن صاحبنا لقب هكذا لطرد العين والنجهة.. ومن المعهود أن البنت التى تسمى على جدتها تلقب ب أم أبوها كما أن الولد الذى يسمى على جده يلقب بسمى جدو وأحياناً جدو، ورغم ابتداعات الحديثة والمنقولة من مجتمعات أخرى مثل شوشو ودي وفوفو.. تظل عندنا حليمة حلوم ومريم مريومة وخديجة خدوج ..إلخ.. وأن التصغير لا زال هو السمة الغالبة للقب أو المشكار أو اسم الدلع البنت الجميلة هي الأخرى تأخذ قسطاً وافراً من الألقاب، فبعضهم يلقبها ب أم قرون كناية عن طول المساير التى هى عنصر من عناصر الجمال، والبنت البيضاء قد تلقب بالرتينة، كما أن البنت ذات العيون الجميلة تلقب بالشباك وأحياناً يطلق لقب أم نيران عموماً، واللقب أحياناً يكون بالمهنة أو المنصب ومن ذلك آدم شل لأنه يعمل لدى شركة شل وعبدالرحمن بابور لأنه مسئول عن تشغيل وابور الكهرباء، و أبكر الزيات لأنه يعمل زيات لوابور الطاحونة، وخليفة العجلاتي لأنه يعمل فى إصلاح الدراجات أو تأجيرها، واذكر أن تاجراً يسمى عمر وكان يمتلك مدبغة تقليدية، ويشترى الجلود، ويقوم بتجهيزها ثم ترحيلها وبيعها فعرف ب عمر جلود. الأسرة التى عهدت أن يموت أبناؤها فى وقت مبكر تطلق ألقاباً غريبة على مواليدها الجدد مثل أم بريمة للبنت، ودوكة و المر للولد، على أن بعض القبائل تطلق ألقابها حسب البيئة، فنجد مثلاً إسم مرفعين كناية عن الضراوة، وحجر طاحونة كناية عن القوة، ونمر وأسد وغيرها.. ومن الألقاب الشائعة تلك التى تطلق على المدرسين وهى بالطبع تتميز بالسرية، فالطلاب يبتدعونها ويتداولونها فيما بينهم ويكون المدرس لا علم له بها، وقد يلقب الأستاذ من مجرد كلمة يتفوه بها أو موقف يتخذه، فأساتذة الرياضيات ألقابهم مثل سيجما وفيثاغورث أو نحو ذلك.. وأساتذة التاريخ ألقابهم مثل أم دبالو ودانفوديو ونحو ذلك.. وأساتذة العلوم يلقبون بألقاب أخرى مثل مغنطيس أو نحو ذلك.. وأذكر إبان فترة الدراسة الثانوية كان وكيل المدرسة حازماً، ويتسم بالحيوية والنشاط والصرامة، كما كان قصير القامة، فلقبه الطلاب ب « حجر بطارية». أحياناً تكون الألقاب حسب القبيلة، فنجد عبدالله برقاوي، وإسحق الحلنقي، وعثمان الجعلي ..الخ.. وقد تكون حسب التخصص العلمي، فنجد النور أحياء، وحسن كيميا.. إن ألقاب سائقي السيارات تدعو للعجب، فهي بالقطع وليدة البيئة، وتحكي عن أخلاق السائقين وأسلوبهم في العمل وتصرفاتهم، كما أنها في الغالب تطلق من قبل مساعديهم ومعجبيهم، وأذكر أن سائقاً اسمه حسن وكان يقود اللوري بمهارة شديدة، ويستطيع أن يخرج من الأوحال على طريقته الخاصة، فسموه حسن كُمش وكلمة كمش جمع كمشة وهي مغرفة الملاح، وهذا تشبيه لأداء الرجل في تغيير درجات التعشيقة .. كما يوجد عبد الله شيطان مكة و عبداللطيف نعيشو وعبدالرحمن كمبرسون وغيرهم من السائقين. الشخص العملاق يلقب بألقاب مثل الجمل أو الفيل أو نحو ذلك، والكريم يلقب ب النيل، والشجاع ب الأسد والطويل بأريل والقصير ب شبير والأبله بتورو ..إلخ.. كما أن كثيراً من الألقاب تصبح أسماء، وقديماً كنا نعرف شخصاً كثير الكلام وسريع الحركة، وكان يسمى علياً فأطلق عليه لقب على كشكشة، ونعرف أيضاً عبدالله جني، كما أن الناس إعتادوا أن يلقبوا الشخص قصير القامة ب البعيو وأحياناً فريني، ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن الشخص الضعيف الذي يلازمه المرض كان يلقب ب حي موت، كما أن الشخص ذو السمنة المفرطة كان يلقب ب تبشة أو قربة.. ومن العجائب أن أحد زملائنا في المرحلة الإبتدائية كان بديناً فلقب ب دنبزة بتشديد الزين، ودرجت العادة أن يلقب الشخص الرزين الهاديء الذي يداوم على صلواته ب مولانا، كما أن كثيراً من الأسماء تدخل عليها كلمة أبو فيصبح علي أبوعلوة وأزهري أبو الزهور وصلاح أبوصلاح ويلاحظ أن الملاعب الرياضية تعج بألقاب اللاعبين، وكرة القدم تحتل الصدارة في ذلك، ولعل هذا من المزاج الخاص بالجمهور، ففي كل مرحلة نجد مجموعة من اللاعبين لهم ألقاب مميزة، ومن هذه الألقاب المشهورة نذكر على سبيل المثال لا الحصر جكسا - علي قاقرين - الفاضل سانتوشواطين- قلةالدحيش حموري- تنقا ..إلخ خلاصة القول أن هذا الشعب مفتون بالألقاب إلى درجة الجنون، ولايتردد في إطلاق اللقب على من شاء وكيف شاء، حتى رئيس الدولة الأسبق لم يسلم من اللقب، فقد كان يلقب بأبوعاج. وحكى لي أحد أصدقائي أن أحد المغتربين كان قد جاء في إجازة إلى أرض الوطن، ودعا الناس إلى مأدبة غداء، وأثناء ذلك كان أبناؤه يقومون بخدمة الحاضرين ومناولة التوصيلات من الكسرة والملاح، وكان عندما يطلب الرغيف يقول يا ولد جيب خبز فأطلق عليه الحاضرون لقب حمدان خبز.