يشهد عالمنا المعاصر تطوراً تكنولوجياً بظهور أجهزة وألعاب مختلفة أصبحت في متناول فئة الأطفال والمراهقين، مثل “الآيباد” و”الآيفون”. وتسبب هذه الأجهزة للأطفال في حالة الاستعمال المكثف والسيئ لها مشاكل عدة قد تصل إلى حد الإدمان وإضعاف الذاكرة وجعل الطفل أكثر انطوائية. وتتساءل أسر عديدة عن كيفية تخليص أطفالها من المشاكل التي سببت فيها الأجهزة الإلكترونية، خصوصاً بعد ظهور أعراض سيئة عليهم، مثل التأخر في النطق والاكتئاب والعزوف عن المذاكرة.. فما الحل؟ خلل في النمو لدى الأطفال خبير العلاج السلوكي المعرفي الدكتور عبدالله الحريري في تصريح ل”هافينغتون بوست عربي” يقول إن استخدام الأجهزة الذكية خرج عن هدف استعماله بالنسبة للأطفال. وأضاف أن استعمال الأطفال في سنّ مبكرة لتلك الأجهزة يؤدي إلى خلل في نمو الطفل الاجتماعي والنفسي والجسدي، وهو ما يزيد من حالات القلق والإحباط والاكتئاب لديهم، وما يجعلهم يعانون من عدم الاستقرار العصبي والتوتر والشرود الذهني. أحلام مزعجة واضطرابات النوم إلى جانب الأضرار النفسية، يؤكد الدكتور الحريري أن للأجهزة الذكية آثاراً على الذاكرة على المدى الطويل، إلى جانب الأحلام المزعجة واضطرابات النوم والميل للعنف، خصوصاً حينما يكون محتوى تلك الأجهزة غير محدد في برامج ترفيهية أو تعليمية. وتؤدي الأجهزة بالطفل أيضاً إلى حالة إدمان، ومن علاماته البقاء لمدة تصل حتى 7 ساعات في اليوم الواحد للعزلة مع هذه الأجهزة على حساب النشاطات الأخرى، كاللعب مع إخوانه أو جلوسه مع أفراد البيت، كما قد تشتت انتباهه وترفع وتيرة التوتر والغضب والعدوانية لديه. نظّم الاستعمال ليستفيد أطفالك وعن طرق تخليص الأطفال من إدمان الأجهزة الإلكترونية، تقول الأخصائية النفسية وتعديل سلوك الأطفال، بسمة بنت عبدالعزيز حلمي، في حديثها ل”هافينغتون بوست عربي” إن على الآباء تحديد أوقات خاصة لاستخدام أطفالهم لها، مع تجنب أوقات الطعام والمذاكرة، أو استخدامها في أماكن لا ضرورة لتواجدها فيها، كعند زيارة الطبيب أو العائلة، أو خلال رحلة ترفيهية، أو داخل غرف النوم والأكل. وتشدد حلمي على ضرورة مشاركة الآباء لأطفالهم عند استخدام الأجهزة الذكية، وإضفاء جو من الترفيه خلال ذلك، مع العمل على تنمية اهتماماتهم نحو نشاطات متنوعة ومختلفة في اليوم الواحد تشبع متطلباتهم وتطور قدراتهم في نفس الوقت. غير أن استخدام تلك الأجهزة بطريقة فعّالة قد يكون له تأثير إيجابي، حيث يساعد – حسب بسمة حلمي – على تنمية إدراك الطفل وبعض مهاراته الاجتماعية، بالإضافة إلى تنمية التركيز والانتباه والقدرات الإبداعية وما إلى ذلك، من خلال التطبيقات التي تسهم في هذا المجال. تأثير على النطق والعيون وتؤثر الأجهزة الإلكترونية أيضاً على نطق الأطفال، وفي هذا الصدد تقول الأخصائية النفسية خلود الكثيري ل”هافينغتون بوست عربي” إنه نظراً لكون اللغة تكتسب من خلال التفاعل والتواصل مع المحيط، وبسبب تحول الطفل إلى مستقبل فقط مع تلك الأجهزة، يحصل تأخر في نطق الكلمات لديه، كما تجتمع له طاقة مخزنة يصعب التعامل معها في المستقبل. سالم الشهراني، أب لطفل كان يستعمل الأجهزة الإلكترونية بكثرة، يؤكد أنه “دفع ثمن إدمان طفله غالياً”، حيث أصيب بالحول جراء جلوسه الطويل أمام شاشات الأجهزة الذكية. ويضيف أن الطبيب قرر إجراء عملية تصحيح نظر للطفل، “لكن مع ذلك لم ننجح حتى الآن أنا ووالدته في تخليصه من هذه الأجهزة رغم نصائح الطبيب، وقد تعود إلى نفس الوضع الصحي مرة أخرى”. عزلة وآثار اقتصادية وعن أثر الأجهزة الذكية اجتماعياً على الأطفال، تفيد الدكتورة تغريد السمان، مديرة قسم الاجتماع بمستشفى قوى الأمن بالرياض، في تصريحات ل”هافينغتون بوست عربي” بأنها تجعل الطفل انطوائياً ومصاباً بالكآبة، فضلاً عن قلة التواصل والتشنج في عضلات العنق والظهر والكتفين، والكسل والخمول الجسدي الذي يؤدي إلى السمنة. وتضيف أن لها أيضاً آثاراً اقتصادية على الأسر بسبب ارتفاع تكاليف بعض الألعاب والأجهزة.