الاجتماعين الرئاسيين المنعقدين خلال الأسبوعين الماضيين بخصوص سعر الصرف وجها بإجراءات ضبط إداري. كما تمخض عنهما قرارات تستهدف إصدار سياسات نقدية ومالية، ترمي لتحقيق الهدف المنشود وهو ضبط سعر الصرف. بادر بنك السودان المركزي، وهو المسئول عن السياسات النقدية، بإصدار أربعة من المنشورات عدلت في عدد من السياسات النقدية المهمة. المنشور الأول وجه بأن يكون الاستيراد بدون تحويل قيمة قاصراً على السلع الأساسية والاستراتيجية، مثل الأسمدة والمبيدات، والآليات والمعدات للمصانع وللحرفيين، والأدوية والمستهلكات الطبية والمواد الخام لصناعة الأدوية. والمنشور الثاني حصر شراء وتصدير الذهب من التعدين الأهلي على بنك السودان المركزي بشروط وضوابط محددة. والمنشور الثالث نظم مشتريات النقد الأجنبي عبر البنوك والصرافات. والمنشور الرابع حظر البنوك من تمويل التجارة الداخلية لفترة مؤقتة. قرارات الاجتماعين الرئاسيين ومنشورات بنك السودان وسعت من سلطات الضبط الإداري، وأعطت وجوداً رقابياً للأجهزة الأمنية في البنوك، وفي الحقيقة فإن هذا الوجود إذا لم يحاط بالحكمة البالغة، والتصرفات المسئولة، يمكن أن يشكل خطورة على السرية المصرفية. البنوك في كل أنحاء العالم تحرص غاية الحرص على سرية حسابات العملاء، الايداعات ومواردها وأوجه الصرف من هذه الحسابات. حتى الضوابط التي صدرت مؤخراً من منظمات دولية حول مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، تراعي هذه السرية. ويتم تدريب عدد محدود من مسئولي الالتزام للمراقبة الفنية للعمليات الشاذة، والاستقصاء عنها بسرية كاملة. لقد استعاد النظام المصرفي في السودان ثقة العملاء بطريقة معقولة خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك بعد انهيار هذه الثقة في بدايات تسعينيات القرن الماضي، عندما قررت الحكومة تغيير العملة، وحظرت التصرف في الحسابات الخاصة بالعملاء إلا في حدود مبالغ معينة. احتجنا لحوالي عشرين سنة لإقناع رجال الأعمال والتجار للعودة للبنوك وحفظ أموالهم فيها. صحيح أن البعض ما زال يستخدم غرف محصنة في البيوت لحفظ النقد، ولكن هذه النسبة تتناقص بفضل الخدمات الممتازة التي أصبح يقدمها النظام المصرفي السوداني. من الضروري المحافظة على هذه الثقة. وعلى موظفي البنوك والأجهزة الأمنية الرقابية أن يعلموا أن إجراءات الضبط الإداري مقصودة بها فئة محددة ومعلومة من المضاربين في العملة، هذه الفئة معلومة ومرصودة، وهي التي يجب مضايقتها وحصارها. أما الطائفة الواسعة من عملاء البنوك من التجار المستوردين والمصدرين، ورجال الأعمال من الصناعيين والزراعيين، وأصحاب المهن والحرفيين، وعملاء التمويل الأصغر، فإنهم غير مقصودين بهذه الإجراءات. وينبغي أن نحرص على عدم فقدانهم الثقة في المصارف. أتوقع من مدراء عموم المصارف، ومديري الفروع، حسن استقبال العملاء المنزعجين من الإجراءات الأخيرة، ودعوتهم لاجتماعات فردية وجماعية لشرح منشورات بنك السودان ذات الصلة بأعمالهم، والاجابة على استفساراتهم بشأنها، ورفع ملاحظاتهم حولها لبنك السودان المركزي. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي