*من عباراتنا الشائعة (احترام الزمن).. *ولكنا لا (نحترمه) أبداً ؛ كعادتنا في قول الشيء… وفعل نقيضه.. *وما زلت أذكر تململ ذاك الخواجة من (خرمجة) مواعيدنا.. *قال لي – وهو بجواري في السيارة – أن (زمنه) ضاع جراء عدم التقيد بالزمن.. *فرددت عليه بعبارة قد يكون مندهشاً لها حتى (زمننا) هذا.. *فهي كانت ترجمة حرفية لمصلح (احترام الزمن)… في سياق الحديث عن طبائعنا.. *فإذا به يسألني – معذوراً – عن معنى هذا الكلام.. *ففي بلاده لا تجد أحداً يتكلم – مثلاً – عن ضرورة (احترام حقوق الإنسان).. *فهذه باتت من المسلمات الحضارية التي ليس فيها (كلام).. *ومن طرائف الحديث عن أهمية الزمن ما ذكرته مرةً عن مؤتمر خاص بالزمن.. *فقد دار نقاش بين علماء عن الزمن… كمقياس للذكاء.. *أو أحد معايير ذكاء الشعوب… وانطلقت شرارة هذه الفرضية من جامعة هارفارد.. *وحين تبلورت… فكر بعض متبنيها في إقامة مؤتمر (جامع) لها.. *مؤتمر يجتمع له كل المؤمنين بالفكرة… من علماء العالم كافة.. *فكانت فنزويلا الأعلى صوتاً في المطالبة باستضافته.. *وحضر كل العلماء إلى القاعة في (الزمن) المحدد… إلا أصحاب الدعوة.. *فقد أتى الفنزويليون (على أقل من مهلهم)… بعد ساعة.. *ثم وعدوا – من بعد الاعتذار- بأنه سيكون هناك (زمن إضافي).. *وفي الوقت ذاته كان رئيسهم يطالب- كالعادة – بزمن إضافي… عبر تعديل الدستور.. *ثم يتحجج كالعادة أيضاً بأن برنامجه الإصلاحي يحتاج لهذا الزمن.. *وحين حضرته الوفاة بكى طلباً لزمن إضافي.. *والحمد لله أننا في السودان لم نسمع بهذه الفرضية أصلاً… دعك من استضافة مؤتمرها.. *وإلا لكان المؤتمرون سينتظرون أكثر من ساعتين.. *ثم ينتظرون ساعة كاملة إلى حين أن يخلص ممثل الحكومة من كلمته الافتتاحية.. *ثم ينتظرون نصف ساعة إلى أن تصمت فرقة الفنون الشعبية.. *ثم ينتظرون ربع ساعة إلى أن تنتهي إجراءات الترحيب بمسؤول جاء متأخراً.. *وما أقوله هذا ليس فيه أي مبالغة… وإنما هو (الحاصل).. *فالزمن بالنسبة لنا (ملحوق)… و(الشفقة تطير)… و(يا زمن وقِّف شوية).. *والبارحة استمعت بالصدفة لبرنامج في إذاعة البيت السوداني.. *فشدني إليه أن الضيف عُرِّف بأنه خبير في (إدارة الزمن)… كعلم جديد ببلادنا.. *فطفق يتكلم ويثرثر، ويلت ويعجن… إلى أن انتهى (الزمن).. *وعبثاً حاول أن يُمنح (زمناً إضافياً) لتعريف المستمع بأهمية (إدارة الزمن).. *وأختم بعبارة شائعة أخرى وهي (الزمن سرقنا).. *والحقيقة أننا نحن الذين نسرقه…… ثم نسرق (الإضافي) منه كذلك.. *وبالمناسبة: كم مضى من (زمن) حكومة الوفاق الوطني؟!.. *وكم سرقت منه؟…. ومنا ؟!!!. صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة