*معجبٌ أنا بحكاية (الزمن) كأحد معايير الذكاء .. *وللسبب هذا أجتر ما كنت كتبته عنها كلما اصطدمت بحالة من حالات (عدم احترام الزمن).. * وأصل الحكاية أن المعايير المتبعة لتصنيف الطلاب من الأول وحتى (الطيش) ثبت أنّها خادعة إلى حد بعيد.. * فآنشتاين- مثلاً- كان بليداً في المدرسة إلى حد أن أوصى معلموه بتحوله إلى مدرسة للأغبياء .. * وهربرت ج ويلز كان خلال دراسته أشبه بالذين نغني لهم هنا (الطيش عند ربه يعيش).. * وكولن ولسون أُضطر إلى ترك الدراسة بعد عجزه عن استيعاب كثير من المقررات.. * ومن ثم فقد طفق نفر من خبراء علم النفس الحديث- ومنهم سترنبرج - يبحثون عن معايير جديدة للذكاء.. * ومما توصل إليه سترنبرج أن أحد مؤشرات الذكاء الحرص على التقيد بالمواعيد المضروبة.. * وطار سترنبرج هذا إلى فنزويلا للمشاركة في مؤتمر عن الذكاء بعد إنشاء وزارة له هناك.. *وزارة خاصة بتنمية الذكاء مثل طرفة (تنمية الموارد البشرية) عندنا هنا.. * وفي أول يوم للمؤتمر فوجئ سترنبرج ورفاقه - من علماء النفس الأمريكان - أنهم يجلسون وحدهم في القاعة.. *وبعد مضيي نصف الساعة ظنوا أنّ المؤتمر قد تمّ تأجيله أو إلغاؤه أو تحويله إلى مكان آخر.. * وحين تأهبوا للمغادرة فوجئوا بأصحاب وزارة الذكاء- من الفنزويليين- يفدون إلى القاعة (على أقل من مهلهم) .. *وكتب سترنبرج ملاحظة فحواها أن ما يُعدّ ذكاءً في أمريكا ليس بالضرورة أن ينظر إليه كذلك في فنزويلا.. * وبما أنّه ليس كذلك في فنزويلا فقد ينسحب الشيء ذاته على دول أخرى أيضاً.. *ونعني الافتقار إلى الإحساس بالزمن.. * وربما كان هذا هو سبب مطالبة شافيز بتعديل الدستور حتى يتمكن من البقاء في الحكم لفترة اطول.. * فهو لم يكن لديه - على الأرجح - إحساس بطول الفترة الزمنية التي قضاها رئيساً.. *والدليل على هذا جزعه عند الموت وهو يقول ( ما زلت رئيساً صغيراً).. * فمن الطبيعي - إذاً - ألا يكون لدى منسوبي وزارة الذكاء الفنزويلية أدنى إحساس بالزمن.. * ولعلّ من نعم الله على السودان أنّ سترنبرج لم يفكر في زيارته يوماً.. * فلو أنّه فعل لاكتشف أن الفنزويلي قياساً إلى السوداني هو تماماً كالأمريكي مقارنةً بالأول.. * ورغم ذلك فنحن ليست لدينا وزارة لتنمية الذكاء.. * لأننا لا نشعر أصلاً بأننا أغبياء.. * ولا نشعر بالزمن (خالص).. *واسألوا أهل الإنقاذ. بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة