عندما طرحت الشرطة مشروع بسط الأمن الشامل بالأحياء، كانت تهدف إلى نشر الطمأنينة بين الناس وحفزهم للمشاركة في الهم الأمني، انطلاقاً من المبدأ الشائع (الأمن مسؤولية الجميع)، وبالفعل انطلق المشروع برؤية إستراتيجية حكيمة حققت مقاصد توفير نعمة الأمن والحفاظ عليه، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة تحول هذا المشروع الى خرابات مهجورة ومواقع مسكرة ب(الطبل)، رغم الحاجة الماسة لهذه المواقع بالأحياء مع التحولات الكبيرة التي شهدتها الجريمة في العاصمة. (الإنتباهة) وقفت على المشروع وما صارت عليه تلك النقاط ليضع الأهالي مفارقات بين الزمن الذي كانت فيه تلك المواقع مفعلة وبعد إغلاقها الذي لم يعرفوا له أسباباً واضحة، فيما يرى القائمون على أمر هذه المواقع إنه بالإمكان إعادة تشغيلها وزيادة فعاليتها، ولمعرفة المزيد من التفاصيل لكم قرائنا الكرام متابعة هذه المساحة التي خصصناها لواحدة من كبريات المشروعات الأمنية بالبلاد وهي على شفا حفرة من الانهيار. مشاهد محبطة من خلال جولة نفذتها (الإنتباهة) على معظم محليات العاصمة تتلمس خلالها فاعلية بسط الأمن بالأحياء، لتجد أن العدد الكبير لتلك النقاط بالأحياء مغلقة وبعضها اتخذتها الأسر الفقيرة مأوى لها بعد أن كانت تعمل بشكل فعال، الأمر الذي حجَّم الكثير من التفلتات الأمنية، لكن ثمة إشكالات قابلت النقاط، مما أدى الى توقفها وانسحاب القوات منها للبحث عن عمل آخر وهجر مراكز بسط الأمن الشامل وتوقف نشاطها. قلة إمكانات وباعتبار أن بسط الأمن الشامل جزءاً أصيلاً من اللجان الشعبية والمجتمعية بالأحياء كانت ل”الإنتباهة ” وقفة مع عدد من رؤساء اللجان الذين أجمعوا على أهمية تفعيل بسط الأمن الشامل لاحتوائه التفلتات الأمنية والإشكالات التي تقود الى إحداث جرائم كبرى تصل القتل وسط الأحياء، وأبدوا رغبتهم في إعادة تفعيلها مرة أخرى، موضحين قلة إمكاناتهم المادية لتوفير الالتزامات التي تقع على عاتقهم، ويوضح رئيس اللجنة الشعبية بمنطقة بحري حي الإنقاذ عبد العظيم ل” الإنتباهة” أن نقطة بسط الأمن الشامل بالحي كان لها أثر فعال في تحقيق الأمن، بجانب مشاركة اللجنة الشعبية في إقامة ليالي الرباط. وقال إن سبب هدم وتكسير مبنى بسط الأمن هو احتجاجات ديسمبر التي اتلفت العديد من المواقع وقاموا بحرق وهدم بسط الأمن الشامل ولمحدودية دخلنا وقلة حيلة الأهالي لم نتمكن من ترميمه وتشيده مرة أخرى. وأضاف إنه دفع بطلبات للمحلية أن تسانده بجانب مخاطبيته لمدير الشرطة ببحري، موضحاً أهمية تفعيل بسط الأمن الشامل داخل الحي نسبة لتفشي الجريمة والاعتداءات التي تتم على أهالي الحي، وقال ما دفعنا الى إيجاد حلول مؤقته الى حين تفعيل بسط الأمن الشامل وذلك بإضاءة ميدان عقرب الذي أصبح مرتعاً للجريمة وسبق أن اعتدوا على 3 من أهالي الحي طعناً بالسكين والظلام الحالك تسبب في إمكانية هروب المجرمين بجانب السرقات الليلية التي أصبحت تهدد الأسر يوماً تلو الآخر وقال أما عندما كان البسط مفعلاً، كان هناك طواف ليلي يحد من الجريمة وناشد رئيس اللجنة الخيرين والمسؤولين أن يقفوا بجانبه لإعادة تنشيط بسط الأمن الشامل مرة أخرى ويعود أنموذجاً كما كان في السابق . إعادة تفعيل وبما أن منسق اللجان بالمحليات هو الرابط الرئيس بين اللجان الشعبية والمحلية واليد المساعدة لتنفيذ طلبات واحتياجات الأهالي، طرقت ” الإنتباهة ” باب منسق اللجان بمحلية كرري وأخذه أنموذجاً لما يمكن أن تخدم به المحليات الأهالي والمواطنين، ليؤكد منسق اللجان بمحلية كرري عماد عوض ل” الإنتباهة ” أهمية إعادة نشاط بسط الأمن الشامل في الأحياء، والتصدي للجريمة بشكل فوري. وقال إن لبسط الأمن أثر كبير ما دعا الوالي ومجالس اللجان لوضع برنامج متكامل لإعادة تفعيله، وأضاف أن هناك تحرك ملحوظ بدءاً بافتتاح عدد من النقاط بمحلية كرري، متفادين الوقوع في الإشكالات السابقة التي أدت الى الإغلاق، وقال هناك عدة أسباب أدت الى إغلاقها، منها عدم توفر قوات موضحاً أن مسؤولية اللجان الشعبية والمجتمعية تجاه أفراد بسط الأمن الشامل، هي تهيئة المقر والمعيشة، وليس بإمكان الأهالي منحهم مرتبات لضعف أوضاعهم المادية . إجراءات تصديق حملت ” الإنتباهة ” كافة المعاناة التي تقابل الأهالي جراء إغلاق مواقع بسط الأمن الشامل وتعرضهم للجرائم بشكل كبير يوماً تلو الآخر لتضعها على طاولة مدير الشرطة الشعبية والمجتمعية ولاية الخرطوم العميد سليمان محمد الذي قال في حديثه ل” الإنتباهة “، إن مشروع بسط الأمن الشامل بدأ منذ العام 1993م هو مشروع نبع من الخطة الإستراتيجية القومية الشاملة، وكانت الفكرة في إطار إشراك المجتمع في العملية الأمنية لتحقيق شعار الأمن مسؤولية الجميع، بهدف إشراك المواطنين في تحقيق الأمن، ولفت الى وجود خلاف كبير بين بسط الأمن الشامل وأقسام الشرطة متمثلة في سوء فاعلية البسط مع الجريمة وبشكل فوري فعال . كما أشار العميد سليمان الى وجود متطلبات يتم بموجبها التصديق لإنشاء بسط أمن شامل في الأحياء بداية من حاجة المنطقة الى نقطة أمنية وذلك يتكمن في عدد السكان وابتعاد الأقسام الشرطية من المنطقة، إضافة الى تهيئة موقع بمواصفات مناسبة يتم من قبل اللجان الشعبية، موضحاً مسؤولية إدارته في توفير القوة والمعيشة فقط ، ليتم بعدها التصديق، وقال نجد أن الأهالي عند افتتاح موقع “يكبروا ويهللوا ” متحمسين للمشروع، لكن بعدها تقل الهمة ويضع الأفراد في وضع غير مهيأ وبيئة غير صالحة لممارسة العمل والنشاط، وأضاف، إن من أبسط المواصفات التي يجب توفرها عند إنشاء نقطة بسط أمن شامل، هي أن تكون بناية مكونة من مكتب ودورة مياه لكن الواقع غير ذلك لنلاحظ أن معظم تلك المواقع تكون متاخمة للمساجد، فلابد منذ البداية أن تكون مهيئة كاملاً حتى يتم تنفيذ عمل جيد لا تقابله إشكالات . أدوار فعالة كما اعتبر العميد سليمان أن نقطة بسط الأمن الشامل هي البداية لأي إجراء قانوني، بدلاً عن التحرك الى قسم الشرطة والتعامل الفوري مع البلاغ والقبض على المتهم والتحرك السريع وذلك يوضح فعالية النقطة والقيام بالمهام المطلوبة منهم ما جعل الأهالي تتهافت على أن تكون هناك نقاط بسط أمن شامل بأحيائهم بدلاً عن التوجه الى قسم شرطة ربما يكلف مشواره فترة زمنية تصل من “نصف الساعة الى ساعة كاملة ” . أسباب الإغلاق وردت للإدارات الشرطية المختصة العديد من الشكاوى حول إغلاق بسط الأمن الشامل في الأحياء وتفشي الجريمة ليجيب مدير الشرطة الشعبية بالولاية العميد سليمان أن من الأسباب التي أدت الى الإغلاق، هو عدم توفر الأساسيات بالموقع وقلة الإمكانات التي يتحرك بها الأفراد من “عربات، مواتر وأجهزة اتصالات”، بجانب عدم توفر القوة. وقال ليس لديَّ قوة عاملة نسبة لتلاشي أعداد كبيرة منهم عن الخدمة، وقال إن القوة تنقسم الى اثنين قوات جزئية وقوات كلية. فالجزئية المرابطة هي التي تعمل في نقاط بسط الأمن الشامل ويتم تدريبهم بالمعسكرات لخرجوا مرابطين متطوعين لا يمنحوا رواتب ويكونوا غير مفرغين كلياً للعمل الأمني ويعملموا حوالي من “3، 4” ساعات ويذهب لعمله الأساسي وعندما يشتد بهم الحال ينسحبوا ويتركوا العمل مما أضعف وجود القوة وجعلنا نعيد عمل معسكرات تدريب المرابطين الجزئيين وأصبح “يجو ناس ويمشو ناس”. وأضاف ما عندنا قوة عاملة ولا أستطيع أن أسحب قوة من مواقع أخرى لأسد بها المغلقة، وتابع في حديثه يفترض لكل موقع مثالي أن يكون به “8 6” أفراد في الموقع لكن المطبق أن كل موقع يعمل فيه “4” أفراد فقط يتناوبوا عليه كل “24” ساعة بينما يجب أن يكون فترة التناوب ” 48″ ساعة . إحصائيات بلاغات ونسبة لأهمية عمل بسط الأمن الشامل الذي أجمع عليه كل القائمين على الأمر والمواطنين كشف مدير الشرطة الشعبية بالولاية العميد سليمان عن مجموع عدد مواقع بسط الأمن الشامل بالعاصمة التي بلغت “462” موقعاً منها “206” مستمرة في خدمتها و”256″ متوقفة عن العمل بينما تحصلت “الإنتباهة” على جملة البلاغات التي تدونها مواقع بسط الأمن الشامل في الربع الأخير من العام الماضى وحتى بداية العام الحالي التي بلغت مجملها “1.137” بلاغاً والقبض على “790” متهماً بالمحليات العاصمة ، بينما بلغت البلاغات المدونة خلال ليالي الرباط “907” بلاغات والقبض على ” 3.488″ متهماً . حملات تفتيشية وقامت لجنة مكونة من رئاسة الشرطة بعمل حملات تفتيشية لمواقع بسط الأمن الشامل والوقوف على أدائها والإشكالات التي تواجه العمل ويقول العميد سليمان ل”الإنتباهة”، إن اللجنة وجدت أن “الناس شغاله في ظروف صعبة ” خاصة في فترة الشتاء لازدياد جرائم السرقات الليلية يتحرك من بسط الأمن الشامل واللجان المجتمعية بعمل طواف ليلي للحد من السرقات بما في ذلك تأمين المساجد خلال صلاة الجمعة ورصد المتهمين بكسر عربات المصلين. وقال العميد سليمان إن إدارته شرعت في تنفيذ التوصيات المتمثلة في إنشاء مواقع بسط أمن شامل نموذجي يحتوي على إمكانات ومعينات العمل الأمني بتوفير “عربات، مواتر، وأجهزة اتصالات وأجهزة حواسيب” تسجل فيها أعداد سكان الحي والمشاهير والمسؤولين منهم، إضافة الى حصر الأجانب بالأحياء ورصد تحركاتهم من النواحي الأمنية . لو تمت إجازته ضمن التوصيات في الربع الأول من العام القادم قوة من الجنود والعساكر تنفيذ بسط أمن شامل نموذجي.