فوجئ المتلقي السوداني بالحلقات الأولى من مسلسل “عشم” من خلال قناة 24 سودانية ، وسرى شعور عام بأن هذا العمل الدرامي لا يحمل ملامح أهل السودان .. فحينما تشاهد المسلسل لأول مرة تعتقد جازما بأنه ليس سوداني ، بل عمل درامي ينتمي لأي دولة غير السودان.. حيث مجموعة من الفتيات والفتيان يستعرضون أول ما يستعرضون “الشعر المنسدل” ، والوجوه التي استخدمت فيها كل أنواع التبيض .. والهمس بعبارات المجتمعات المخملية ،التي لا تعبأ كثيرا بمسألة الانضباط العام . مسلسل “عشم” يشكل عمل صادم كون أن الممثلات حرصن بشكل واضح على كشف “الشعر” بصورة لا يمكن أن يتقبلها المتلقي السوداني ، وهي لأول مرة تحدث عبر شاشة سودانية ، لدرجة أن العمل يوحي للجميع انه “أعد وكتب ومول ونفذ ” في الخارج وأن الذين ينفذونه ، لا علاقة لهم بعادات وتقاليد السودان ، فالمسلسل لا يحمل من ملامح أهل السودان ، غير كلمات تحشر حشرا في ثنايا الحديث .. المسلسل وقبل أن يمضي في حلقاته ، بدأ واضحا أنه يريد أن يقدم عملا مختلفا ، غير أنه وقع في الفخ ، حينما تسابقت الممثلات في استعراض ملابسهن ومكياجهن ، حتى بلغن مرحله أنهن لا يمثلن المزاج السوداني “المنضبط ” . كان يمكن أن تسجل هذه التجربة نجاحا كبيرا ، لو تمكن القائم على المسلسل من ضبط ايقاعه ، وجعله متزنا ومتوافقا مع الروح السودانية المعروفة ،بضبط السلوك وعدم المبالغة في الجنوح الى التشبه بالآخرين ، فالمسلسل بدأ كأنه بطولة الهام شاهين ومنة شلبي.. وحتى الممثلين ، اجتهدوا في تغيير ملامحهم ، بصورة مخلة ، لم ولن تضيف للعمل الدرامي بعدا من شأنه أن يترك أثرا إيجابيا أو حتى إضافة للدراما السودانية . عموما هي تجربة ينبغي على جميع المشاركين فيها ، الاستماع للأصوات الناقدة أكثر من تلك التي ربما تصفق ولو في الظلام لهذا العمل ، كما ينبغي أن تفكر أي جهة تسعى لإنتاج عمل درامي في الأرضية التي ستقدم فيها هذا العمل ، قبل الشروع فيه ، حتى يأتي منسجما مع المزاج السوداني العام الرافض لأي شكل من أشكال البعد عن “الحشمة” ، وأحسب هذا العمل وبعيدا عن تناول الجوانب الفنية أنه يشكل قفزة في الظلام .