أخي شاذلي: سرني كثيرا ما اشرتم اليه في عمودكم المقروء حول النقلة التي شهدتها دراما التلفزيون لهذا العام في قناتي السودان والشروق . فإنتاج (30) فلماً لتلفزيون السودان واستمرار حلقات سلسلة حكايات سودانية بقناة الشروق أوجدت نوعا من الحراك الدرامي في الوسط الدرامي بعد فترة ركود دامت لفترة طويلة. نأمل أن تستمر مثل هذه المبادرات المعطاءة التي توجد درجة من التراكم الكمي والنوعي وهذا ما يقود لرفع الأداء وتطوير الإمكانيات. نؤكد أنا نمتلك مقدرات جيدة في مجالات الفنون الدرامية كافة وما ينقصنا هو تطوير هذه المقدرات الفنية بمثل هذه التجارب المستمرة التي تساعد على تطوير الأداء وتوجِد درجة من التواصل الوجداني بيننا وجمهور المشاهدين . ما نلاحظه حول دراما هذا العام، أولا: نحتاج الى تجويد لغة الدراما لنحافظ على البناء الفني باعتباره واقعا فنيا تختلف مفرداته عن الواقع الموضوعي. ثانيا: هناك تطور في الاداء التمثيلي لدى مجموعة مقدرة من نجوم الدراما. ثالثا: هناك وجوه جديدة مبشرة تحتاج للمزيد من المران. رابعا: تجاوزنا تماما الاشكالات الفنية (صوت/اضاءة) نأمل في التجارب القادمة الاهتمام بأمر المكياج والديكور. بقي أن نشير الى أن امر التطور في حقل الدراما التلفزيونية مرهون بتوفير قدر من الامكانات وأن تحشد الطاقات وترصد الميزانيات بصورة افضل في الأعوام القادمة. ونكرر التهنئة والتحية للقائمين على امر دراما التلفزيون وعشمنا فيهم كبير لتطوير هذا الفن. الناقد - عبدالحميد حسن · . أشكرك أخي عبد الحميد على الإطلالة عبر نافذتنا وأنت صاحب معرفة وعلم وتجربة ذاخرة بالإنتاج التلفزيوني والكتابات النقدية الهادفة فى المسألة الفنية برمتها، وما يزيد من سعادتي تطابق وجهة نظري مع رؤيتك النقدية التي لم تفصح عنها بالكامل بعد ولكنك من خلال هذه الإطلالة تشير الى تقدم وتطور في حركة الدراما التلفزيونية ببلادنا من خلال المساهمة المقدرة للتلفزيون السوداني وقناة الشروق في هذا الشهر الكريم . · الدراما بشكل عام بمختلف مكوناتها ومجالاتها تعد من الأدوات المهمة في حركة التغيير والتطوير في كافة المجتمعات، فهي تخاطب الفرد وتناقش معه أفكاره وسلوكه داخل بناء درامي مؤثر يطرق على مشاعر وأحاسيس ووجدان المتلقى وهو يتابع بكل ما يملك من طاقة ذهنية، تمنحه تركيزا دقيقا يجعله يلتقط الجرعة كاملة وهو فى قمة نشوته ومتعته ومزاجه ، وهذا ما لا يتوفر لبقية أدوات ووسائل الاتتصال الجماهيري. ·التجربة الرمضانية الحالية أكدت أن الدراما السودانية مازالت بخير، وتمتلك كافة مقومات النجاح، فالنصوص متوفرة وجيدة وهادفة، والأفكار الإخراجية تميط اللثام عن مستقبل مشرق لهذه الحرفة، وهنا أنتهز هذه الفرصة لأحيي المخرج الشاب الناجح أحمد الطيب كشاح الذى قدم عملا دراميا رائعا ضمن سلسلة الأفلام الرمضانية بالتلفزيون القومى (الخروج من باب الريح) لمؤلفه الأستاذ محمد الشيخ (ود الجزيرة) الذي بثه التلفزيون الأسبوع الماضي. أعود لمقومات النجاح وأضيف إليها القدرات الهائلة التي يتمتع بها الممثل السوداني والتي أضر بها في السابق ولازال الإنتاج الضعيف وما يقدمه من إمكانيات متواضعة تكاد تكون فى بعض الأحوال (ببلاش)، فالدراما الجيدة تقوم على تحضيرات كافية وأجور وافية للممثليين والفنيين الذين يعملون فى هذه الأفلام، فالأفلام الجيدة التى تقوم على إنتاج جيد تعطي نتائج جيدة . · ما يحمل الشعب الى القمة هو هذه الدراما وهي تخاطب كل فرد بمفرده وسط الجماعة وكأن الشاشة التي أمامه منصوبة له وحده لا يشعر بجاره وهو محاط بذات الحالة فيتحقق الخطاب للفرد وللجماعة فى آن واحد وهي بذلك أداة التغيير وعلى الدولة أن تدعمها وأن تمول الموسم الدرامي مثلما تمول الموسم الزراعي وتقف بجانب المعسرين من الدراميين مثلما تقف بجانب المعسرين من المزارعين (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان).