من المفيد قراءة التغييرات والتحولات الجارية في البلاد في إطار هيكلة أجهزة الحكم بشكل دقيق، ولماذا في هذا التوقيت..؟ من الواضح أن الرئيس البشير الذي ظل يراقب ويتابع ويقيم الأوضاع برمتها ليس على مستوى الأداء الحكومي، وإنما في كل المجالات والاتجاهات، بضربة لازب، وفي وقت وجيز جداً أعاد ترتيب الأمور بسرعة أنتج فاعلية وحيوية سياسية كبيرة، بث بها تفاعلات قوية وأحدث تغييرات في أكثر من اتجاه، فهو من أصدر قرارات فورية بإعادة هيكلة الحكومة وإجراء جراحة في جسد الدولة بتقليص الحكومة، ودمج وزاراتها وفصل منصب رئيس الوزراء عن النائب الأول، ثم تعيين حكومة جديدة وتغيرات طفيفة شملت منصب الوالي في ولاية الخرطوم، وأجرى تغييراً في قيادة قوات الشرطة، ثم التغييرات التي حدثت أمس في هيئة قيادة القوات المسلحة .. كل هذه التعديلات والتبديلات وبعضها لم يكن متوقعاً، لو قُرئت بدقة ،لأشارت بلا أدنى شك الى نقطة واحدة مؤداها أن مرحلة جديدة بدأت تتشكل، فالقرارات التي صدرت عن الرئيس وتمت بمبادرته الشخصية وتوجيهاته، تؤكد أن النظام الرئاسي الذي يطبق في البلاد تجلى بصورة أكثر رسوخاً من حيث سلطات وصلاحيات الرئيس، وكان السيد الرئيس في السابق يفوض ويعطي الفرص ويوسع من دائرة التشاور ولا يسعد أبداً بخيوط اللعبة التي تتجمع كلها في يده، لكن يبدو أن الظروف الراهنة وطبيعة صناعة القرار في ظل هذه الظروف وهشاشة وسيولة الأوضاع السياسية الأمنية نتيجة للحروب والتحديات والمهددات وصعوبات تنفيذ كل البرامج والشعارات والأهداف المعلنة، هي التي جعلت روح المبادرة وحيويتها ومنطلقها يكون بيد الرئيس، ومن ثم تتبعه وتنفذ بقية أجهزة الحزب ومؤسسات الحكم .. الخلاصة .. أن وراء هذه التغييرات التي تمت دون إرهاصات أو مقدمات، وشملت أجهزة الحكم الرئيسة، خاصة رئاسة الجمهورية والحكومة والأجهزة العسكرية والشرطة والحكم الولائي وتتنزل الى الحكم المحلي مع تغيير قانون الانتخابات وقوانين أخرى .. ووراء كل هذا فكرة مركزية هدفها النهائي صورة جديدة ونمط جديد ومنهج وأسلوب لا يشبه ما سبقه.. لربما ..!