تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية يقدم تنويرا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية حول تطورات الأوضاع    الخارجية القطرية: نجدد دعمنا الكامل لوحدة وسيادة استقرار السودان    الاعيسر:استخدمت في الهجوم سبع طائرات مسيرة انتحارية، شكّلت غطاءً لهجوم نفذته طائرة استراتيجية أخرى    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الممارسات فورًا والعمل على محاسبة منسوبيها..!    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    مصطفى تمبور: المرحلة الحالية تتطلب في المقام الأول مجهود عسكري كبير لدحر المليشيا وتحرير دارفور    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    بورتسودان وأهلها والمطار بخير    انتر نواكشوط يخطط لتكرار الفوز على المريخ    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية عادت من جديد، هل من دلالات ؟
نشر في النيلين يوم 22 - 09 - 2019

حرّك المقاول الفنان المصري المياه الراكدة فى مصر ، واستجابت جماهير مصرية لنداءه للخروج لأجل مصر ، وبهذا كسر الشعب المصري حاجز الخوف لأول مرة منذ الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب من الشعب المصري بشكل ديمقراطي فى إنتخابات غير مزيفة بشهادة المجتمع الدولي والمحلي ، ولكن بعد الإنقلاب المسيس ، والذى حاء عبر طلبات داخلية من الدولة العميقة ، ومن رواد الثورة المضادة من القوى الإقليمي ، وبموافقة مبدئية من المجتمع الدولي عادت الحياة إلى ما قبل الثورة ، بل وأسوأ منها بكثير ، فقد دخل البلد فى نفق مظلم ، ووقع فى شبكة إرهاب العساكر ، وغاب عن الساحة كل إنسان شريف يحمل فكرا مغايرا ، وامتلأت السجون برجال مصر الشرفاء ، وهرب الآلاف منها ، واختار كثير من المفكرين والعلماء الصمت لأجل السلامة ، وتعفنت الحياة فى مصر ، لأن كل شيئ توقف ، فأصبحت مصر المليئة بالعظماء سجنا كبيرا ، ما الذى حصل حتى خرج بعض الناس ، وكسروا حاجز الخوف من جديد ؟ هل ثمة تغييرات فى البنية السياسية فى مصر ؟ ماذا حصل حتى جرى ما جرى فى مصر من خروج الجماهير لأجل أن تقول : الشعب يريد رحيل السيسي ؟
لم أكن مقتنعا فى يوم من الأيام أن الإستثناء المصري سوف يكون حقيقة من حقائق التاريخ ، وكنت على خلاف دائم مع بعض الناس فى هجومهم غير المبرر للشعب المصري على أنه شعب قابل للإستعمار والإذلال ، وأن الفرعنة من خصائص الشعب المصري ، فقد كنت ، وما زلت رافضا لهذه المقولات التى تجعل الشعوب وحدها هي المسؤولة فى أخطاء السياسيين ، لأننى أعتقد أن الشعوب ليست كما يبدو من السطح ، بل الشعوب عندها مفاجآت ، ومن المفاجآت التى تمت صناعتها فى مصر كانت فى ثورة 25يناير لعام 2011م ، فكانت معجزة تاريخية بلا شك ، ولكن الشعب المصري لم يصنع بعد ثورته الحقيقية ، فالثورات الحقيقية لا تُصنع مرة واحدة ، بل تمتدّ إلى أزمنة متعاقبة لأجل الوصول إلى أهدافها المشروعة ، ولن يكون الشعب المصري بدعا من الشعوب فى تحقيق أهداف الثورة ، وفى إنجاحه للمسار الثوري ، ولكن هناك من المحللين من يتحدثون عن أجنحة فى النظام تتصارع ، وتستفيد من سخونة الشارع ، وهذا أيضا من الحراك الثوري الذى لا ينطفئ ، ومن قرأ تاريخ الثورة الفرنسية يرى شبيها بذلك فى كثير من أوجهها ، لأننا نلاحظ تشابها كبيرا فى الثورتين المصرية والفرنسية .
لماذا انفجرت الثورة من جديد ؟
.............................................
فى متابعتى لما يجرى فى مصر لاحظت مدرستين ، إحداهما تؤمن بالخروج من فكر الثورة ، والعودة إلى الإصلاح كمنهج سياسي للخروج من الورطة الكبرى ، والتى تعيش فيها مصر منذ أزمنة طويلة ، والمدرسة الثانية تعتقد بآن ذلك غير ممكن فى ظل الأجواء الحالية ، ولهذا فلا بد من ثورة جديدة ، ولكن بمنطق جديد .
إن الثورة لا تصنع بقرارات سياسية ، ولا بدراسات علمية ، ولكن الثورة حالة مجتمعية تأتى مفاجأة بيد أنها لا تأتى عفوا ، ولا اعتباطا ، بل تكون بشروط موضوعية تؤدى دوما إلى انفجار الثورات ، فالثورة رفض ، والرفض الشعبي لا يأتى من الخارج كما تؤكد بعض الجهات ، بل الرفض يأتى من الداخل ، وله أسباب موضوعية ، إن وُجدت فالنتيجة تكون ثورة ورفضا .
نحن اليوم أمام لحظة ثورية جديدة فى مصر ، تكون بداية الموجة الثانية للثورة ، ولكن فى نظرى لن تكون الأخيرة ، ولكنها ستكون مثل الأول قريبا من نصف ثورة ، فما زالت الدولة العميقة قوية ، وما زال الجيش موجودا فى مفاصل الدولة ، وما زالت أكبر قوة سياسية فى الوطن فى السجون ، والمنافى ، وما زالت القوى السياسية غير منظمة ، فالجهة الوحيدة المنظمة ، والموجودة فى الساحة هي الجيش ، ومن هنا فلا بد من الثورة ، ولكن هذه الثورة سوف تحقق بعض المطالَب ، ولن تحقق كل مطالب الثوار ، وهذا مستنتج من منطق التاريخ ، ومن وحي الواقع ، ومن القراءة الهادئة للحراك السياسي ، ومن النظر ما وراء الستار والغيوم ، ولهذا يجب أن نكون على وعي بما يجرى دون أن نفقد البوصلة .
لدينا أسباب عدة وراء انفجار الشارع من جديد ، وليس هناك عامل وحيد كما يقول البعض ، فإن وجود محمد على الفنان والمقاول فى هذه اللحظة عامل أساسي فى تسخين الشارع ، ولكنه ليس هو العامل الأساسي فى تفجير الشارع السياسي فى مصر ، بل هناك أكثر من عامل ، ومن أهم العوامل :
أولا : الصمود الأسطوري للرئيس المصري الدكتور محمد مرسي رحمه الله ، وهذا الصمود مثّل للشعب المصري حالة فريدة من الشجاعة الأدبية ، فقد قدّم الرجل روحه لأجل ما يرى أنه هو الحق والصواب ، ولَم يتنازل عن القرار الذى أخذه ، ودافع عن ذلك ببسالة ، فأدى هذا النوع من الصمود إلى صناعة الأسطورة الواقعية للشعب المصري .
ثانيا : الصمود غير العادي للسجناء فى مصر ، فهم من أطياف متعددة ، ومن مشارب مختلفة ، ومن مدارس مبتاينة ، وإن كان الإخوان هم الأكثر ، فهؤلاء صنعوا فى صمودهم فى السجن ثقافة جديدة للشعب ، وأن الحياة ليست فقط لأجل الحياة ، ولكن هناك من يعيش لأجل الرسالة ، والفكرة تحتاج إلى تضحيات ، وهذا ما استخلصه الشعب المصري ، ولكن بطريقته الخاصة .
ثالثا : محاربة النظام بكل صوت حر ، ومحاولاته الدؤوبة فى إسكات كل الأصوات حتى صارت مصر بكل تياراتها وأفكارها المختلفة صاحبة صوت واحد ، فلا يستطيع أحد مهما كان أن يخالف السيسي فى قراراته ، وتم ملاحظة تقديسه من قبل بعض العلماء الذين شبهوه بأنه نبي الله موسى عليه السلام ، فهذه الحالة الفرعونية كانت سببا من أسباب خروج الناس مرة أخرى .
رابعا : إخراج الجيش من دوره المحدد دستوريا ، ومن موقعه من الدولة ، فالجيش موسسة عسكرية من شأنها الدفاع عن الأرض والإنسان ، ولكنه فى زمن السيسي تحوّل من مؤسسة سيادية للدفاع عن الوطن إلى مؤسسة تجارية ، ونجح السيسي فى جعل الجيش فى مواجهة الشعب فى كل شيئ ، ومن هنا رأينا السيسي وهو يقوم بإهانة بعض رموز المسلحة أمام الناس ، وكأنه يريد كعادة المستبدين تدنيس الحميع ما عداه .
خامسا : إذلال الشعب المصري وإهانته من قبل السيسي ، فكم حاول أن يتناول فى خطاباته المملة ، والتى تعكس فى الرخوة الفكرية لدى السيسي بأن الشعب المصري فقير ، وبشكل كبير ، وهكذا باللهجة المصرية ( أنتم فقراء أوى ) ، ويكرر أكثر من مرة ، ويحاول أن ينتقد الثقافة الدينية للشعب المصري ، ويصفها بأنها تخلفت عن الحداثة ، وتعيش ما قبل ثمانية قرون ، وهو يكرر هذه الكلمات فى أكثر من مكان بغير مناسبة ، ولكنه يريد من خلال ذلك إهانة الشعب المصري دينا واقتصادا وثقافة .
سادسا : تحويل الدولة المصرية إلى دولة عائلية ، فتستحق أن تكون جمهورية مصر العربية باسم ( المملكة المصرية السيسية ) ، فابنه يقود المخابرات الحربية ، ويأخذ بلا خجل كل المقاولات باسم المخابرات ، كما أن عائلته تتاجر فى كل شيئ ، ويبنى قصورا ضخمة لهذه الدولة الفقيرة ، والتى تجاوزت المليارات من الدولارات ، وبعض هذه القصور أكبر من البيت الأبيض أكثر من خمسين مرة ، ولكن لماذا هذه القصور فى بلد يعيش أكثر من 33٪؜ من الشعب تحت خط الفقر كما نشرت نيويورك تايمز ؟
لقد حول الدولة المصرية بكل تاريخها ، وعظمتها ، وعلماءها وفنانيها ومثقفيها إلى شركة سيسية ؟ ومن هنا نستطيع أن نقول بكل تأكيد أن المقاول الفنان محمد علي كشف أوراقا خطيرة فى اللعب بمصير الشعب المصري ، ومن هنا رأينا تململا غير مسبوق لبعض القيادات فى الجيش والأمن مما يمنح الشارع بعض القوة .
سابعا : أهان الدولة المصرية أمام العالم ، وجعل مصر السيدة خادمة لبعض الدول التى كانت ترى فى مصر القيادة والسيادة ، وفتح لأسرار الدولة المصرية العملاقة بعض أولاد الإمارات ، فلعبوا بها ، والعجيب أن العالم فهم أن مصر تقزمت ، وتضاءلت ، ولهذا قرأنا بأن ( ترامب ) قال مرة : أين دكتاتورى المفضل ؟
لقد صارت مصر أضحوكة عالميا ، ذلك لأن الرجل الذى يقودها فى هذه اللحظة القاسية من تاريخ العرب والمسلمين يقترب إلى ممثل لأدوار سياسية فى مسرحية كوميدية فقط ، فهو يكرر القسم بلا مناسبة ، ويغلظ فى القسم بلا هدف سياسي ، ويطالب بعض الزعماء أن يغلظوا فى القسم حتى لا يقوموا بأضرار إستراتيجية لمصر كما فعل مع رئيس وزراء إثيوبيا ، وكان ذلك غريبا عند الزعيم الإثيوبي السيد أحمد آبي .
ثامنا : أخرج مصر من القيادة التاريخية ، وأصبحت بلا رسالة قومية ، ولا دينية ، فكانت مصر تقود العالم العربي بفكرها ، ومنها انبثق الفكر العربي ، وانطلقت الثقافة العربية بمدارسها من مصر ، فكان العقاد وطه حسين ومدرسة أبولو الشعرية ، ومنها انطلقت المدرسة الفقهية الحديثة التى جدّدت الفقه والفكر ، ولا يمكن أن ننسى الشيخ أبو زهرة ، وَعَبَد الوهاب خلاف ، وشلتوت ، والغزالي ، والقرضاوي ، وعلى جمعة مع اختلافنا السياسي للأخير ، كما أن المدرسة الحركية انطلقت منها ، فكان حسن البنّا وغيره ، وكذلك انطلقت المدرسة السياسية للقومية العربية بقيادة الناصر ، فكانت هناك الصحافة المصرية ، والسينما المصري ، كل ذلك انتهى فى زمن السيسي ، لأن الوطن صار بلا نكهة سياسية ، وللعلم ، فإن مبارك هو الذى بدأ فى تقزيم الدور المصري لأجل أن تصبح الدولة بكل ما فيها من ميراث أسرته ، فقد أعدّ العدة لجمال مبارك ، وجاء السيسي ليدفن عظمة مصر تحت أقدامه .
تاسعا : لم ينجح السيسي فى تفاهم النظام الإثيوبي مع مشكلة المياه ، فمصر تواجه مشكلة حقيقية ، والحكومة الإثيوبية لا تقبل بحال من الأحوال العودة إلى مقررات عام 1910م ، ولكنها مستعدة للحوار لأجل الوصول إلى تفاهمات حقيقية لا تضر دول المنبع ، وكذلك تنفع دول المصب ، ومع هذا ، فلا توجد حتى هذه اللحظة محاولات جادة فى إيقاف العطش الذى سوف يجعل مصر من التاريخ ، ولا حديث عن البديل ، كما أنه لا إستراتيجية مع الدول الموصوفة بدول المنبع .
عاشرا : لقد نجح السيسي فى قضايا مهمة ، وفشل فى قضايا إستراتيجية كبرى ، نجح فى محاربة التدين الفطري ، والتقليدي ، والحداثي ، لأنه يعرف أن قوة الشعب المصري فى التدين ، فهذا الشعب متدين بلا حدود ، ومن هنا كان الحرب على الدين والتدين مبنيا على إستراتيجيات بعيدة المدى ، وفشل فى الدفاع عن حدود مصر الإستراتيجية ، فقد تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ، وهما بالنسبة للأمن القومي من العمق ، وأهداها للسعودية بعد أن قبض ثمنا رخيصا ، ولَم يستمع لنصائح رجالات الأمن ، ولا لمقررات القضاء ، فقد ذهبت الجزيرتان ، وتنازل السيسي عنهما ، كما تنازل عن الدفاع فى سيناء ، وتركها للجيش الإسرائيلي ، بل وجعل منطقة سيناء ثكنات عسكرية ، ومحطات للموت .
هذه هي الأسباب العشرة التى كانت وراء الغضب المصري ، ووراء سخونة الشارع من جديد ، ولكن كما قلت ، هي موجة من موجات الثورة ، وليست نهاية لعهد الظلم ، فالظلم فى مصر يحتاج إلى عقود لتصفيته من الوطن ، وما ذلك على الله بعزيز .
عبد الرحمن بشير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.