" يا شباب .. ياشباب .. نحنا خالفنا تعليمات وقاعدين معاكم هنا لحدي ما تسقط و الرهيفة التنقد"، بهذه العبارات كان الملازم محمد صديق يخاطب الثوار في صبيحة الثلاثاء التاسع من ابريل، وقتها كانت كتائب ظل البشير تتربص بالثورة وتسعى جاهدة لإسقاطها، بيد أن الملازم محمد صديق تصدى لهم بالمرصاد وكان اليد الباطشة لهم، المفارقة وحدها جعلت من الملازم محمد صديق "يتخندق" ويخالف تعليمات قياداته إذ قاد كتيبة تصدت ببسالة وشجاعة لكتائب الظل، والتي كانت تخطط للهجوم على المعتصمين، وبحسب كثيرين فإن ذات البسالة والشجاعة كان لها الأثر والنجاح في تحقيق أهداف الثورة والإطاحة بالرئيس المخلوع. خطوة البرهان ما إن أعلن الفريق البرهان رئيس المجلس السيادي عن إحالته لعدد من الضباط في الجيش للتقاعد والمعاش والذي من بينهم الملازم أول محمد صديق الذي انحاز للثورة، إلا وجد البرهان نفسه أمام ردود غاضبة لقراره إذ يرى أن الكشوفات التي أصدرها تضم أسماء ضباط شاركوا في ثورة ديسمبر وكانوا بين المعتصمين والمحتجين أبرزهم الملازم أول محمد صديق، حيث يعرف عنه بأنه من أوائل الضباط الذين تضامنوا مع الثوار في ساحة الاعتصام، وأعلن مخالفته لكل الأوامر التي صدرت من قيادات الجيش، داعيا في ذات الوقت كل الضباط للإنضمام للثورة والثوار، وتداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات للملازم أول محمد صديق، معلنين رفضهم التام لقرار البرهان والذي قضى بإحالة الملازم أول للتقاعد، داعين في الوقت ذاته إلى تنظيم مليونية حددوا لها يوم 20 القادم للتنديد بالقرار و ما اسموه "سقوط آخر للثورة"، بينما أكدت أنباء عودة الملازم محمد صديق مجدداً لصفوف القوات المسلحة، غير أن (الجريدة) لم يتسنى لها صحة الخبر. مناهضة القرار ودشن النشطاء حملات واسعة للتضامن مع الملازم اول محمد صديق حيث انتشرت ملاصقات تدعو إلى تنظيم مواكب والتضامن معه، فيما كتب محمد الفكي عضو مجلس السيادة في صحفته فيس بوك "الملازم أول محمد صديق سيظل في صفوف قواتكم المسلحة، حارساً لتراب بلاده، ولقيم الحرية والسلام والعدالة" . بينما غرد آخرون قائلين "قوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله إذا فعلاً تمت إحالة -البطل -الملازم أول محمد صديق إلى المعاش ..فالواجب علينا الخروج ضد قحت وحكومتها لأن وقت الحارة هو الذي قال بشجاعة – مخالف يا سعادتك والرهيفة التنقد – قالها ويعلم تماما أنه ممكن يتم اغتياله في وقتها " مردفين:"في رأينا أن وجود حل لأزمة الأخلاق أولى من الأكل والبنزين، علينا في أضعف الإيمان أن نرد لهذا البطل قليلاً من الدين الذي تركه علينا، وأمامنا خياران لا ثالث لهما، أولا أن نخرج كلنا في مسيرة هدفها إرجاع هذا البطل إلى عمله مع التحفيز المادي له ولأمثاله الذين وقفوا مع الثورة وهم كثر، ثانياً أن نكرمه ومن معه تكريماً يليق بمواقفه الشجاعة لكي نؤكد للجميع أننا لن نخون ولن نترك حامي القيادة". قرار البرهان وأعلن الفريق ركن عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي عن إحالة عدد من الضباط "من رتبة عقيد حتى ملازم" إلى المعاش، وقال الناطق الرسمي للقوات المسلحة السودانية في بيان إطلعت عليه (الجريدة) إن الكشوفات الصادرة بقرار الترقية والإحالة للضباط السودانيين مترقبة في هذا التوقيت من كل أفراد القوات المسلحة ولا تعتبر كشوفات فوق العادة وتنجز بمهنية عالية"، وذكر البيان" أن القوات المسلحة أصدرت أمس الإثنين كشوفات تقاعد للمعاش وترقيات حسب ما هو معتاد بداية كل عام جديد وفقًا للوائح فرع شئون الضباط وشروط اجتياز حواجز الترقي والاستمرارية بالقوات المسلحة"، وأضاف البيان " أن الكشوفات التي صدرت حاليًا، شملت رتب الضباط من رتبة العقيد حتى الملازم وسوف تصدر بقية الكشوفات لاحقًا". تصفية حسابات بالنسبة لكثيرين فإن إحالة ضباط للتقاعد في هذا الوقت يعد تسييساً للقوات المسلحة، حيث أن كل الإحالات التي تمت أمس كانت لعناصر شبابية في مقتبل العمر، بإعتبار أن عنصر الشباب داخل المؤسسة العسكرية رافضاً لعسكرة السلطة وعليه فإن قرار التقاعد الهدف منه هو تفادي قوة هؤلاء الشباب في المؤسسة العسكرية خاصة من كان له إنحياز للثورة، بينما يرى البعض ان سن التقاعد والإحلال والابدال في عرف القوات المسلحة يحدث للرتب الكبيرة وللأعمار الاكثر سناً، لذلك فإن القرار نقيض لكل هذه الشروط باعتبار أن كل من أحال للتقاعد هم من الرتب الصغيرة " الملازم . والملازم أول " ، واعتبر مراقبون ان حالة التقاعد التي تمت أمس ماهي إلا تصفية للحسابات وان ذات الخطوة تعد كيداً سياسياً الهدف منها إسقاط الثورة والإنقضاض عليها، معضدون بإحالة الشباب الذين كان لديهم مواقف مساندة ومشرفة للثورة والثوار، كما أن ذات الخطوة في نظر البعض تعد جريمة ولابد أن يأخذ منها موقفاً صارماً ومناهضاً باعتبار أن التجاهل لها يخلف تبعيات أخرى قد يقود إلى احالة ضباط شرفاء آخرين في الأيام القادمة. عرف سائد الناطق السابق بإسم القوات المسلحة المقدم الصوارمي خالد سعد يقرأ قرار التقاعد الذي أصدره البرهان من عدة زوايا، حيث قال في إفادته ل(الجريدة): في كل بداية عام يحدث تجديد للدماء والروح وسط القوات المسلحة، وعليه فإن قرار البرهان في نظر الصوارمي ليس بدعة ولا يعد شيئا جديداً، وأضاف: كل عام القوات المسلحة تتهم بأنها تسعى لتسييس الجيش، وذلك من خلال ماتقوم به من تغيير وسط ضباطها، مؤكداً بأن كل هذه الاتهامات عارية من الصحة، وقال الصوارمي إن أسباب إحالة الضباط تعلمها القوات المسلحة نفسها، وأنه ليس هنالك ظلم بيد أن الامر يعد عرفاً سائداً منذ القدم، وأكد الصوارمي أن قانون القوات المسلحة لا ينظر لمن شارك في الثورة او من هو تابع للنظام البائد، معتبراً بأن ثمة معايير تقوم عليها القوات المسلحة لتحديد التقاعد، وبناء على ذلك تحدد من يذهب للتقاعد او إستمراريته ضمن القوات المسلحة، وفي سؤال حول ماهي المعايير التي تصنف بها درجة التقاعد قال الصوارمي: هي الاداء العام للضباط في وحدتهم بجانب الترقي والعمر. الخرطوم : أحمد جبارة