مجلس الوزراء يجيز موجهات وسمات وأهداف موازنة العام المالي 2026    والي نهر النيل يوجه بتعليق وايقاف الأنشطة الرياضية والثقافية تمشيا مع اعلان حالة التعبئة والاستنفار بالولاية    الذهب يقلص مكاسبه بعد خفض الفائدة الأمريكية وتصريحات باول    بالصورة.. مايسترو الهلال والمنتخب الوطني ينشر تدوينة مؤثرة عن أحداث الفاشر: (كيف لنا أن نلهو.. الجسد موجود لكن القلب والروح والبال في الفاشر كل صورة وكل فيديو يأتي من هناك بمثابة سكرات موت)    مجلس رعاية الطفولة: مقتل ألفي طفل وفقدان (3) آلاف سيدة و(1500) مسن على يد المليشيا بالفاشر    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يصطفون خلف الفنانة رحاب عذاب في شكل "حلقة" ويدخلون معها في وصلة رقص مثيرة وساخرون: (عالم فارغة الناس في شنو وانتو في شنو)    شاهد بالصورة.. جمهور فريق الجيش الملكي المغربي يرفع لافتة في إحدى المباريات: (لأهل السودان وفلسطين لن يؤخر الله جزاء الظالمين)    لماذا يتفاخر عناصر الدعم السريع بقتل المدنيين بالفاشر؟    شاهد بالصورة.. لاعب ريال مدريد ونجم الكلاسيكو الأخير يدعم السودان بهشتاق: (أنقذوا السودان)    150 مليون إسترليني تعيد صلاح لدائرة الاهتمام السعودي    شاهد بالفيديو.. "الشمار" يتسبب في غضب وانفعال الفنانة ندى القلعة تفاجئ جمهورها    كامل إدريس..دماء الضحايا لن تذهب سدا بل ستكون منارة وذكرى للعالم بثباتهم وصمودهم    الجنوبيون يرتكبون الفظائع على الأرض ويتباكون في الأسافير    الملاعب.. والمتاعب السودانية..!!    إعلامية كتبت يوم سقوط الفاشر: (يوم حزين، الفاشر وبرشلونة)    في كم واحد مبسوط من البعملوهو زي السفاح أبو لولو؟    سقوط السودان بيعني تساقط دول كثيرة بعده، زي قطع الضمنة: domino effect    ليفربول يواصل الترنح بخسارة جديدة في كأس الرابطة الإنجليزية    شاهد بالفيديو.. وصفت نفسها بأنها "ترند مصر الأول".. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تحيي حفل زواج مصري وتغني وترقص على طريقة راقصات مصر    صفقات بملايين الدولارات.. كيف أصبحت الإمارات بوابة ترامب الجديدة لتوسيع نفوذه؟    بيان حول الدعوة للمشاركة في ورشة نيون – سويسرا    وزير الطاقة يتلقى خطاب تهنئة من نظيره الاذربيجاني    الرئيس التنفيذي لإكسبو 2030 الرياض: دعوة 197 دولة للمشاركة وتوقعات باستقبال 42 مليون زائر    شاهد بالفيديو.. اعتدى عليه أثناء تصوير مقطع بالفاشر.. الناشط بالدعم السريع "شيخ بدران" يهرب ويجري من "جمل" غاضب والجمهور ينفجر بالضحكات: (تخاف من جمل طيب لو جاتك مسيرة تعمل شنو؟)    نادي ساردية شندي يوزع المعدات الرياضية    الرابطة نوري بطلاً لكأس السودان المحلي كريمة مروي    كامل إدريس يؤكد الإهتمام بدعم وتطوير القطاع الزراعي    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    السلطات الصحية في الخرطوم تزفّ خبر حزين    حسين خوجلي يكتب: الفاشر والسياب جدلية الجسد والوطن    نقل 218 جثمان من مواقع متفرقة بقشلاق الشرطة بمنطقة ابو سعد جنوبي امدرمان وإعادة دفنها وفقاً للإجراءات القانونية    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلاد تغرق .. الاوضاع فاقت الاحتمال، ولكن هل سنعبر ؟
نشر في النيلين يوم 09 - 09 - 2020

بانتهاء خريف هذا العام ، ربما يدرك السودانيون بمختلف سحناتهم ، وانتماءاتهم السياسية ، أن الخطر الذي سيتعين عليهم مواجهته خلال المرحلة القادمة ، لا يقتصر فقط على تداعيات الديكتاتورية التي كانوا يرزحون تحت اغلالها طوال الثلاثون عاما الماضية ، ولا يكمن أيضاً في الاوضاع الاقتصادية المتردية ، او حتى ذلك البعبع الذي يعرف بالدولة العميقة ، وانما يكمن الخطر الحقيقي في ذلك النهر ، فبين ليلة وضحاها تحول النهر الذي لطالما تغنى الشعراء بوداعته لوحش يستحيل السيطرة عليه أو حتى ترويضه على أقل الفروض .
النيل ينتفض
من هنالك ، على جسر الفتيحاب الذي يربط مدينة امدرمان العريقة بالعاصمة الخرطوم التي تحتضن القصر الرئاسي ، بمقدور المارة مشاهدة الخراب الذي احدثه الفيضان بالمنتجعات الصغيرة المطلة علي ضفاف النيل ، والتي يرتادها المواطنين في اوقات فراغهم للتنفيس عن غضبهم والهروب من روتين العمل الملل، كما بامكان المارة أيضاً مشاهدة ارتفاع منسوب المياه والتي تبدو وأنها توشك على ابتلاع الجسر الذي بدأ وكانه قد فقد توازنه وهيبته امام النيل العملاق.
وقد سجل النيل خلال الايام الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في منسوبه ، حيث بلغ بالامس مثلما كشفت وزارة الري والموارد المائية حوالي 17-65 متر متجاوزاً اعلى قمة مسجلة ب 39 سنتيميتر .
أما في امدرمان ، فقد تسللت المياه الى بعض المنازل ، لتحدث خسائر فادحة في الممتلكات ، وهو أيضاً ما حدث بالتحديد لأهالي منطقة جبل اولياء جنوب العاصمة الخرطوم .
ومع أن شائعات كانت قد راجت على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بحدوث تشقق بخزان جبل اولياء إلا أن السلطات نفت ذلك ، واكدت على أنها عارية من الصحة ، بل وصل بالأمر بها الى إيصال رسائل مطمئة الي مواطنين على لسان الدكتور بلة احمد طه مدير عام شؤون النيل والخزانات الذي أكد أن خزان جبل اولياء يعد من أكثر الخزانات أمانا بالبلاد ، مبيناً أن المناسيب خلف وأمام الخزان متساوية تقريباً مما يعني عدم وجود تاثير على جسم الخزان .
وفي شمالي بحري ، ادى فيضان النيل الي غرق قرية "التمانيات غرب" غرقا كاملاً ، وتدمير كل المنازل البالغة 350 منزلاً . وحتي امس الاول " الاثنين " لا زال بعض اهالي القرية يعيشون في العراء على الرغم من مرور اكثر من ست وثلاثون ساعة دون ان تحرك الحكومة ساكنا عدا ووعد مسؤول بمكتب الوالي بتوفير الخيام مثلما ذكرت وسائل اعلامية في وقت سابق.
اما في بعض مناطق امدرمان فقد غمرت مياه الفيضان بعض من شوارع الاسفلت بشكل شبه كامل، وجعلتها تبدو وكانها احدى الطرق المقفرة بقرية نائية في اطراف البلاد .
خسائر أخري.
ويكشف تقرير صادر من المجلس القومي للدفاع المدني أن جملة وفيات السيول والفيضانات بالبلاد قد ارتفعت الي 102 . بينما أنهار حوالي26386 منزلاً بشكل كلي ، و 40617 منزلاً بصورة جزئية ، فيما تضرر 179 مرفقاً ، و359 محلا تجاريا ، ونفوق عدد 5482 من الماشية .
ووصل عدد المنازل المنهارة بالخرطوم فقط حوالي 311 منزل ، بينما كانت النسبة الاكبر من نصيب ولاية البحر الاحمر التي بلغ فيها العدد حوالي 850 .
عجز حكومي
وعلي وسائل التواصل الاجتماعي ، أعاد ناشطون ومتطوعين في العمل الانساني احياء أسطورة عروس النيل التي تتحدث عن القرابين البشرية التي كانت تقدم للنيل من اجل تهدئته وترويضه ، في خطوة عدت بانها تقريظ لطيف للحكومة التي أثبتت فشلها حتي الآن في أحكام سيطرتها علي النيل الهائج .
حيث سبق وان اقر رئيس الوزراء د/عبدالله حمدوك بان الكارثة اكبر من امكانيات حكومته . وقال خلال زيارة تفقدية لمدينة سنجة : "ان ما يحدث قد فاق فيضانات 1946 و1998 "و من هناك لم ينس رئيس الوزراء ايضاً ايصال رسائل تؤكد حوجة بلاده لدعم الاشقاء والاصدقاء بالمجتمع الدولي .
فيما قال مدير وحدة الانذار المبكر بوزارة الري والموارد المائية رضوان عبدالرحمن مثلما ذكرت وسائل اعلامية : "ان العاصمة الان تقف على كف عفريت " ؛ لان مناسيب النيل طبقا- لنشرة وزارة الري والموارد المائية عند الخرطوم -في اعلى ذروتها منذ قرون .
ولكن على الرغم من الانتقادات التي ظلت توجه ضدها ، الا ان الحكومة لم تزل تبذل مساعيها الحثيثة لدرء اثار الفيضانات التي تشهدها البلاد . ويبدو ذلك واضحا في الزيارات المكوكية التي ظل يقوم بها قادتها الي المناطق المتضررة بجانب حديث د/ هبة احمد علي وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلف التي اكدت وقوف وزارتها مع المتاثيرين من الفيضانات . بل انها كشفت خلال حديثها امس في منبر " سونا" ان الوزارة قد عقدت اجتماعات مع المانحين للمساهمة في درء اثار الفيضانات ، وانها تعمل بتنسيق تام مع غرفة الطوارئ .
واعلنت هبة عن تخصيص اكثر من 150 مليار جنيه لتخفيف اثار الفيضان عبر الدفاع المدني ، بجانب 33 مليار جنيه اخريتم تخصيصها لوزارة الصحة لمقابلة الاحتياجات الصحية الطارئة .
تضامن دولي
واعلنت عدد من الدول العربية تضامنها مع البلاد . فيما قررت جامعة الدول العربية انشاء غرفة عمليات لمتابعة تطورات الاوضاع وتنسيق الغوث العوني العربي المقدم الى الخرطوم . وقال الامين العام المساعد لرئيس قطاع الشؤؤن الاقتصادية ، السفير كمال حسن علي مثلما ذكرت وكالات انباء ان الدعم العربي سيكون من شقين ، الاول دعم اغاثي عاجل يشمل الدواء والغذاء ، والثاني دعما فنيا للمساعدة في اعادة الاعمار وتقديم المنح الدراسية والتعليمية لابناء المتضررين من الكارثة .
كما ابدى الكثير من المشاهير حول العالم تعاطفهم مع السودان بينهم المعلق الرياضي حفيظ دراجي الذي كتب علي صفحته الشخصية بالفيسبوك " كان الله في عون الشعب السوداني العزيز في مواجهة تداعيات الفيضانات والسيول التي يتعرض لها البلد العظيم بشعبه الصابر ، الطيب والجميل" . كما ترحم على اراح الضحايا داعياً الله الى اعانتهم على تجاوز الكارثة حسب تعبيره .
تاَزر
ورغم الاوضاع الماساوية التي خلفتها الفيضانات ، يثق الكثير من المواطنين الذين استطلعتهم " الجريدة " في قدرة السودانيين شعبا وحكومةً على تجاوز اثار الكارثة والخروج منها باقل الخسائر الممكنة . بينما تطوع اخرون في مساعدة الضحايا وتتريس النيل باجسادهم في مشهد اعاد للاذهان لحظات التاَزر التي تميز بها السودانيين دون غيرهم من شعوب العالم . ربما يبدو الخطر اكبر من ان يحتمل ، ولكن هل سنعبر ؟ هذا ما ستكشف عنه الايام .
متابعات: احمد داوود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.