تموضُع جديد لحميدتي، الرجل يميل دائما مع الكفة الراجحة، ويبدو أنه قنع من الشراكة مع الحرية والتغيير. المطلوب من كل القوى السياسية بما فيها الحرية والتغيير نفسها، استعادة زمام المبادرة والتقدم بمشروع سياسي وطني يضع حميدتي و الدعم السريع والجيش في موقعهم الصحيح كقوى خاضعة للإرادة الوطنية. استقوت الحرية و التغيير من قبل بالشارع وبالجيش و الدعم السريع، و ها هي النتيجة. و على القوى السياسية الأخرى أن لا تكرر نفس السيناريو. صحيح أن خطاب حميدتي يبدو متناغما مع خطاب الصف المعارض للحرية و التغيير و سيطرتها، و بشكل خاص التحالف الذي يضم المؤتمر الشعبي و أحزاب الحوار الوطني. و لكن القوى المدنية مجتمعة يجب أن تمتلك المبادرة و القيادة. قلت قبل ايام يجب الخروج من ما اسميته "إطار الثورة" القائم على الاقصاء و الاستحواذ و تفويض قحت كممثل للثورة و الشعب، هذا الاطار الذي فقد صلاحيته تماما، يجب استبداله بإطار جديد على أساس التوافق و الوحدة الوطنية و الرجوع الى الشعب. يبدو أن هذا الإطار هو ما تمليه الحتمية التاريخية في السياق السوداني و سيقتنع به الجميع. حميدتي يعبر عن هذا الإطار، و هناك تيار متنامي في الساحة يدعو للحوار و التوافق و الوحدة. و لكن هذه الوحدة الوطنية يجب أن تكون على أسس و على مبادئ الثورة و مطالبها، و لا يمكن من ثم أن تكون بمقياس قائد الدعم السريع الذي يجب أن يخضع هو و قواته و مؤسساته للإرادة الوطنية و للدولة و مؤسساتها. و لذلك فإن المبادرة يجب أن تأتي من القوى السياسية مجتمعة. اذا لم يحدث هذا، فالاتجاه الماضي هو أن يقوم العسكر مع الحركات المسلحة باعادة تشكيل المشهد و لكن بهيمنة كاملة منهم على القوى السياسية مع اقصاء كل من يسبب الازعاج للعسكر، و سيمضي الواقع نحو نسخة جديدة مما هو موجود الآن: سيطرة عسكر و مليشيا و تبعية القوى السياسية عديمة الحيلة و الإرادة.