*ثلاثون سنة مريرة من حكم (الانقاذ – المؤتمر الوطني).. *غابت فيها الحقوق الأساسية للمواطن خاصة في عقدها الأول. *ومرت تحت جسورها مياه كثيرة سياسية قصمت ظهر بعير (الكيزان) *فانشطروا الي نصفين.. *ولم يأبه النصف الحاكم المتدثر بعباءة (لا لدنيا قد عملنا) ومن شايعهم من الوصليين والانتهازيين. *لم يأبهوا لمعاناة المواطن من حيث الفقر والمرض والجهل حتى اصبح مجهداَ. *فخرج من رحم هذا (الاجهاد) ثوار حينما عم الاختلال المريع فقامت ثورة ديسمبر. *ثورة قامت ضد المعيشة البائسة وضد كبت الحريات وضد سلب العدالة الاجتماعية. *وكانت الولادة العسيرة لحكومة الثورة بشقيها المدني والعسكري. *وما ذكرناه آنفا معلوم للقاصي والداني .. ولكن. *وبما انني من الجيل الذي كان (حاضراً) لثورة أكتوبر وانتفاضة ابريل وما حدث فيهما من انتكاسة اجهضت الحكم الديمقراطي فيهما. *وبناء على تلك (الانتكاسة) التي عايشناها اخذنا ننظر باشفاق لحكومة ثورة ديسمبر الانتقالية. *بل وصل بنا الأمر منذ البدء ان نكون (متشائلين)!! *و(المتشائل) هو عنوان رواية للأديب اميل حبيبي وهو أول من نحت هذه الكلمة (المركبة) وأصبحت رائجة على السنة الكتاب. *ثم اصبحت (متشائماً) ولا مجال ل (التفاؤل) لماذا؟! *عام واكثر مضي على هذه الحكومة الانتقالية فما الذي تحقق خلال تلك الفترة الزمنية وان كانت بحسبانها قصيرة؟! *ان تحدثنا عن (السلام) فمع تقديرنا لكل الجهود الذي بذلت فمازال النقص يعتريه وسوف يصبح هذا (النقص) من (المنغصات) له. *اما ملف المعيشة فحدث ولا حرج .. ثم حدث وحدث فمنذ قيام الثورة وحتى الآن لا دور للحكومة الانتقالية في تحسين معيشة المواطن. *بل الوتيرة متسارعة في المعيشة من يوم الي آخر. *أصبحت الأسعار فلكية في الغذاء والدواء .. ومعاناة ما بعدها معاناة في الحصول على الرغيف أو الغاز أو الجازولين أو البنزين. *وكسب قوت اليوم أصبح بشق الأنفس.. *والسنة الدراسية في كف عفريت!! *والطين ازداد بلة حينما تم رفع الدعم عن الوقود.. *وإسراف وتبذير على (وجاهات) الوزراء والولاة في ميزانية فقيرة أصلاً. *فأين العدالة الاجتماعية؟! *والغريب هناك (تبجح) بأن المواطن نال (حرية) كانت حلماً صعب المنال في نظام البشير. *ماذا يفعل (الجائع) و(المريض) والاغلبية الساحقة من المواطنين – ماذا يفعلون ب (الحرية)؟! *أما المشهد السياسي يشهد إنقساماً في حاضنته السياسية.. *وتخبط وتضارب في المواقف المبدئية .. وتشويش وضبابية رؤية.. *مما خلق مناخاً تروج فيه الشائعات والتكهنات.. *هذه الثورة مهرها الشهداء بدمائهم والجرحي بجراحاتهم ، فلماذا وصل الأمر بالحكومة الي هذا الحد من الهاوية. *وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.. *لسنا مع القائلين بأن الثورة تم (اختطافها) انما حكومة الثورة تعيش حالة فوضي وضعف. *وبما ان هناك تجار حرب .. أيضاً يوجد تجار (ثورات) من السياسيين *وهؤلاء هم الذين يهدمون في معبد الثورة!! *ليست هناك بارقة أمل مع أولئك التجار .. تجار الثورات.. *ومع ذلك نري بصيص ضوء ولن نزرع اليأس .. لأن هذا الشعب الصابر مازال يحمل بين جوانحه نار الثورة.