بعدما لقطتها كاميرات القناة الناقلة للمباراة.. شاهد ماذا قالت مشجعة صقور الجديان الحسناء عن لقطة إنهيارها بالبكاء: (راسنا مرفوع وما دموع انكسار)    بعدما لقطتها كاميرات القناة الناقلة للمباراة.. شاهد ماذا قالت مشجعة صقور الجديان الحسناء عن لقطة إنهيارها بالبكاء: (راسنا مرفوع وما دموع انكسار)    شاهد بالصورة والفيديو.. مشجعة صقور الجديان الحسناء تنهار بالبكاء في المدرجات عقب الخسارة القاسية أمام العراق والجمهور يواسيها: (دموعك غالية علينا)    تكريم الفنان النور الجيلاني بمنطقة الكدرو    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    خسارة المنتخب الوطني بهدفين نظيفين من المنتخب العراقي    سلطة الطيران المدني تعلن عن فتح مسارين جويين جديدين بالسودان    للمرة الأولى.. السعودية تواجه نفس الخصوم في كأس العالم    أطباء بلا حدود: أكثر من 1.5 مليون سوداني فروا من الحرب إلى مصر    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل عراقي يفاجئ والده والحاضرين ويتوقع فوز صقور الجديان على منتخب بلاده في كأس العرب والجمهور السوداني: (ربنا يسمع منك)    فوائد النعناع واستخداماته العلاجية.. تعرّف عليها    اكتشاف ثوري يربط جودة النوم بصحة الأمعاء    السودان.. المحكمة تصدر حكمًا قاسياً على معلّم الثانوي    ترامب .."لا أريد الجوائز... أريد إنقاذ الأرواح"    السكري وصحة الفم.. علاقة متبادلة    العبيد أحمد مروح يكتب: أمريكا كانت تعرف، فلماذا سمحت بذبح السودانيين ؟    السودان يندّد بالمذبحة الجديدة    الصفا الابيض يكتسح الاهلي نيالا بخماسية    الأهلي الأبيض يتجاوز الناصر أمدرمان في الدوري العام    مان يونايتد يفشل في تحقيق الفوز    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    شاهد.. أحد أفراد الدعم السريع يفجر مفاجأة داوية وينقل لزملائه خبر وفاة قائد ثاني المليشيا عبد الرحيم دقلو    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    نتيجة قرعة كأس العالم 2026.. تعرف على طريق المنتخبات العربية في المونديال    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    إصابات وسط اللاعبين..بعثة منتخب في السودان تتعرّض لعملية نهب مسلّح    "يارحمن" تعيد الفنانة نانسي عجاج إلى القمة.. أغنية تهز مشاعر السودانيين    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    كامل إدريس يوجه برفع كفاءة قطاع التعدين    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طائرُ القَلقْ: عبد العزيز بركة ساكن ينعى ولده
نشر في النيلين يوم 22 - 06 - 2021

كانَ وسيمًا وقَلقًا، هينًا ومزعجًا وحنينًا مثل بسمة. كثير الأسئلة، لديه إجابات لا منطق لها إلا أن تفكر مثله. هَمٌّ "وكأن الريح تحته"، هادئًا كليل الصحراء، ضاجًا كعاصفة.
آبَ إلى البيت ذات يوم، من المدرسة،، كان في الصف الثالث الابتدائي، قال لأمه "اكتبي، أنا ألفت قصيدة." وكنتُ قربها، فسبقتها وأخذتُ قلمًا وورقة: فردد بهدوء
"ظلي ظلي أسود
وأنا أمشي في أمان واطمئنان."
كتبتها، طلب مني أن اقرها عليه، قلت بيني وبيني، "الود طلع لخاليه الشاعرين؛ عالم عباس وحافظ عباس "، بعد أيام قلائل، وكعادته يأتي إلى البيت من المدرسة في حالة من الإثارة، صاح
"الليلة شفت الله"
هتفت أمَّه في هلع، استغفر يا مستنير، "الله ما بشوفوه بالعين، بيعرفوه بالعقل"، ولكنه رد
" والله شفت الله في الطريق"
كان نحيفًا، ووسيما، وطويلاً، هادئًا ودمثًا، في طفولته لا يأكل إلا نادرا فقط يشرب اللبن، فأطلق عليه الأصدقاء في بلان سودان، ب "حليبو".
ما ظننت أن يأتي يومٌ واكتب عنك مستخدما كلمة "كان"؛ إنها تليق بي،ولا تليق بنزقك وجناحيك الغضين، كنت أظن أن الغد أمامك يمتد إلى ما بعد رحيلي، وستبتسم روحي حينها عندما تزين سيرتي "بكان".
كنا فقراء، عندما نتخم من العدس، آخذه معي إلى الترعة، بعد أن أعود من المدرسة، قريبًا مما نسميه حي الألمان في خشم القربة، أجلسه قربي، ونحاول اصطياد الأسماك، يجلس بهدوء، اعلمه كيف يصطاد، يساعدني بالحكايات الغريبة، وكم مرة عدنا غير باسماك ولكن بالحكايات.
كان طويلا ونحيفًا ووسيمًا
صبر على المرض سنوات عديدة، تلاحقهُ الأصوات، والكوابيس، تقلق نومي ونومه، ولكنه يبتسم قائلًا: لقد سيطرت عليها، واستطعت أن أوجهها كما أريد، ثم نتحدث عن الكون، نشأته ومآله. في المستشفى، قبل عامين أخذ بعض كتبي معه، كان يناقشني بجدية، ولكنه يحب الفكر الروحي، جوشوا أحد المفضلين عنده، جوشوا والموسيقى، يكتب أغنياته باللغة الألمانية التي يجيدها، أغنيات حزينة وقلقة لئيمة وشديدة الفسق، يلحنها ويسجلها ويرسلها لي ولأصدقائه، أغنيات حب وأغنيات غضب.
كان وسيما وطويلا، ورحل وهو بذات الوسامة، ربما لم يقل وداعا إلا لقطه "بيمبو"، الذي لم يظهر إلا في الليل ويخرج ليتجول في الغابات نهارا، ما عدا اليوم، كان يقف عند الباب، بينما ينام صاحبه في الداخل، بعيدا عن حذائه، ومحفظة نقوده، وكتاب أشعار بوب ديلان، يحيط به الحزن والسلام.
سميته مستنير، قبل أن يولد بعشرات السنوات، بل منذ أن كنت أنا طفلاً،، كان وسيمًا وقلقًا ومستنيرًا.
ستطول هذه الليلة، ربما تمتد إلى الأبد، رحيلك مؤلم يا ولدي، وما أظن أن يشابه ما بعد، ما قبل.
بالأمس سألني
" بتكتب شنو الأيام دي"
قلت له، رواية، حكيتُ لك عنها قبل سنة تقريبا، عن العجوز الذي ينتظر الحرب العالمية الثالثة أو الكارثة النووية.
قال لي " قصها لي مرة تانية"
فقَصَصَتُها عليه، وعند نهايتها، قال
" النهاية غير متوقعة"
طلب مني أن أساعده في كتابة رواية، فظننتها تلك الرواية التي يكتبها عن القط والعصفور، في مخيلته منذ سنوات وكلما اطلب منه تدوينها على الورق، كان يبتسم ويقول: سأحاول.
ولكن كانت مفاجأتي بأن قال لي، أريد أن أكتب رواية بعنوان: no life ولكن لسوء سمعي، وهو عادة ما يتحدث بصوت منخفض، سمعتها، أو أردتُ أن أسمعها: law life، ولكنه أصر علىَّ أن أسمعها كما هي، ثم اخبرني عن معنى "نو لايف" فلسفيًا، وعن الأكوان المتوازية، ولكنني قلت له: "نو لايف"، فيها تشاؤم وغير فنية بالنسبة لعنوان رواية، "لو لايف" فيها شاعرية وأكثر عمقاً، وتحاورنا. وبعدها بدأ يكتب على جهازه النقال، روايته بالانجليزية "نو لايف" ثم يمحو ما يكتب، قلت له: اكتب فقط التحرير يأتي لاحقاً وح أساعدك.
كان وسيمًا وقلقاً، صبورًا على الحَزَنِ والألم والخيانات والخيبات والغربة وخراب الروح والجسد ووجع السفر، وحتى المسرة، لهِمه الدَنَفُ ولم يَنض ثمرهُ بعد.
يستمع جيدا ويرد جيدا ويحزن جيدا، وجيدا يمضي في سبيله، وجيدا يموت ويَنْسَى.
يطول هذا الليلُ، يستطيل الحَزَنُ عليك، وأنت تنعم بالحرية التي تنشدها، تلك الحرية التي لا يحلم بها الأحياء بل يهربون منها ويخافونها، نم قليلا، علك تستريح.
وداعا يمتط في وجع الأحزان ثقيلا وبارداً، ثقب ملعون يبتلع أحلامك المستحيلة، أ تذكر كم تحدثنا عنها؟، وأفكار جيمس هاوكنج، ولكنك كنت تؤمن بأن هذه الحياة افتراضية ولا وجود لها في الواقع، إنها لا توجد إلا في وعي الفرد فهي أقل قليلا من كذبة.
لا استطيع أن اكتب عنك الآن، ولا تطاوعني الحروف، فأنا مخنوق اليد واللسان والمخيلة،، مخنوق الروح والأحلام، مختنق بك....، سأكتبك لاحقا، نم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.