مرة بعد أخر تخرج علينا الحرية والتغيير لتذكرنا بالوثيقة الدستورية التي نعرف أنها تشكل القاعدة الصلبة التي تستند عليها مسيرة حكم الفترة الانتقالية لكن ما لا نعرفه هو سبب اخفاء تلك الوثيقة عن الأعين وعدم توزيع نسخ منها على الرأي العام أو وضعها على الشوارع الرئيسية والمحال العامة والجامعات أسوة بما فعل حمورابي في العراق لتكون على مرأي ومعرفة للجميع بفحواها علاوة على أن الحرية والتغيير لم تخصص مؤتمرا صحفيا أو لقاء جماهيريا يتيح للجمهور الاستمتاع برؤية تلك الوثيقة المفترى عليها والتقاط سيلفي معها. ونتيجة لغياب الوثيقة الدستورية عن أعين الناس وما يتفرع عن ذلك من قضايا أخرى أبرزها غياب المجلس الاستشاري فلم يعد الناس تسمع غير الجعجعة ولا ترى طحينا بل الأسوأ من ذلك كله أن المشهد السوداني بات ساحة مشحونة بالأزمات الطاحنة التي سببها التخبط والتلكوء والمهددات الأمنية و ما أكثرها على كافة الصعد المعيشة والسياسة والأمنية لكن الأخطر من كل ذلك النعرات العنصرية التي برزت بصورة واضحة فاضحة في الاونة الأخيرة ومقصدها تفتيت السودان إلى جزيئات سياسية متصارعة بسبب الممارسات الخاضعة لرؤية السلطة فقط . ووفقا لرؤية انطباعية نحسب ان الاخفاقات االتي تشهدها الفترة الانتقالية سببها عدم الالتزام بالوثيقة الدستورية علاوة على ضعف السلطة الحاكمة وعدم قدرتها على بناء هياكل الدولة وفرض هيبتها وان بدت السلطة ذاتها غائبة تماما عن كثير من هموم المواطن ومهددات الوطن بينما هي متمسكة بالوثيقة الغائبة وتتخذها أداة تهديد ووعيد وابتزاز سياسي لأجل السيطرة على ثورة ديسمبر والجلوس على سدة حكم الفترة الانتقالية أطول فترة . والمؤلم حقا ان حكومة الفترة المؤقتة التي أثقلت كاهل أبناء الوطن بمصاعب مرهقة وأعباء معيشية ثقيلة تبدو غير عابئة بمعاناة الناس وغير حريصة على ايجاد حل لشكاوى الغلاء وأنين المرضى وهموم العاطلين في ظل مسيرة يصفها البعض بالمخيبة لامال المواطن وبذلك تؤكد مقولة مفادها ان السياسيين السودانيين أنفسهم ليس بمقدورهم التعايش في ظل حكم مدني ديمقراطي . من المعلوم ان كل بلدان العالم التي تنعم بنظام ديمقراطي كامل الدسم يواجه المسؤولون أخطاءهم في السلطة بثقافة حضارية تحضهم على مغادرة وظائفهم بالاستقالة الطوعية وأيضا بالاعتذار للشعب عما جنت أياديهم حتى إذا كانت أخطاء من صنيع غيرهم لكن المسؤولين في بلادنا ليس في عقيدتهم الاستقالة من أجل أخطائهم مهما كانت شنيعة حتى وان اندلعت المظاهرات وخرجت المسيرات التي تطالب بالرحيل عن السلطة . صحيفة الانتباهة