وسط متغيرات سياسية متسارعة يعيشها الشارع السوداني، تصدرت الأحداث الاقتصادية المشهد خلال العام 2021. وبرزت سلسلة الإصلاحات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة الانتقالية السابقة منذ 2020، كأحد أهم الإجراءات التي انعكست على معيشة المواطن بشكل كبير. وعاش السودان خلال العام الجاري بين محاولات جني ثمار شطب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومحاولات اندماجه في المجتمع الدولي، وجهوده المبذولة في إعفاء ديونه الخارجية، وبين الاستمرار في سلسلة الإصلاحات الاقتصادية. زيارات أمريكية وشهد يناير/ كانون ثاني الماضي زيارة لوزير الخزانة الأمريكي الأسبق، ستيفن منوشن للخرطوم تم خلالها التوقيع على مذكرة تفاهم لتوفير تسهيلات تمويلية لسداد متأخرات السودان للبنك الدولي، بما يتيح له الحصول على تمويلات بأكثر من مليار دولار سنويا. وأعقبت زيارة منوشن، زيارة لرئيسة مجلس إدارة بنك التصدير والاستيراد الأمريكي، كمبرلي ريد، وتوقيعها لمذكرة تفاهم لتمويل الصادرات والاستثمارات الأمريكية بالسودان بقيمة مليار دولار. فيما شهد مارس/ آذار الماضي توقيع الولاياتالمتحدة، على اتفاقية لتزويد السودان ب 300 طن من القمح للعام 2021، تبع ذلك اتفاقية أخرى بين الخرطوم والبنك الدولي بقيمة 390 مليون دولار لبرنامج دعم الأسر السودانية. وبرنامج دعم الأسر السودانية، هو برنامج اقتصادي وضعته الحكومة الانتقالية لتخفيف آثار الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة على الأسر الفقيرة ويستهدف أربعة ولايات سودانية. تعويم العملة وفي فبراير/شباط الماضي أعلن المركزي السوداني تعويماً جزئياً لعملته المحلية أمام العملات الأجنبية، بهدف الوصول إلى استقرار سعر الصرف وتحويل الموارد من الأسواق الموازية إلى الأسواق الرسمية. ويعاني السودان من أزمات متلاحقة بسبب التدهور المستمر في عملته الوطنية، بما أدى إلى تآكل احتياطاته من النقد الأجنبي، وتسبب في أزمات مستمرة في شح السلع الاستراتيجية وفي مقدمتها القمح والوقود وغاز الطبخ. مساهمات عربية وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الخرطوم عن تقديم دولتي السعودية والإمارات لمبلغ 400 مليون دولار للمساهمة في إنشاء محفظة تمويلية للإنتاج الزراعي بالبلاد. ويمتلك السودان مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون فدان (الفدان يعادل 4200 متر مربع) صالحة للزراعة بجانب مساحة غابية تقدر بحوالي 52 مليون فدان. اتفاقيات مالية وشهد يونيو/حزيران الماضي، إعلان السودان إلغاء العمل بالدولار الجمركي المستخدم في تقييم السلع المستوردة، كاستكمال لقرار توحيد سعر الصرف. وخلال ذات الشهر أعلن صندوق النقد الدولي الموافقة على ضم السودان إلى مبادرة إعفاء الدول المثقلة بالديون (الهيبك)، وإعفائه من متأخرات للصندوق بمقدار 1.4 مليار دولار. وفي يوليو/ تموز الماضي حصل السودان على إعفاء بقيمة 14.1 مليار دولار من ديون نادي باريس (تكتل دول دائنة)؛ ويقدر الدين الخارجي للسودان بنحو 58 مليار دولار بحسب إحصائيات حكومية. وفي أغسطس/ آب الماضي خصص صندوق النقد الدولي مبلغ 857 مليون دولار للسودان للاستخدام دون قيود بما يمكنه من تنفيذ واستقرار إصلاحاته الاقتصادية. إغلاق ممرات حيوية بينما حمل سبتمبر/ أيلول الماضي، إغلاق ميناء بولاية البحر الأحمر (شرقي البلاد) والطريق القومي بين الخرطوم وبورتسودان، بجانب إغلاق خطوط الأنابيب الناقلة للنفط إثر احتجاجات قبيلية بشرق السودان. حيث يحتج المجلس القبلي بشرق السودان على مسار الشرق ضمن اتفاقية السلام الموقعة في جوبا بين الخرطوم والحركات المسلحة، إذ يشتكي الأخير من تهميش مسار الشرق ويطالب بإلغائه وإقامة مؤتمر قومي لقضايا الشرق ينتج عنه مشاريع تنموية. وساهم هذا الإغلاق في تفاقم الأزمات المعيشية بالبلاد، على إثر تناقص المخزون الاستراتيجي من القمح والوقود. وفي ذات الشهر أعلن السودان، عن إعادة جدولة سداد ديونه المتبقية إلى 16 عاماً مع فترة سماح مدتها 6 سنوات. انقلاب وجرت مياه كثيرة تحت الجسر في أكتوبر/تشرين اول الماضي، بعد إعلان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، وتجميد بنود في الوثيقة الدستورية، واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين. وتشهد البلاد احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها "انقلابا عسكريا"، فيما يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ هذه الإجراءات لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهما قوى سياسية ب "التحريض على الفوضى". وأفرزت هذه الإجراءات تأثيرات دولية أبرزها تعليق واشنطن للمساعدات المالية بقيمة 700 مليون دولار، بجانب تعليق البنك الدولي لبرنامج دعم الأسر السودانية. وفي نوفمبر/ تشرين أول الماضي وقع قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان اتفاقاً جديدا لتقاسم السلطة مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.