كان الصادق المهدي عقلا كبيرا و لسانا بليغا . لكن عقل الترابي كان استثنائيا ، الترابي من نوعية الرجال الشموس ، الرجال الذين إذا اشرقوا على مكان غيبوا كل النجوم و الأقمار . و لو ظهر الصادق في قرن غير قرن الترابي لظهر على الناس . لم يكن منصور خالد رجلا يمكن تجاوزه و لا سليمان محمد سليمان و لا جعفر شيخ إدريس و لا الشريف الهندي بشخصيته الكاريزمية . لكن الترابي مع ذلك فاقهم حضورا و تأثيرا ، حتى يمكننا القول أنه الرجل الأكثر تأثيرا في تاريخ السودان . و أهم ما ميز الترابي ليس قدرته على أن يربط القول بالعمل كما أسلفت في المرة الماضية ، و لا قدراته التنظيمية الهائلة التي لا تناسب رجل مشتغل بالافكار ، لكن لغة الترابي و جزالته ، هذه اللغة الصحيحة الخفيفة المعبرة ، قدرته الهائلة على البيان و التوصيف و الترفع عن الكبائر و الهرب من الذلات . دراسة الترابي مهمة ، و دراسة تاريخ السودان الإستعماري عبر شخص الترابي فرصة لاستنطاق واقع سودان 56 بطريقة لم يعرفها الناس قط ، طريقة تضيف للصورة الناقصة الكثير . أنا من عصرك .. أنا من دارك . #وهكذا