الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    عيساوي: حركة الأفعى    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو صالح: حرب 15 إبريل بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع
نشر في النيلين يوم 02 - 07 - 2023

حرب 15 إبريل 2023 بين الجيش ومليشيا الدعم السريع : فلسفة الحرب بين نظرية الحرب العادلة والواقعية ومناهضة الحروب؛ وبين الأخلاق الكانتية والعواقبية
——————————————————
أعمل حسابك دا بوست طويييييل وفيه كمية من المنتشة ومليان مغالطات منطقية باستخدام ما يعرف بأساليب الإقناع بغير محاجة Non-Argumentative Appeals، زي استخدام المصطلحات الرنانة كفقاعات Pubbles. والسطر الفات دا أكبر فقاعة.
البوست دا على شرف الخلاف مع ناس لا للحرب المبدئية من أمثال عشاري وسانديوس كودي وسليمى شريف. ناس زي ما قال محمد عبد الباقي من الشرف الاختلاف معاهم It is an honour to disagree with. برضو مكتوب باستلهام عميق لمبادئ أُلهمتها من أستاذي محمد جلال هاشم. فرغم اختلافي مع كثير من آرائه السياسية وتخريجاته الفكرية، لا يزال وعيي بالأزمة السودانية حول أطروحته الأساسية يدندن.
البوست من سبعة (7) أجزاء.
——————————————————
(1)
طبعا من نقاشاتي مع ناس كتار من بداية الحرب دي، (بتكلم عن الناس الموضوعيين والضد الحرب مبدأً ما عينة البجي بيقول ليك أنت مثقف حرب داك وداير بي أي طريقة يثبت إنك بوق حرب وهو فاهم إنو دا ما موقفك) لقيت إنو في إشكالية حقيقة في التأسيس الأخلاقي بتاعنا وطبيعة اختياراتنا الأخلاقية ودا سببه بشكل عام إننا مجتمعات بنية تفكيرها تقليدية بيخليها بالضرورة ما عندها نظرية أخلاقية عامة Theory for Public Morality، لأنو الدولة الحديثة (الأنا شايلها كمسلمة يفرضها واقع الاجتماع السياسي العالمي الحديث ما بعد اتفاقية ويستفاليا والثورة الصناعية ولا يجادلها العقل) دي ارتطمت بينا ارتطام عبر الاستعمار ما استُولِدت من التطور الطبيعي لاجتماعنا السياسي كسودانيين. وعليه في نقاشات فلسفية نحن ما داخلنها ولا جزو منها لأنو من 1821 نحن حصل لينا كمجتمع تقليدي فكريا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا (مجتمع ما قبل صناعي) ارتطام عنيف مع الدولة الحديثة لحدي حسع ما قادرين نولِّد نظرية بعبقرية أصيلة وتسييق معرفي أصيل للتعامل معاو. بقينا عاملين زي الشافع العمرو سنتين وجابوا ليو لعبة مفروض يلعب بيها شافع عمرو عشرة سنين.
في الحقيقة أزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية من 1821 مردها للارتطام العنيف دا. والإشكال الأكبر إنو الحداثة ارتطمت بينا ونحن المكنون الحضاري بتاع اجتماعنا الثقافي ضعيف جدا فحتى البنية الثقافية الإسلامية استوطنت في السودان ما في العهود الزاهرة بتاعت الحضارة الإسلامية زي ما قال أبو القاسم حاج حمد. فالإسلام نفسه دخل لينا في عصر انحطاطه، فلم نستقبل ارتطام الحداثة بأرضنا في معركة كورتي إلا بمنتوج معرفي على شاكلة طبقات ود ضيف الله، على وصف أبو القاسم حاج حمد. بيد أن ذلك الارتطام جاء في خلد ذاكرة حضارية مركونة في اللاوعي من بقايا كوش، ذاكرة بعيدة ولكنها عميقة الأثر عبر عنها شاعر قصيدة سوداني بقوله: "بغناخي طاف بينا وبي سرو باح لينا؛ بريدو؛ سوداني"؛ إذ لا يزال "سر بعانخي" مركوز في المكنون الحضاري لهذا الشعب: هذا السر هو ما سيجعلنا نؤسس ذات يوم الدولة الأعقد في أفريقيا لتقوم على إثرها دولة تقود كونڤيدرالية أفريقية هي بمكان ٍفيها لا يقل عن مكان ألمانيا في الكونڤيدرالية الأوربية. فسودان "سر بعانخي" هو أفريقيا الصغرى: دولة بعمق جيوستراتيجي في الشرق الأوسط وأفريقيا محضونة بي نيلين وبسهل منبسط ومنحدر وممتد بمناخات متعددة وإطلالة شرقية على البحار الدافئة، وفق كل ذلك إنسان متعدد ومتنوع الثقافات والأعراق. بلد مهما طال سباتها ستستيقظ؛ بعز عزيز أو بذل ذليل. فلنأمل أن تكون نهاية هذه الحرب بانتصار الجيش إيذانا بميلادها عبر استعادة شعبها لإرادته الوطنية ونهاية عصر ما بعد استعمارها نحو عصر تحريرها وتأسيسها وإطلاق ممكنات إنسانها؛ بداية من "سر بعانخي"!
——————————————————
(2)
إشكالية الأخلاق العامة في ثورة ديسمبر المجيدة
كنت مع واحد من الأصدقاء فقال لي تفسيرك بي إنو سبب موقف الكتلة الثورية المتناقض مع شعار "العسكر للثكنات والجنجويد ينحل" سبب عاطفي ما أخلاقي مرتبط بالقيادة الحالية للجيش ما سليم. لأني كنت قلت ليهو جزو كتير من جماهير ثورة ديسمبر لو الجيش انحاز انحياز حقيقي في 11 إبريل وما دخل في مشكلة فض الاعتصام وحاول يحقق شعار الجنجويد ينحل من موقع هجومي وساعة صفر محددها هو بعد رفض قيادة الدعم السريع لقرارات صادرة في إطار سيادة مدنية وقاضية بي حل الدعم السريع أو دمجه، موقفها ما كان حيكون كدا؛ كان حيكون زي موقف الناس من النزاع السلاح مع هيئة العمليات. فأنا شايف الموقف دا مشحون عاطفيا بي مواقف قيادة الجيش الحالية وسردية إنو الحرب دي عملوها كيزان ما موقف أخلاقي صميم. موقف مسنود بي توجيهات عاطفية ما نظرية أخلاقية في الأخلاق العامة للحرب لأنو دا ما كان موقف الناس من حماية ناس الجيش ليهم بالسلاح في القيادة العامة من أمنجية العمارة، وموقف عساكر زي حامد، ولا طلبهم للمدفعية عطبرة إنها تجي تسقط قيادة الجيش الحالية بي دعمها السريع بعد فض الاعتصام. هو بيفتكر إنو دا موقف أخلاقي صميم وإنه في نزعة أخلاقية حقيقة بدت في التقييم الأخلاقي للمواقف السياسة في السياسة السودانية بسبب ثورة ديسمبر وأنا ما بفتكر كدا. وهنا، قبل ما أبدا في تفصيل الحجاج دا، مبدئيا موقف غالب ثوار ديسمبر من لجنة تفكيك التمكين وتشكيل حكومة المحاصصات الحزبية والحكم عبر الشرعية الثورية العبرت عنه مواثيق لجان المقاومة تجاوزا لسؤال شرعية التمثيل ما بتقول إنو في تطور في نظريتنا الأخلاقية للأخلاق العامة Public Morality عشان نقول موقف لا للحرب دا موقف مدفوع بي نظرية أخلاقية متسقة مع سلمية الثورة، على الأقل دا ما حاصل كظاهرة.
——————————————————
(3)
الأخلاق العامة بين الوصفية والمعيارية
دا بيودينا لي الفرق بين النظرية الوصفية للأخلاق التقليدية Descriptive Moral Theory والنظرية المعيارية للأخلاق الحديثة Normative Moral Theory.
الإشكال الأساسي في تطورنا الفكري كمجتمعات إننا خاضعين لي تصور أخلاقي وصفي. بمعنى، اختياراتنا الأخلاقية أو دليلنا الأخلاقي Moral Code بحيلوا لي مصادر ثقافية. في السودان، بشكل عام، وربما غالب المجتمعات ما قبل الصناعية، البيحدد خيارات الزول الأخلاقية هو دليل ثقافي اجتماعي بيقول الفعل دا صح ولا غلط سواء كان بيحيل لي نصوص دينية ولاسرديات ثقافية شعبية. يعني في دليل أخلاقي متداول في الاجتماع الثقافي هو الأنت بتحيل ليو عشان تعرف سلوكك دا صح ولا غلط. ما إنو الفرد أو المجتمع ككل بيعبر عن مفكر أخلاقي نقدي بيولّد بالتفكير المجرد المستقل دليله الأخلاقي الخاص البيحدد ليو شنو الصح ولا الغلط بناء على منطق عقلاني بيخلي قادر يخش في نقاش جدي مع الدليل الأخلاقي للمجتمع. دا بيسموهو التصور المعياري للأخلاق.
واحدة من تجليات ارتطام الحداثة والعولمة وبالذات تصدير أخلاق المجتمتعات الليبرالية والرأسمالية عبر التواصل العولمي بمجتمعنا التقليدي اللي خاضع لدليل أخلاقي وصفي، هي التناقض الأخلاقي في مجتمعنا وسقوط عدد ما بسيط منو في معياره الذاتي للأخلاق. مثلا الخواجة لمن يعمل ممارسات ليبرالية زي الزنا ولا الشراب ولا اللبس الخليع ولا غيرها، بيعمل الحاجة دي في إطار تطويره الشخصي لدليل أخلاقي معياري بيخليهو متسق أخلاقيا مع ممارسته. بينما في مجتمعاتنا الفرد البينتهج السلوكيات المتحررة دي غالبا ما بيكون طور دليل زي دا وبيكون بيناقض في الدليل الأخلاقي الوصفي الشايلو. دا بيخلي الناس ديل (الناس الملتزمين فكريا بالدليل الأخلاقي لمجتمعهم لكن ما ملتزمين سلوكيا معاو) نفسيتهم الأخلاقية Moral Psychology مهتزة لأنو بيكون ساقط في معايير نفسه الأخلاقية. وهنا بتظهر آلية اللجوء للشعائر التعبدية كمعوض للخلل القيمي دا وسقوط الزول في معاييره الأخلاقية. بتلقى من زمان السوداني (وبالذات ما قبل تطبيق الشريعة الإسلامية في عهد نميري) عمره سلوكيا من ناحية أخلاقية مقسوم لي عمر يستمتع فيو وعمر يستغفر فيو. بل في الثقافة في استنكار للحج في عمر باكر لأنو النفسية الأخلاقية داير الله يمد للزول في عمره لحدي ما يصل لحظة يعمل ليو شعيرة تعبدية تنضفو، بل نفسيا حتى الالتزام بصلاة الجمعة من كتير من الناس الما مواظبين في الصلاة الراتبة عموما، مدفوع بي فكرة نضيف صلاة الجمعة لآثام الأسبوع الماضي.
باختصار بنية التفكير الأخلاقي بنية وصفية بتخلي على المستوى الفردي عدد ما بسيط من السودانيين سلوكهم ما متسق مع الدليل الأخلاقي الوصفي الشالينو من المجتمع، وبنيتهم الفكرية ما نقدية ومستقلة بي درجة تخليهم يحاولوا يطوروا دليل أخلاقي معياري يخليهم متسقين. ببقى الحل فك التناقض دا، ما بالالتزام، لأنو في الواقع العولمي ومغريات مجتمعات ما بعد الحداثة دا صعب جدا، لكن بسلوك تعويضي يلجأ لسد الخلل القيمي دا بالشعائر التعبدية والاستغفار الراتب أو بالقفز على الدليل الأخلاقي الوصفي دا، يعني يكسر حنكه، دون تجاوزه وتطوير دليل أخلاقي جديد على إثره.
الكلام دا فيما يتعلق بالأخلاق الفردية بينسحب على الأخلاق العامة البتحدد التقييم الأخلاقي والاختيارات الأخلاقية للمواقف السياسية. غالب الناس، ما كلهم، بيحيل للتوسل بالكثرة، أو التوسل الخاطئ بكثير Fallacious Appeal to Popularity ولا التوسل بالعظمة، أوالتوسل الخاطئ بعظيم Fallacious Appeal to Authority ولا التوسل الخاطئ بقديم Fallacious Appeal to Tradition ولا التوسل بالاستصحاب Guilt or Virtue by Association في الاختيارات الأخلاقية. بمعنى الزول بيستلف دليل أخلاقي من أكتر الناس ولا من سيد الطيب ولا ناظم سراج ولا عشاري ولا عبد الله جعفر ولا أي زول بالنسبة ليو زول زابط، ولا بي المستقر والثابت في الأعراف السياسية، ولا بي إنو دا موقف الشيوعيين وهو بحبهم، ولا الكيزان وهو بيكرهم، ولا الحرية والتغيير وهو بيحبهم ولا بيكرهم. بمعنى الخيار الأخلاقي العام خاضع لي دليل وصفي مستلف من واحد من المصادر دي. عشان كدا كتار لمن الهواء يقلب بيقلبوا وكتار لو الجيش عزل عسكر مجلس السيادة ممكن يغيروا موقفهم مثلا. الغالب الأعم من الناس ديل ما بيعبروا عن تفكير أخلاقي معياري نقدي ومستقل. وهنا النتيجة إنو صعب جدا أصل لقناعة إنو ثورة ديسمبر بتحكي عن تطور في المعايير الأخلاقية لتقييم واختيار المواقف السياسية.
——————————————————
(4)
حرب 15 إبريل بين الأخلاق الكانتية Kantanianism والأخلاق العواقبية Concequentialism
لو جينا نأسس فلسفيا للمواقف من الحرب دي استنادا على نظرية فلسفية أخلاقية، حنلقى إننا لازم نميز بين الكانتية والعواقبية في الأخلاق الفردية والعامة. الكانتية، عطفا على الفيسلوف الألماني كانت، هي نظرية أخلاقية بتقيم الفعل لذاته ما لغيره، يعني بمعزل عن أي عواقب ليو. بينما العواقبية بتقيم صوابية الفعل الأخلاقية بعواقبه الخيرية على الأكثرية في زمن ما وأزمان قادمة. المشكلة الفلسفية هنا بتظهر في معضلة العربة المشهورة Trolley Problem. اللي هو لو جاي قطر ماشي في قضيب وأنت ككائن أخلاقي عندك خيار تخليهو يمشي في مساره ويقتل خمسة ولا ترفع المنفلة وتغير مساره تخليهو يقتل واحد: خيارك الأخلاقي شنو؟ باختصار الكانتي هنا بيخليهو سلبيا يقتل الخمسة والعواقبي بيرفع المنفلة وبيخليهو إيجابيا يقتل الواحد. الكانتي بيشوف فعل القتل مبدئيا غلط لذاته بغض النظر عن عواقبه وبيشوف إنو الزول الرفع المنفلة دا حرفيا قتل فبيختار سلبيا إنو ما يرتكب فعل زي دا بغض النظر عن عواقبه. العواقبي بيشوف إنو الفعل الأخلاقي الصحيح هو الفعل البيحفظ خمسة أرواح، لأنو بيحقق أفضلية للأكثرية، مقابل روح واحدة.
من ناحية أخلاقية أنا عموما بتجاور المعضلة الفلسفية دي بي إني كانتي في الأخلاق الفردية أو الخاصة وعواقبي في الأخلاق العامة. لأنو صعب جدا تكون أخلاقيا متسق لو اتبعت نظرية كانتية على مستوى الأخلاق العامة زي شؤون الحكم والسياسة وقضايا الدولة بمعناها الحديث. بمعنى أنا ما ممكن ارتكب أي فعل شايفو أخلاقيا غلط على المستوى الشخصي بتبرير متعلق بي فايدة الحاجة دي على المجتمع ككل. لكن لمن أختار مواقف أخلاقية كفرد في الشأن العام لازم أراعي لخير الأكثرية The Greater Good مش بس في الزمن الحالي لكن للزمن الجاي والأجيال الجاية. في الحقيقة الأجهزة النظامية والعدلية اللي مثلا بتقتل شخص ولا تسجنه لأنه ارتكب جريمة بتكون بتعمل في فعل خاطئ لذاته لكن صائب لغيره لأنو بتحقق عبر الفعل دا مصلحة للأكثرية. وفي الحقيقة تبرير مشروعية احتكار استخدام العنف في الدولة الحديثة في جوهرها مشروعية مؤسسة على نظرية عواقبية للأخلاق العامة. دا البيبرر وجود قضاء وشرطة وجيش وفي الدولة. الكانتية، من غير توفيق فلسفي معقد، صعب باتساق تبرر لي دا. وعشان كدا أنا شايفها أصلا نظرية في الأخلاق الفردية. اتساقا الكانتية في الأخلاق العامة صعب تببرر وجود الأجهزة العدلية والنظامية في الدولة الحديثة.
——————————————————
(5)
حرب 15 إبريل بين نظرية الحرب العادلة Just War Theory والواقعية Realism ومناهضة الحرب Pacifism.
في الحقيقة التأسيس الفلسفي الأخلاقي للمواقف السياسية من الحرب دي ما بيحسم في مجال فلسفة الأخلاق العام بين المدرسة الكانتية والعواقبية، لكن نقاشه بيجي في مجال الفلسفة السياسية وتحديدا فلسفة أخلاق الحرب Morality of War. وهنا في تلاتة مدارس كبيرة: الواقعية ومناهضة الحروب والحرب العادلة. ممكن تقرا تفصيل النقاش دا أكتر في موسوعة استانفورد الفلسفية بعنوان الحرب War (اللنك في أول تعليق).
الواقعيين بيشوفوا إنو الحرب دي شغل القوي ياكل الضعيف ببساطة. لا عندهم مشكلة مع احتلال أمريكا للعراق ولا غزو روسيا لأوكرانيا ولا انقلاب حميدتي على الدولة. دواس بس. دي الدنيا ودي حالها وأخلاق هنا زاتو ما بتشتغل. مناهضو الحروب بالمقابل، بيجسدوهم في حالة الحرب دي ناس لا للحرب المبدئية، المبدئيين الجد جد لكن ما المستهبلين المنحازين لأحد الأطراف وداخلين في الحرب لي شوشتهم لكن بي شعار لا للحرب. قصدي بالمبدئيين هنا ناس زي عمر عشاري وسانديوس كودي وسليمى شريف. ديل ضد اللجوء للسلاح لحسم النزاعات السياسية مبدأً. بغض النظر عن وضع التفاوض من حيث توازن القوة ولا الضعف وبغض النظر عن شرعية الجهتين البيتحاربوا، موقفهم أرضا سلاح وبي طريقة كانتية في الأخلاق العامة ما يقدر أصلا يبرر أي خسارة في الأرواح مهما كانت الخيرية للأكثرية منها. سانديوس كودي باتساق (في معظم لكن ما كل حجاجه) بيعبر عن الحجج الفلسفية للناس ديل: وهو طبعا نبيل بما فيه الكفاية وفؤاده مصنوع بأخلاق مسيحية متعالية، بما يجعل زي ما قال لي واحد من الأصدقاء من الشرف الاختلاف معاو! عمر عشاري برضو بيتصنف بوضوح في المدرسة الفلسفية دي.
أما أنا وكثير من الناس، فبنعبر عن المدرسة التالتة اللي هي نظرية الحرب العادلة. لو فتحت اللنك بتاع صفحة استانفورد حتلقى في الفقرة الأولى المقدم للمداخلة قال أنا ما حأضيع وقتي في نقاش موقف الواقعيين ومناهضو الحروب. حيركز مع المدرسة التالتة. لأنها مواقف جدليا ضعيفة. تصور مناهضو الحروب عموما مثالي أخلاقيا وصعب حتى يفسر أخلاقية حرب جيش وطني ضد جيش غازي. اتساقا، مناهضو الحروب مشروعهم السياسي مفروض يمتد لمشروع سلم عالمي يحل جيوش العالم كلها ودا محتاج اجتماع بشري مشاعي Communist بالضرورة. لكن لو الزول بقى ما عندو مشكلة في حرب مع جيش غازي، وبالتالي ما عندو مشكلة مع فكرة اللجوء للسلاح لتسوية الخلافات السياسية والتكلفة الإنسانية للحروب ابتداء، لكن بعد دا لقى عندو مشكلة مع حرب الجيش والدعم السريع، معناها هو متبني نظرية الحرب العادلة لكن ما شايف وجه بيبرر عدالة الحرب دي. ودا مربط الفرس: هل وفقا لمعطيات حرب الجيش مع الدعم السريع الجيش عندو مبررات عادلة لخوض الحرب دي ولا لأ؟!
——————————————————
(6)
حرب 15 إبريل وفقا لنظرية الحرب العادلة
ناس نظرية الحرب العادلة بيتكلموا عن مبدئين في تبرير الحروب معطى كلفتها الإنسانية وانطلاقا من نظرية عواقبية في الأخلاق العامة. أولا، عدالة الحرب Jus ad Billum، وثانيا، العدالة في الحرب Jus in Bello. المبدأ الأول عن التبرير الأخلاقي لخوض الحرب، والمبدأ التاني عن انتهاج ممارسات أخلاقية أثناء خوض الحرب. المبدأين بيستندوا على أصل عواقبي في الأخلاق العامة وبيتأسسوا على شرعية استخدام السلاح في الدولة الحديثة. واحد من المدارس دي مدرسة الدولتيين Statists ضربا على توصيف أمادو لي أمثالي بالدولجية، المدرسة دي تأسيساتها كلها قايمة على التأسيس الأخلاقي للدولة القطرية الحديثة ومفهوم سيادتها على رقعة جغرافية واحتكارها للاستخدام الشرعي للعنف داخل الحدود الجغرافية للدولة دي.
طيب خلينا أولا نبدأ بعدالة الحرب. في تقييم عدالة الحرب دي هنا في تلاتة مبادئ مهمة في تقييم عدالة الحرب هم المبرر العادل Just Cuase وحكم الضرورة Last Resort or Necessity والتناسبية Proportionality. ففي الحرب دي مثلا في وجهة نظر مقابلة لعدالتها شايفة إنو دي حرب عبثية Unjust خايضاها أطراف ما عندها شرعية وماف ما يبرر تكلفتها الإنسانية إطلاقا، دي أطروحة حرب الجنرالين ولا حرب مليشيا الكيزان ضد مليشيا الجنجويد. أو مقابلها برضو وجهة النظر الشايفة إنو دي حرب ما اتحقق فيها حكم الضرورة Necessity أو Last Resort بي طريقة بتخلي إنو كان ممكن تفاديها بالحلول السلمية. وفي زول مثلا بيكون شايف من باب التناسبية حتى لو الكيزان بدوا الحرب دي باعتداء على الدعم السريع في المدينة الرياضية، من باب التناسبية، الدعم السريع كان مفروض يرد الاعتداء محليا، لكن ما يسيطر على كل المواقع السيادية ويعلن سيطرتو عليها في بيان يطالب فيهو الجيش بالاستسلام، ويحاول اغتيال القائد العام، ويرتهن أسر الضباط. كدا هو زاد كلفة الرد على الاعتداء بي طريقة بتخلي حربه ما عادلة.
يلا خلينا نشوف أي فريق في المشهد السياسي السوداني بيبرر كيف لعدالة موقفه من الحرب. مثلا بتلقى الناس المع الدعم السريع بيروجوا إنو الحرب دي بداها انقلاب الكيزان على التحول الديمقراطي ممثلا في الاتفاق الإطاري، وبالتالي حربهم دي عادلة وحكم ضرورة معطى إنهم لازم يحرروا البلد من جيش الكيزان الما ديمقراطي وجزو من عدالة الحرب دي تعبير الدعم السريع عن مصالح تأسيسية مرتبطة بالتهميش التنموي (ما معاو تهميش ثقافي) لعرب دارفور. والتناسبية في حربهم بتجي في إنو مخطط الكيزان هو القضاء الكلي على الدعم السريع كقوة حامية للديمقراطية فحنعتدي عليهم اعتداء كلي زي ما هدفهم في القضاء علينا وعلى الديمقراطية كلي.
ناس لا للحرب المبدئيين، زي جزو كبير من شباب لجان المقاومة مثلا والحزب الشوعي، ما ناس مناهضين للحرب مبدأً، لكن شايفينها حرب جنرالين سلطويين بين اللجنة الأمنية والجنجويد، حرب عبثية ما عندها أي مبرر عادل ولا في ليها حكم ضرورة ولا حجمها مراعي للتناسبية. الحرب دي تقيف ونحن بالنضال السلمي نشيل اللجنة الأمنية ونحل الجنجويد. دا الموقف المضارين تحته ناس الحرية والتغيير.
الناس الزيي، شايفين الحرب دي عندها مبرر عادل هو رد الجيش كمؤسسة عندها حق احتكار الاستخدام الشرعي للسلاح لانقلاب مليشيا الدعم السريع وتمردها على الدولة، استنادا على شرعية بتشابه شرعية الحرب مع الجيوش الغازية لأنهم شايفين إنو الدعم السريع، على خلاف الحركات المسلحة ما بيعبر عن أي مصالح تأسيسية بل محض مصالح سلطوية أسرية، وشايفين رد الجيش دا حكم ضرورة معطى مفهوم الشرعية في الدولة الحديثة، وشايفينو رد بيراعي جدا للتناسبية لأنو الجيش لحدي حسع استراتيجاتيتو الحربية بي درجة أساسية دفاعية ما هجومية وأطلق عفو عام بيخليهو يعفي عن أي متمرد حمل السلاح، بل ما وقف منو المرتب ومستعد يدمجه في الجيش بعد التأهيل.
أخيرا، في عامل رابع زيادة على التلاتة عوامل دي في عدالة الحرب بناء على مدرسة الدولتيين، هو الأهم: مفهوم الشرعية Legitimacy، تحديدا مفهوم شرعية الدولة في احتكار العنف في حدودها الجغرافية. وهنا تحديدا بيجي الفرق بين الدعم السريع والحركات المسلحة. الزول الزي دا شايف إنو مثلا الحركات المسلحة في الجنوب ودارفور شالت السلاح كحكم ضرورة لأنو الدولة السودانية منذ نشأتها منحازة إثنيا وتنمويا لتكوينات اجتماعية معينة وما دولة نشأت بتأسيس عقد اجتماعي سياسي شامل وعادل يؤسس لشرعيتها، وعليه حربهم معاها مببرها عادل وحكم ضرورة وبتراعي للتناسبية. وعليه، حروب الجيش السوداني ضد الحركات دي فاقد للشرعية بمعناها الحديث في الدولة لأنها دولة ما مؤسسة على المواطنة المتساوية ومنحازة بنيويا تنمويا وثقافيا لإثنيات بعينها. هنا شرعية السلام بتتفوق وفق نظرية الحرب العادلة على شرعية الحرب.
ودا بيفسر لي رغم التفوق العددي والنوعي للجيش السوداني على جيوش الحركات المسلحة ما قدر يحسم الحرب دي معاها. لأنو وفق عقيدة الجيوش النظامية الحديثة أي ضابط وجندي سوداني بيكون مستبطن عدالة مشروعية السلام على مشروعية الحرب منذ 1954، باعتبار السلام كمشروع سياسي عادل بيقتضي تأسيس الدولة على المواطنة المتساوية وفي السودان تحديدا تأسيسها على ديمقراطية لا مركزية، هو مشروع مؤجل منذ الاستقلال ظل مرفوعا كشعار من كل الحكومات ومعدوم الإرادة. وهنا أهم عنصر في حسم المعارك هو سلاح المشاة. وواضح تماما إنو نظامية الجيش السوداني وحداثة تكوينه، برغم عدم وطنيته في إطار شرعية الدولة كدولة مؤسسة على المواطنة المتساوية، بتخليهو عقيدتو ضعيفة جدا على مستوى المشاة لأنو حربه ضد الحركات المسلحة دي ما جات لحظة كانت عندها مشروعية. دا السبب الخلا الحكومات تستثمر عقائد إضافية لتسليح مشاة ضد الحركات المسلحة. استثمار العقيدة الإسلامية في حرب الجنوب وتوصيفها كحرب دينية عشان تلقى مبرر عادل لتسليح مشاة من خارج الجيش زي ما عملت الإنقاذ مع الدفاع الشعبي، واستثمار العقيدة الجهوية والانحيازات الإثنية زي ما تم دايما تسليح القبائل العربية في درافور عشان تلقى مبرر عادل لتسليح مشاة من خارج الجيش ضد الحركات المسلحة في دارفور من أصول غير عربية. لكن لو عملنا انتقال تأسيسي جاوبنا فيهو على سؤال السلام وأسسنا فيهو دولة دستورها قائم على المواطنة المتساوية عبر تعاقد اجتماعي سياسي شامل وعادل، وقائمة على ديمقراطية لا مركزية، وبعدها الحلو ولا عبد الواحد قرروا يحاربوا الدولة المركزية لحظتها دا فعلا بيبقى تمرد وبتبقى الحرب معاهم شرعية ومبررة وحكم ضرورة زي الحرب مع الدعم السريع.
فباختصار وفقا للتصور الدولتي لنظرية الحرب العادلة الجيش السوداني، كمؤسسة، لم يخض حربا عادلة مكتملة الشرعية زي حرب 15 إبريل ضد تمرد وانقلاب مليشيا أسرية استخباراتية ارتزاقية تقوم عقيدتها على النهب والحرق والاغتصاب على الدولة.
لاحظ في المبحث دا كلو نحن بنتكلم عن عدالة خوض الحرب معطى تكلفتها الإنسانية ما بنتكلم عن إيقافها أصلا. وهنا طبيعي تشوف وفقا لنظرية الحرب العادلة إنو الحرب ما بتقيف أخلاقيا إلا بشروط تزيل مبررها العادل ومشروعيتها وحكم ضرورتها ولا تقلل تناسبيتها. ودا السبب البيخليني أشوف إنو أقصر طريق لإنهاء الحرب دي هو إجماع القوى المدنية على سحب شرعية استخدام من الدعم السريع لأنو دا الشي البيخلي الحلول السياسية ممكن تجيب النتائج البتجيبها الحلول الحربية. لحظتها، وفقا لنظرية الحرب العادلة، الجيش السوداني بيفقد الشرعية والمبرر العادل وحكم الضرورة لحمل السلاح، لأنو بالتناسبية بيكون ماف أي مبرر عادل لأي تكلفة إنسانية زيادة طالما الحلول السياسية ممكن تجيب نفس نتائج الحلول الحربية بتفاوض توازن قوة لصالح الجيش بيسحب شرعية استخدام السلاح من الدعم السريع، وبيجرد قيادته من مناصبها العسكرية والسيادية، حتى لو جا بعفو عنها، وعدم تجريدها من كل مكتسباتها المالية، ودمج قواتها بعد التأهيل، والإبقاء على رواتبها، وحتى تجنيس الما سوداني منها.
——————————————————
(7)
حرب 15 إبريل والعدالة في الحرب Jus in Billo
أخيرا، في نظرية الحرب العادلة، البتبرر كلفة الحرب الإنسانية، لو استوفت شرط العدالة في خوضها ابتداء، ضروري نشوف إنو الحرب دي ما عدالة في مبررات خوضها بس لكن برضو عادلة من حيث توخي العدالة في أثناء خوض الحرب نفسها. هنا مبدئيا في أربع مبادئ: قتل المحاربين Killing Combatants، وتجنب المدنيين Sparing Civilians، والتناسبية Proportionality والضرورة Necessity.
لمن تقارن الجيش بالدعم السريع حتلاحظ إنو الدعم السريع دا لا حربه عادلة لا عندو عدالة في الحرب. الدعم السريع أصلا استراتيجيته الحربية بعد فشل انقلابه قايمة مع سبق الإصرار والترصد على الاحتماء بالمدنيين كدروع بشرية. يعني جايب صفر ابتداءً. ناهيك عن جرائم حربه التي لا تعد ولا تحصى.
بالمقابل، الجيش استراتيجيته في الأساس دفاعية لأنو بيقاتل في عاصمته ولأنو مغدور بي انقلاب ما اتوقع ساعة صفره. تاريخيا الجيش عندو انتهاكات بليغة في حروبه ضد الحركات المسلحة في الجنوب ودارفور. دا ما حاصل في الحرب دي بذات الدرجة وحتى لو حصل جاي كإخفاق غير مقصود من باب الضرورة على عكس الدعم السريع. ودا بي بساطة لأنو العاصمة بتقع في منطقها الجيش عندو فيها عمق إثني. ما هو يا أخوانا الدولة العميقة في السودان دا هي المجموعات الإثنية الساكنة في الشريط النيلي المتحالفة بنيويا مع الدولة الما بعد استعمارية والعاصمة بتقع في نصها. وعليه، نفس السبب البيخلي التناسبية في التدخل الحربي واطية في حرب الجيش في الأطراف ضد الحركات المسلحة بتخليها عالية في حربه في العاصمة. ودا الفرق الكبير في التناسبية من حيث العدالة في الحرب دي بين الجيش والدعم السريع.
لكن الإشكالية الأساسية في التناسبية هو ضعف الاحترازات الإنسانية زي توفير ممرات آمنة وهدن. لكن دي سببها الأساسي عدم نظامية مليشيا الدعم السريع. لو الحرب دي كانت ضد جيش نظامي زي جيش الحلو ولا زي حركة خليل إبراهيم الدخلت العاصمة وما هبشت شعر مدني واحد، كان ممكن ضمان درجة عالية من التناسبية لأنو دي جيوش نظامية عندها عقيدة حديثة. جيوش زي دي بتقدر تلتزم ليك بإعلان زي إعلان جدة دا، مش تاني يوم ليهو تخش الكنائس وتسرق البنوك وتغتصب القصر والحرائر في الشارع العام.
قبل أخيرا، للأسف من واقع العواقبية في الأخلاق العامة ونظرية الحرب العادلة في الفلسفة السياسية، إذا الجيش شاف إنو إطالة زمن الحرب ممكن يعرض البلد لمخاطر الاحتراب الأهلي ولا الانشقاق الرأسي ولا التدويل، مبدأ الضرورة Necessity or Last Resort، ممكن يخليهو يفكر يحسم الحرب بي قرارات تكلفتها الإنسانية والمادية عالية زي تفجير حي المطار مثلا ولا القصر أو الإذاعة. هنا بيظهر قيمة وجود ناس مناهضين للحرب في اجتمعانا السياسي زي عشاري وسانديوس وسليمى وغيرهم من تنظيمات المجتمع المدني. ديل دايما وجودهم وفاعليتهم السياسية بتخلي الجيش دا دايما مضطر على عدالة حربه وحكم ضرورتها أصلا ما يلجأ لخيارات تكلفتها عالية إلا لو فعلا بقت مناص أخير Last Resort. وهنا قسمة المواقف المبدئية، على عكس الانتهازية، مفيدة، وجاية في سياق لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض. ولذلك أنا فعليا محتفي جدا بالمبدئيين من مناهضي الحرب والعاملين في الإغاثة الإنسانية من أمثال ناظم سراج. الناس المبدئيتهم ما بتمنعهم من قول كلمة الحق في تقرير انتهاكات أي طرف. هؤلاء ملح الأرض وبدونهم تفسد الأوطان. وفي ذات السياق، حصر السند الأخلاقي للجيش في حربه على الاصطفاف ضد الدعم السريع بسحب شرعيته لاستخدام السلاح ومطالبته بالاستسلام، أوفق سياسيا من الاصطفاف كليا مع جيش سلطوي زي الجيش السوداني، مستعد يترجم السند الأخلاقي دا لي سند سياسي غير مشروط يقود لعسكرة الحياة السياسية. دا مهم لئلا ينسى الجيش دا إنو وإن انتصر فانتصاره كما قال تشرشل بعد نهاية الحرب العالمية، هو انتصار بطعم الهزيمة. لكن بذات القدر دعمه المباشر زي موقفي مفيد لأنو لازم المحارب يكتسب مشروعية أخلاقية. فالقسمة دي كويسة ومفيدة لضمان الشرعية والتناسبية وعدم عسكرة الحياة السياسية.
أخيرا، على المستوى الشخصي، كزول شايل نظرية الحرب العادلة وشايف حرب الجيش ضد الدعم السريع دي عادلة تماما بل وأشرف حرب يخوضها في تاريخه، أنا وناس كتار زيي، ما عندنا في تبرير كلفتها الإنسانية ولو جات على حسابنا، أي شك؛ انطلاقا من العواقبية في الأخلاق العامة وحفاظا على بقاء الدولة المحسوبة بكلفة أقل من كلفة انتصار الدعم السريع حربيا أو إجباره للجيش بدعم الحرية والتغيير والمجتمع المدني للدخول في تفاوض توازن ضعف لا يجرد قيادة الدعم السريع من مناصبها السيادية والعسكرية. لأنو دي كلها خيارات كلفتها الإنسانية أكبر لأنها أدعى في الانشقاق الرأسي للجيش وبداية الاحتراب الأهلي أو التدويل، ولا عودة الحرب من جديد بعد تفاوض توازن ضعف يبقيى على شرعية الدعم السريع كقوة منفصلة غير مدموجة في الجيش مع الإبقاء على المناصب السيادية والعسكرية لقيادة الدعم السريع: يعني الإبقاء على التوازن السياسي للاتفاق الإطاري: دا الدايرهو الحرية والتغيير وهو في جوهره إعادة إنتاج للأزمة وما يجعل فعلا الكلفة الإنسانية للحرب دي بلا قيمة ويجعلها فعلا حرب عبثية. الخيار حقنا دا خيار عواقبي في الأخلاق العامة ما خيار كانتي في الأخلاق الخاصة. سألت كم زول من الناس الفي نفس معسكري لقيت دا نفس موقفهم وما عندهم مانع اتساقا مع المبدأ في وقوع ضرر مباشر عليهم أو ممتلكاتهم. العواقبية في الأخلاق العامة مهمة في التأسيس الفلسفي لأخلاق رجال ونساء الدولة. النشطاء الزيي ديل يقعدوا بأخلاقهم الكانتية يراقبوا رجال ونساء الدولة ويحجموهم. دا أفيد ليهم وأنفع، لكن سيادة الدولة وأمنها القومي ما قضايا تترك للنشطاء وهي بتتطلب درجة عالية من الأخلاق العواقبية، فالسياسة لا تقوم على الحب كما أنها ليست نزهة وليست جمعية خيرية.
طبعا دا ما حيكون الموقف إطلاقا لو دا ما كان انقلاب للدعم السريع. يعني لو الجيش هو المحدد ساعة الصفر ودخل الحرب دي بي نفس الاستراتيجية الحالية دي، فدا جيش ما مسؤول. دي حتكون حرب فاقدة التناسبية لأبعد الحدود. وبالأحرى عدم مسؤولية الجيش متجسدة في عدم مسؤولية قيادته في إنها المسؤول الأول عن وقوع الكارثة دي. كان مفروض تتغدى بالدعم السريع قبل ما يتعشى بيها من 11 إبريل. لأنو معطى طموح قيادته ومطامع العقل الاستخباراتي البيخطط ليها في السودان، كان حتواجه أي قرار بالدمج أو الحل بالسلاح. لكن الجيش كان حدد ساعة الصفر هو واعتقل قيادتها أو صفّاها وارتكز مسبقا في كل المواقع السيادية وطوق العاصمة من باب الفعل وليس رد الفعل واشترى بيرقدارات تركية بالجملة، كان خاض الحرب دي بي درجة عالية جدا من التناسبية قللت كلفتها الإنسانية. وعشان كدا الجيش بيتحمل كل الكلفة الإنسانية للحرب دي وعدم تناسبيتها مما يجعل انتصاره بالضرورة انتصار بطعم الهزيمة. لكن تقول شنو عين الخيل تشوف تحتها وعين الحق تشوف أعوام. ويظل عسكر مجلس السيادة من أردأ من ارتدى البزة العسكرية في تاريخ هذه البلاد ولا غسيل لعار القيادة العامة والمؤسسة العسكرية إلا بتنحيتهم مباشرة بعد غسل عار الدولة والتخلص من كابوس مليشيا الدعم السريع سلما أو حربا؛ وبالضرورة حبذا سلما، وهذا ليس مدركا إلا بإجماع القوى المدنية والسياسية على سحب شرعية استخدام مليشيا الدعم السريع للسلاح وتجريد قيادتها من مناصبها العسكرية والسيادية.
عمرو صالح يس
17 مايو 2023
مواضيع مهمة
علاج الحمى في الطب النبوي مشكلة مص الإصبع التفاح الأخضر .. فوائد
الضغط في العمل كيف نتناول الكزبرة؟ ميكب خدود البشرة الداكنة
الوسوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.