أمبارح كتبت بوست عن طبيعة الدولة؛ فسألني أحد الأصدقاء العزيزين جدا علي قال لي: لي بحس بيك بتقدس الدولة أكتر من الدين؟! دي كانت إجابتي فحبيت أعممها (أهم شي بس إنو أنا ما شايف فهمي دا هو "الصح" وما مستعد أخش في نقاش أجادل فيهو عن إنو رايي دا هو الصح؛ دا بوست تعبيري expressive ما حجاجي argumentative؛ ففعليا بعد تقرا الكلام دا شيلو أرميهو البحر): لا أبدا! الفرق بينا بس افتكر إني متبني فهم للدين بيشوف إنو (الدين جُعل للإنسان) بينما انت غالبا متبني فهم بيشوف إنو (الإنسان جُعل للدين). فالدولة بالنسبة لي ما هدف؛ الهدف هو تحرير الإنسان، والدولة والدين بالنسبة لي مفروض يحرروا الإنسان. تانيا؛ أنا بشوف إنو منطق الدولة الحدودية الحديثة لولا صفين وانقلاب معاوية أبو سفيان على الآليات الشورية للخلافة الراشدة كان حيتم إنتاجه بالتطور الطبيعي داخل الفضاء الإسلامي؛ وانت ربما تكون شايف إنو في صيغة "إسلامية للدولة" مفارقة للدولة الحديثة وما ممكن أصلا تطور في الفضاء الإسلامي. وهنا أنا شايف إنو الحدث دا عطل التطور السياسي للبشرية كلها على وجه العموم والإسلام على وجه الخصوص. (في الإطار دا أنا لست سنيا ولست شيعيا ولكني حنيفا مسلما). فتاريخ الإسلام ما بعد انقلاب معاوية على آليات الحكم الشورية يمكن أن يقرأ على إنه ردة للقبلية بين بني هاشم (الدولة العباسية) وبني أمية (الدولة الأموية)؛ ردة ربما لم يتم إصحاحها الا في تونس بعد الربيع العربي (تحديدا لأنو الإسلاميين هناك بقيادة الشيخ راشد الغنوشي قبلو الدولة الحديثة كحقيقة في تطور الاجتماع السياسي للبشرية واستوعبوها داخل وعيهم المقاصدي بالدين). الردة القلبية دي هي اللي النبي عليه الصلاة والسلام حذر منها في حجة الوداع والقرآن طالب بي تجاوزها لأشكال تعارف إنسانية أرحب (إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). تالتا، انت غالبا تكون شايف إنو الواقع النزل فيهو القرآن الكريم كان بيعبر عن صيغة نهائية للاجتماع البشري بينما أنا لا؛ انت مثلا بتكون شايف إنو سورة الانفال حتكون قاعدة في القرآن حتى لو غزوة بدر ما حصلت؛ بينما أنا لا! انت بتكون غالبا شايف إنو القرآن لو نزل في زمنا كان حيكون عندو نفس البنية النصية والرسول صلى الله عليه وسلم، لو جاء في زمنا كان حيقول نفس الأحاديث المروية عنو؛ انا شايف إنو في جزو في القرآن كلي هدايته (من حيث إدارة الشأن العام) متجاوزة للزمان والمكان بينما في جزو هدايتو محصورة للقرن السابع الميلادي في جزيرة العرب تبعا للأحداث التاريخية الصحبت البعثة النبوية. رابعا؛ انت غالبا تكون بتشوف إنو خطوط الصراع في الدين بين الحق والباطل هي في جوهرها بين الإيمان والكفر؛ أنا شايف إنها بين الفساد والصلاح؛ ودي كانت مشكلة الملائكة مع استخلاف الله للإنسان في الأرض؛ عشان كدا مثلا بي فهمي لي مقتضى الاستخلاف أنا أبغض الإسلاميين المستبدين في الله وأحب غاندي عليه السلام في الله! أخيرا؛ غالبا غالبا غالبا لو سألوك ربنا خلقنا لي؟ أول إجابة في راسك حتكون للعبادة؛ أنا أول إجابة حتجي في راسي هو انو الله خلقنا لاستخلافه في الأرض للشهاده له على الناس بالقسط؛ ودا ما معناها ما مطلوب نعبدو لكن دا مناط عبادته. فالصفة الوحيدة الربنا عز وجل شهد بيه على نفسو وطلب من عباده المؤمنين يشهدوا ليها بيهو هو صفة قيامه بالقسط! (شهد الله أنه لا إله إلا الله والمكلائكة وأو العلم قائما بالقسط) وهنا الغرض من إرسال الرسالات بحسب القرآن هو كان القيام بالقسط (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط). لاحظ (الناس) ما المؤمنين. لكن الله طالب المؤمنين بي إنو (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) وفي آية (كونوا قوامين لله شهداء بالقسط). آخر فيلسوف صيحة في العالم الغربي (الكافر) جون رولز وغالب فلاسفة السياسية شايفين إنو القيمة الكلية للاجتماع البشري هي القسط Justice. وهنا الدولة الحديثة دي بي فكرة تساوي الناس فيها أمام القانون مسلمهم وكافرهم أنا شايفها أعدل وأقسط من أي صيغة تاريخية وأقسط وأعدل من اي تصور لي صيغة إسلامية أنا اطلعت عليها كان للمودودي ولا سيد قطب ولا غيرهم! زي ما ذكر ستيڤن بنكر في كتابه الرائع The Better Angeles of Our Nature عن تاريخ العنف في العالم؛ قال إنو العنف وسفك الدماء ديل قلو جدا في العالم منذ ظهور الدولة الحدودية الحديثة (شوف الصورة)؛ وأنا شايف ربما حيقلو أكتر لو دول الجنوب في العالم بقت دول صناعية قوية! تخيل حجم الحروب الحتكون حاصلة في العالم دا حسع لو ماظهرت فكرة الحدود؛ أو بعد ما ظهرت الدولة الحدودية دي أصرت مجموعات على إنها تكون منحازة لي هوية ثقافية معينة زي ما حاصل في السودان من 1955؟ وعليه، تمدد ما يدعى على أنه "التصور الإسلامي للدولة" في نهايتو المُثلى حيجيب لي عالم مقسوم لي مؤمنين وكفار؛ ولا عالم كلو دولة إسلامية جواها مواطنين درجة أولى وواحدين درجة تانية واحدين بيدفعوا زكاة وواحدين بيدفعوا جزية ودايما عندهم رغبة في التمرد. بينما تمدد الدولة الحديثة حيجيب لي عالم في نهايتو المثلى فيهو شكل حوكمي بتاع أمم متحدة تحتها دول كلها اي زول عايش فيها مواطن درجة أولى بعداك إن شاء فليومن وإن شاء فليكفر؛ وهنا أنا مهمتي كمسلم عبر الدولة إني أحقق ليهو القسط ولا يجرمني شنئانه أو كفره من أن أعدل فيه واستخلف الله فيه بالرحمة شهادة له بالقسط. دي أنا شايفها صيغة أعدل وأقسط. وأنا هنا بلتزم بالقسط كقيمة وجودية بيحددها القرآن اكتر من الإجراء التاريخي الاتنزلت بيهو القيمة دي في واقع التنزل الأول للنص؛ انت غالبا بتساوي بين القيمة والإجراء وأنا اجتهادي إني أشوف ياتو إجراء في ياتو زمان ومكان أبلغ في إحقاق القيمة! السويد الأغلب أهلها كفار كدولة أبلغ من إحقاق قيمة القسط من الإنقاذ (الإسلامية) الأغلب أهلها مسلمين! فباختصار نحن بس ما شكلنا ندين بنفس الدين وإن كنا الاتنين مسلمين! لكن انا ما بقدس الدولة؛ بقدس كرامة الإنسان ومهمتي إني أقيم القسط في الإنسان دا مسلما كان أم كافرا شهادة لله بالصفة دي على الأرض؛ دي مهمتي الوجودية كمستخلف لله في الأرض، حسب فهمي ليها الممكن جدا يكون غلط وعلى ضلال. وهنا أنا شايف إنو الدولة الحديثة بمقتضى وقوفها على مسافة واحدة من كل الأديان في فضائها الجغرافي أبلغ في تحقيق كرامة الإنسان من التصورات التاريخية للدولة وما يقال إنو تصورات "إسلامية" للدولة! مرة تانية؛ أنا طبعا ما أصولي؛ فما عندي تصور إنو فهمي للدين هو الصح؛ وما معني أصلا بي إني أقنع زول إنو فهمي دا هو الصح! فلست مفتريا على الله؛ ولست ناطقا بإسمه؛ ولست موقعا عنه!